أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 18 نوفمبر 1951.. الإسماعيلية تتحول إلى ساحة قتال ضد جنود الاحتلال الإنجليزى بقيادة 50 فدائيا

الإثنين، 18 نوفمبر 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 18 نوفمبر 1951.. الإسماعيلية تتحول إلى ساحة قتال ضد جنود الاحتلال الإنجليزى بقيادة 50 فدائيا كمال رفعت
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حلقت طائرات الاحتلال الإنجليزى فى سماء مدينة الإسماعيلية، وطافت دبابات ومصفحات وعربات مسلحة تجوب الشوارع وانطلقت حملات تفتيش على جميع فنادق المدينة ثم على بيوتها، حسبما يذكر كمال الدين رفعت فى مذكراته «حرب التحرير الوطنية بين إلغاء معاهدة 1936 وإلغاء اتفاقية 1954»، عن «دار الكتب والوثائق القومية–القاهرة».
 كان كمال رفعت أحد قيادات تنظيم الضباط الأحرار الذى قام بثورة 23 يوليو 1952، والمكلف من التنظيم بقيادة المقاومة الفدائية السرية فى منطقة القناة قبل الثورة، ثم بعدها وحتى جلاء الإنجليز عن مصر عام 1954، ووفقا للدكتور يحيى الشاعر فى كتابه «الوجه الآخر للميدالية–أسرار المقاومة السرية فى بورسعيد 1956»، فإن الرئيس جمال عبدالناصر كلفه أثناء العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 بأن يكون «قائد عام تجمعات المقاومة السرية فى منطقة القناة والمنسق العام مع المقاومة فى الوطن العربى».
بهذه الحيثية النضالية لرفعت فإن لديه الكثير من الأسرار عن طبيعة وتكوينات المقاومة السرية، التى تفجرت ضد الاستعمار من أجل الاستقلال ليس فى مصر وفقط، وإنما فى المنطقة العربية فى خمسينيات وستينيات من القرن الماضى.. وتعد مذكراته «حرب التحرير الوطنية» وثيقة مهمة عن المقاومة الفدائية السرية فى منطقة القناة فى الأربعينيات من القرن الماضى، وحتى قيام ثورة يوليو 1952 ودور تنظيم الضباط الأحرار فيها..نعرف فى هذه المذكرات ما حدث لمدينة الإسماعيلية يوم 18 نوفمبر، مثل هذا اليوم، عام 1951، وبدأت مقدماته من يوم 16 نوفمبر 1951، حينما نجح الفدائيون بتخطيط ومشاركة ثلاثة من الضباط الأحرار بتفجير معسكر “طيران الإسماعيلية».
 وفى صباح يوم 17 نوفمبر انطلقت الشائعات بأن «قطط» مشتعلة تحمل متفجرات بساعات توقيت وزعت الحرائق على المعسكرات.. يؤكد«رفعت» إن الإنجليز كانوا متأكدين أن الذين قاموا بهذه المعركة ليسوا من المدينة، وإنما وافدين عليها، ومدربون تدريبا عاليا على حرب العصابات، ولهذا طارت الطائرات وانطلقت الدوريات فى حملات تفتيش للبحث عنهم، واحتلت القوات البريطانية المدينة احتلالا كاملا وبعد أن اطمأنت إلى مواقعها، سارت قوة منها إلى المحافظة واختطفت الحارس، لكنه تمكن من إطلاق البروجى فأسرع الإنجليز بإطلاق الرصاص على رجال البوليس الذين خرجوا من المحافظة، وكانت معركة شاملة بين البوليس والأهالى وبين قوات الاحتلال البريطانية.. استمرت المعركة حتى منتصف الليل، وسقط من الجانبين عشرات القتلى، ومع أنها لم تكن متكافئة بالإضافة إلى غدر الإنجليز وخيانتهم، فإنهم بذلوا كل جهدهم لوقف المعركة، فطافت سيارات الاحتلال بمكبرات الصوت تطالب جنودهم بالانسحاب والعودة إلى ثكناتهم. فى يوم 18 نوفمبر ظهرا، أجرى الضابط مصطفى «اسم سرى» قائد مجموعة الضباط فى عملية «طيران إسماعيلية» اتصالا مع «غريب تومى» أحد أبطال المقاومة فى الإسماعيلية، يطلب منه الرد على ما فعله الإنجليز يوم «17 نوفمبر»، وينقل «رفعت» فى مذكراته شهادة «تومى» قائلا: «اتصل» مصطفى، قائد مجموعة الضباط بى، وقال إنه من الضرورى أن نرد على حوادث الأمس، وكنا عقدنا اجتماعا وقررنا بعد دراسة دقيقة لشوارع الإسماعيلية، واختيار المنازل التى تصلح مواقع لإطلاق النار، وكذلك تحديد عدد المقاتلين الذين بلغوا حوالى 50 مقاتلا، وما كاد كل منا يحتل موقعه الذى حدد له حتى كانت قوات بريطانية ضخمة تتحرك فوق المصفحات والدبابات وعربات اللاسلكى، وكانت قوات مشاة الإنجليز تحتل الشوارع الرئيسية والميادين العامة، وما إن حوصرت قوات بلوكات النظام حتى انطلق رصاص الإنجليز فى الشوارع على المارة فيها وعلى نوافذ المنازل وسطوحها،وماهى سوى لحظات إلا وانطلق رصاص الوطنيين يخترق صدور الأعداء ويردى بهم قتلى فى شوارع المدينة».
دخل عنصر جديد فى هذه المعركة ويكشف معدن المصريين فى مثل هذه الأوقات، يذكره «رفعت» على لسان «تومى» قائلا: «دخل عنصر جديد فى المعركة هو من يطلق عليهم اسم «الشبيحة»، فهؤلاء الذين لم يكن لهم هم إلا سرقة مهمات الإنجليز وأسلحتهم وبيعها، تحولوا فى لحظة إلى رجال أبناء الوطن المخلصين.. أتى هؤلاء الرجال بأكوام من الأسلحة وأخذوا يوزعونها على الأهالى فى الشوارع وعلى الجنود فى مواقعهم، وتحولت الإسماعيلية كلها إلى ساحة قتال كل من بها يحمل سلاحا،الأهالى فى أيديهم السلاح، رجال بلوكات النظام الذين نفدت ذخيرتهم –حيث كانت أوامر «فؤاد سراج الدين» وزير الداخلية تقضى بألا تتعدى عشر طلقات –ملكوا الذخيرة التى نفذت منهم، حتى النساء حملن السلاح، ولم تقف مساعدتهن على تمويل الرجال بالذخيرة، وإنما أيضا بالاشتراك فى القتال».
 يؤكد: «بلغ سخط الشعب حدا جعل الأهالى رجالا ونساء يلقون بالجنود الإنجليز إلى الترعة وهم نصف أحياء، واستمرت المعركة حوالى أربع ساعات»، وكانت حصيلتها: «سقط منا ما يقرب من العشرين شهيدا بين رجال ونساء، وسقط من الإنجليز المئات، وحوالى السابعة مساء بعد أن هدأت المعركة أطلقت البوارج الحربية الإنجليزية فى بحيرة التمساح طلقاتها المحمومة على المدينة الباسلة لإرهابها».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة