وائل السمري يكتب.. كيف أعاد نصر محروس البريق إلى نفسه بـ"ملطشة القلوب" كألمع منتجى التسعينيات؟ ليجسد وحده ظاهرة "المنتج النجم".. وهل يستطيع صانع النجوم الأشهر فى زمن الكاسيت أن يحتل نفس المكانة فى زمن اليوتيوب؟

الأحد، 10 نوفمبر 2019 06:04 م
وائل السمري يكتب.. كيف أعاد نصر محروس البريق إلى نفسه بـ"ملطشة القلوب" كألمع منتجى التسعينيات؟ ليجسد وحده ظاهرة "المنتج النجم".. وهل يستطيع صانع النجوم الأشهر فى زمن الكاسيت أن يحتل نفس المكانة فى زمن اليوتيوب؟ نصر محروس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أندهش أبدا من تلك الشعبية الكاسحة التي اكتسبتها أغنية "ملطشة القلوب" للفنان مصطفي شوقي، فكلمات صابر كمال جميلة خفيفة راقية، تشبه في مضمونها كلمات المونولوجات القديمة مثل "الحب بهدلة" لاسماعيل ياسين وشكوكو، وألحان بلال سرور متميزة في تنوع إيقاعاته وتدفق جمله ما بين الجمل الراقصة وحتى الجمل الحالمة الرومانسية التي إن نزعنا منها الكلمات لوجدناها على أتم الاستعداد لحمل أثقل المعاني الرومانسية بسلاسة، وتوزيع رامي سمير "شقي" يناسب تمامًا شقاوة الكلمات والألحان والأداء، أما أداء مصطفى شوقي في تلك الأغنية كان على قدر كبير من التوفيق والإبهار، فلا استعراض ولا استخفاف ولا استظراف، بل ثقة يحسد عليها، وانسابية تنم عن خبرة كبيرة في الغناء برغم عدم تحقيقه لشهرة ذات بال قبل تلك الأغنية، لكن أكثر الأشياء التي جعلتني لا أندهش على الإطلاق من تلك الشعبية الملحوظة هو وجود اسم "فري ميوزيك" على الأغنية، وهو الاسم المحبب لأبناء جيلي الذين كانوا يتعاملون مع هذا الاسم باعتباره "علامة الجودة".
 
 
 
 
 
كانت فري ميوزيك في التسعينيات وبداية الألفية أشبه بالحالة الفنية أكثر منها شركة إنتاج، وكان لاسم صاحبها دوي مجلل في عالم الموسيقى، فمن الطبيعي أن يستحوذ نجوم الغناء والطرب والتمثيل على نصيب الأسد من الشهرة والنجومية والأضواء، ومن النادر أن نجد ملحنا أو مخرجا أو شاعرا استطاع الدخول إلى تلك الدائرة الضيقة، ويزداد الأمر صعوبة في حالة المنتجين الذين يختبئون كثيرا وراء الكواليس، وإن حظي بعضهم بالشهرة فللأسف غالبا تكون شهرة سلبية، فكلمة "الجمهور عايز كده" غالبا جملة اخترعها المنتجون، الذين صورتهم الأعمال الدرامية باعتبارهم ماكينات عد أموال ليس أكثر، وكل ما يهمهم هو تحصيل الإيرادات أو مبيعات الألبومات، لكن الوسط الفني عامة والغنائي تحديدا شهد ظهور المنتج "نصر محروس" باعتباره  المنتج "النجم" في حالة تكاد تكون "متفردة".
 
 
نصر محروس
نصر محروس
 
وائل السمرى
وائل السمرى
 
لا يعني هذا أن الصورة الذهنية عند الناس عن المنتج "نصر محروس" غير مرتبطة بالمال أو الإيرادات أو مبيعات الألبومات، على العكس تماما، فقد ارتبط اسمه بالشهرة المدوية، والمبيعات الضخمة والأرقام التي كنا نصفها بالفلكية، كما ارتبط كذلك بخلافاته مع الفنانين الذين صنع شهرتهم وأرادوا أن يتركوه منطلقين نحو شركات أخرى وفضاءات أوسع فظهرت خلافاتهم ومشكلاتهم التي ارتبطت في العادة بالمال، لكنه مع ذلك حافظ على صورة المنتج "النجم" لأن الناس عادة تقدر "اللعبة الحلوة" وفي الحقيقية هو سيد من يلعبها.
 
 
 
 
 
 
نصر محروس، من وجهة نظري كان أشبه للقيصر الذي يعيش سعيدا في مملكته بين أتباعه وخلصائه، وفجأة ينقلب الجميع عليه ويزيحونه من على العرش، سرعان ما يجمع شتات نفسه ويعد العدة ليخطف ما خطفوه منه مرة أخرى، وفي اعتقادي أن تلك الحالة الثقة في الذات هي ما صنعت شخصية نصر محروس الحقيقية، فهو جريء بشكل عصي على الفهم، مبتكر إلى أقصى حد، لا يتهيب من إحداث صدمة لجماهيره، في أي وقت، وما أن تفيق من هذه الصدمة حتى تجد نفسك عاشقا لها متيما بها، ففي عز اضطراب سوق الكاسيت في مصر طلع نصر محروس علينا بألبوم لعازف الساكس الشهير "سمير سرور" ليكتسح سوق الموسيقى جاعلا من هذا العازف العظيم المحجوب عن الجماهير نجما كبيرا، ليوضع في الحفلات وقوائم التوزيع رأسا برأس مع أكبر نجوم الطرب والغناء، نفس الجرأة هي التي جعلت يقدم أغنية لمجموعة أطفال مجهولين بعنوان "بابا فين" فيصبح حديث مصر كلها، وهي ذات الجرأة أيضا أن يقدم قالب "الديويتو" من جديد عبر صوت شرين عبد الوهاب وتامر حسني فيجعل الناس كلها تنسى أسماءهم الفردية ويطلقون على الأثنين اسم "تامر وشرين" ويصبح حلم كل شاب في مصر أن يمسك بجيتار مثل "تامر" وتتغنى كل بكل ثقة "إيه يعني غرامك ودعني".
 
 
 
 
 
 
 
 
 
كان نصر محروس في مجده حالة فنية كما ذكرنا، وظل واقفا في عالم الكاسيت قبل أن يصبح عالم "السي دي" ثم عالم "التراك" على ساوند كلاود أو يوتيوب، صامدا أمام حيتان الشركات الكبرى وتوغل الكيانات الفنية الأجنبية، التي سعت بكل قوة أن تخطف منه نجومه وتستولى على ما أنجزه بإغراءات مادية فاقت الوصف والتوقعات، في وسط غياب ضمير فني يحارب الاحتكار أو حتى يجرمه، لكنه كان حتى وقت قريب قادرا على إثبات أن "الكترة" لا تغلب "الشجاعة" دائما، لكنه بريقه زال رويدا رويدا بعد العديد من الضربات الموجعة حتى كاد أن يختفي. 
 
 
ليه يا دنيا الواحد
                صورة من كواليس اغنية "ليه يا دنيا الواحد"
 
عشرات النجوم عملوا مع "محروس" العديد منهم يدينون له بالفضل أولا وأخيرا، ولمحروس مواهب أخرى في التأليف والإخراج، لكن نجوميته الحقيقية تكمن في كونه منتجا فحسب، هو "الطباخ" الذي يحتفظ بسر الخلطة، وهو النحات الذي يحفر بكل موهبة قالب على مقاسها، والآن يعود نصر محروس إلى عالم المفاجآت بـملطشة القلوب" بالإضافة إلى صوتين واعدين لمطربتين جيدتين "ساندرا الحاج، ونغم صالح، فهل يعود إلى مكانته التي فاتها وفاتته، كما تتناقل الأخبار عن انطلاقة أخرى للصوت الجبار "بهاء سلطان" فهل يحقق نصر محروس ذات الشهرة التي حققها في التسعينات في زمن اليوتيوب والساوند كلود؟
 
 
نصر محروس وبهاء سلطان
نصر محروس وبهاء سلطان
 
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة