أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

نادر وممدوح وأول شهيد ومعرض الغنائم وطعم العبور.. من سيرة أيام النصر

السبت، 05 أكتوبر 2019 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الجيل الذى كان فى بداية المراهقة عندما عبر الجيش قناة السويس، كان هو الجيل الذى رأى الترقب والانتظار على وجوه الآباء، انتظارا للحظة الانتصار. عدنا من يوم دراسى عادى، كل شىء يسير طبيعيا، لكن أجواء الحرب لم تغادر البلد طوال السنوات ما بعد 5 يونيو، كانت الأجواء فى الجامعات والشارع بعيدة عن توقع قرار حرب. 
 
 المظاهرات التى شهدتها الجامعات وعام الضباب أوحت بأن قرار الحرب ليس قريبا.. فقد كانت المظاهرات تطالب بالحرب الآن، واستعادة الكرامة، والرئيس السادات لم يعط أى انطباع بأنه سوف يفعلها، لهذا كانت الحرب مفاجأة. ارتفعت صورة السادات بعد الانتصار، خاصة لدى الآباء الذين عاشوا انكسار الهزيمة.
 
بدأت البيوت تأخذ أجواء الحرب، صحيح لم تشهد الأسواق شحا فى السلع الأساسية، لكن الأمهات والآباء اتخذوا أجواء تقشف كنوع من المشاركة التلقائية، كان هناك شعور بالتضامن والمساندة لأبطال القوات المسلحة، تبدت أكثر فى مظاهرة خرجت فيها البلدة كلها لتودع أول شهيد ين من بسيون، كان أحدهما جارنا، ودعته النساء بالزغاريد والرجال بالهتاف الشهيد حبيب الله. وبعد أيام عاد جارنا عادل شقيق زميلى ميشيل جارنا فى الشارع واحتفلنا به كبطل عائد من العبور.
 
كانت أخبار العبور مفاجأة مفرحة، انعكست على وجوه المصريين الذين احتفلوا فى الشوارع، وهم يستعدون لأيام الحرب المقبلة، الكثير من الأخبار والمعلومات لم تعرف إلا بعد سنوات، لكن المصريين فى كل مكان كانوا يتابعون الحرب فى الإذاعة والتليفزيون القليل وقتها يجتمعون فى بيت فيه تليفزيون ليستمعوا إلى البيانات، وبالفعل كانت صورة الرئيس أنور السادات اتخذت أضواء بعد سنوات من الانتظار.
 
فى بلدتنا بسيون فى محافظة الغربية، كانت بالقرب من مطار برما، والمنصورة وكانت أصوات الطلعات الجوية تضعنا فى وسط الحرب، قبلها استقبلت بسيون فى مدارسها وشوارعها مئات المهجرين من بورسعيد والسويس، سرعان ما اندمجوا فى البلد، وصادقت عدد منهم ربما ما أزال أذكر نادر وممدوح، اللذين ارتبطت معهما بصداقة وكانا يزوراننا فى منزلنا لنشاهد مباريات كرة القدم، فى التليفزيون، لا أعرف مكان نادر وممدوح اللذين عادا لبورسعيد بعد تعميرها، ومازلت أتذكر فرحهما بالعبور، وأنه يقرب موعد عودتهما لبورسعيد. 
 
أبرز علامات الحرب، هو صبغ زجاج الشبابيك باللون الأزرق، وصوت صفارة الغارات المتقطع، من فوق المساكن الشعبية، ثم صوته المتواصل علامة زوال الخطر، بعد المدارس والمؤسسات قامت أمامها أسوار حجرية بارتفاع متر، قوات الدفاع المدنى من المتطوعية فى الشوارع، وصوت صفارات ليليلة «اطفى النور»، لم تكن الكهرباء قد انتشرت فى كل البلد، ومع هذا كانت النوافذ تتيح أحيانا تسرب أضواء لمبات الجاز والكلوبات.
 
كنا نسمع طوال الوقت الطلعات الجوية لنسور الجو، وصعدنا على الأسطح لنتابع معركة الطيران يوم 14 أكتوبر أكبر معارك الطيران فى العصر الحديث هاجم العدو بـ86 طائرة تصدت لها طائراتنا، ودفاعنا الجوى أسقطنا 44 طائرة، مقابل 7 فقط، كان مطار برما على بعد 10 كيلومترات من بسيون. إحدى الطائرات سقطت فى الحقول القريبة منا، وظللت أحتفظ منها بقطعة زجاج، ظلت تمنحنى شعورا بأننى كنت شاهدا على الانتصار. 
 
بعد أيام عدنا للمدرسة الإعدادية كانت فرحة العبور على وجوه المدرسين والمدرسات وحكاياتهم، وعبقرية العبور وبطولات جنودنا، خلدتها صور الفخر ورفع العلم وعلامات النصر. 
 
فى الشتاء التالى للحرب، أقيم معرض الغنائم فى أرض المعارض بالجزيرة، حيث دار الأوبرا اليوم، وشهدنا مع معلمينا وزملائنا الدبابات والأسلحة التى غنمها جيشنا، كانت لهذه الأيام طعمها، ولونها، وحكاياتها التى ماتزال تنتظر من يكتبها.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة