طارق الحريرى يكتب: يوميات المترو (2).. كارثة فى عربة السيدات

الخميس، 12 ديسمبر 2019 02:00 م
طارق الحريرى يكتب: يوميات المترو (2).. كارثة فى عربة السيدات مترو الأنفاق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أثار صراخ الفتيات والهلع فى دنيا كوكب المترو فزع الجميع.

فدعونا نعرف قبل رواية الأحداث من هن الفتيات اللائى حلت بهن المصيبة.

حينما تبدأ الدراسة الجامعية يزدحم المترو فى الخط الثالث طوال النهار بالطالبات من كلية البنات التابعة لجامعة عين شمس.. لذلك تسمى المنطقة ومحطة المترو "كلية البنات".. الغالبية العظمى من الطالبات يستخدمن مترو الأنفاق، الأكثر سرعة وأمانا، وبسبب ضخامة أعداد البنات لم تعد العربتان المخصصتان لركوب السيدات تكفى، لذلك ينتشرن فى باقى عربات المترو يزاحمن الرجال، زحمة مصحوبة بدوشة لطيفة ناتجة عن السرسعة بأصواتهن العالية فى أحاديث لا تنتهى.

أكثرية الفتيات من الأقاليم القريبة من القاهرة يصلن إلى ميدان رمسيس بالقطارات، ومن محطة المترو الملاصقة لمحطة القطار يتم ركوب المترو، وبالطبع يتم التغيير فى العتبة وصولا إلى محطة كلية البنات، من السهل تمييز هذه البنات بسهولة نتيجة اختلاف اللكنة، والملابس الفضفاضة والحجاب المحكم، على عكس بنات القاهرة حيث يزداد من عام لآخر التخلى عن الطرحة، والكثيرات ببنطلونات الجنز الاسترتش حتى بين المحجبات التى تكشف الطرح لديهن جزء من الشعر تختلف مساحتها من واحدة لأخرى.

وهكذا فإن موسم الدراسة يضفى من جحافل البنات بهجة فى المترو، بسبب روح الشباب التى تضاعفها زقزقتهم كالعصافير من لحظة الركوب حتى النزول.

 لكن الأمر تحول ذات مرة إلى فاجعة، أتت وقائعها من إحدى عربتى السيدات عندما علا الصراخ بقوة، وما أن توقف المترو فى المحطة التالية أفزعت هستيريا الصراخ وتردد أصداءه فى جنبات المحطة الواقفين فى انتظار المترو، الذين هرعوا نحو العربة التى تصدر منها صيحات الاستنجاد، ونزل الركاب من العربات الأخرى جريا نحو هذه العربة لنجدة الفتيات المسكينات، فى ما يبدو أنه كارثة قد وقعت فى عربة السيدات التى تحتلها فى هذا التوقيت غالبية عظمى من الطالبات.

تدافعت البنات برعب خارج العربة، بينما بقيت أخريات عالقات وقوفا فوق المقاعد، خوفا من النزول على أرض العربة وقد اكتست ملامح وجوههن بالرعب، كان من بين الذين اندفعوا نحو عربة المصيبة المجهولة جندى الشرطة الذى يقف على رصيف المحطة، كان يجرى وقد رفع عصاه استعداد للاشتباك مع عدو غير معروف، ومع وصوله كانت صيحات الفتيات تتعالى ردا على استفسار الركاب.. فار.. فار.. زعق الجندى فين المحروس ده.

 فأخذت البنات تشاور إلى داخل العربة برعب، فقفز الجندى إلى الداخل وقف ينظر فى تحدى فى أرض العربة، ثم جلس على ركبتيه بعد أن خفض رأسه يجول بعينيه أسفل المقاعد، ثم هب واقفا وبدأ فى التحرك نحو آخر العربة وهو يشير بإصبعه أمام شفتيه وقد ضمهما كى يصمت الجميع.. تقدم بهدوء على أطراف بيادته الضخمة، وما أن وصل نهاية العربة انبطح بهدوء ومد يده بأقصى سرعة يقتنص الفأر.. ظفر به وهو يرفعه من ذيله وسط تهليل الجميع.. وقف الجندى على باب العربة متفاخرا وشخط فى نبرة معايرة وتهكم:

- دا فار لعبة يا محروسه منك ليها.

بدا الفأر متقن الصنع كما لو كان حقيقيا.. (صاحت) الفتيات لعبة!

- أيوه لعبة.

- بس دا كان بيجرى على الأرض.

- لعبة ياخايبين..

- إيه الهزار العبيط ده.. دى قلة أدب.

- والله العظيم دا لو كان فار بجد عندنا فى الصعيد كانت النسوان هرسته بإيديها.

وصل رئيس المحطة يميزه اليونيفورم ومعه ضابط من الذين ترقوا من رتبة الأمناء وأمين شرطة واتجهوا نحو الجندى الذى كان يلوح بالفأر متباهيا فصاح به الضابط:

- فيه إيه يا عسكرى

- ما فيش حاجة يا باشا.. فار لعبة خوف البنات المايصة دى.

- خلاص أسكت ولم لسانك.

- والفار اللعبة أعمل فيه أيه يا باشا قبل ماتيجى واحدة من برة المحطة تصوت لنا.

- إديه للأمين.

- مش ممكن أخده للعيال وأنا مروح يلعبوا بيه فى البلد.. ولا على إيه العيال بيلعبوا بالفيران اللى بجد عندنا.

- لو ما منعتش الكلام يا عسكرى حاوقع عليك جزا فورا.

- حاضر ياباشا حاسكت خالص.

- ( نظر الضابط حوله) فيه حد اتصاب من البنات فى التدافع.

- (البنات) لا

أوما الضابط لناظر المحطة الذى رفع يده صوب كاميرا الرصيف القريبة يشاور بعلامة للموظف فى غرفة الكنترول، فانطلق صوت الإذاعة الداخلية على السادة الركاب مغادرة الرصيف وركوب القطار وتكرر النداء مرتين.. ثم وجه نداء للسائق.. السيد قائد القطار سرعة تشهيل المأمورية واستكمال الرحلة فورا.

فى التو خلا الرصيف من الركاب وعادت فتيات النينجا لعربة السيدات.

.. أغلقت الأبواب وتحرك القطار.    

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة