عبد الفتاح عبد المنعم يكتب:لماذا يتعنت أحمد عز؟.. تعامل رجل الأعمال مع خلاف حول قطعة أرض مع مواطن بالإسكندرية يثير علامات الاستفهام..وشركة "عز الدخيلة" تتجاهل المنطق بفرض الأمر الواقع ووضع اليد رغم أحقية المدعى

الأربعاء، 30 أكتوبر 2019 03:59 م
عبد الفتاح عبد المنعم يكتب:لماذا يتعنت أحمد عز؟.. تعامل رجل الأعمال مع خلاف حول قطعة أرض مع مواطن بالإسكندرية يثير علامات الاستفهام..وشركة "عز الدخيلة" تتجاهل المنطق بفرض الأمر الواقع ووضع اليد رغم أحقية المدعى عبد الفتاح عبد المنعم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا أحد يُنكر نجاح المهندس أحمد عز، أحد أبرز العاملين فى قطاع صناعة الصلب، لكن بالدرجة نفسها قد يصعب إنكار أنه الرجل الأكثر إثارة للجدل فى سوق الصناعة، وأحد المحاطين بسيل من علامات الاستفهام طوال الوقت!

 

بدأ "عز" رحلته بشكل متواضع، وفى غضون سنوات قليلة حقق قفزات ضخمة، انتهت إلى استحواذه على حصة حاكمة من الشركة الوطنية للحديد والصلب "الدخيلة"، فى صفقة قال متابعون وقتها إنها تنطوى على ملاحظات عديدة، وعزاها آخرون إلى علاقة وطيدة جمعت "عز" بمسؤولين تنفيذيين سابقين، وإلى اقترابه من دوائر الحُكم فى نظام مبارك، وهو الأمر الذى تأكد لاحقا بتقدمه فى أروقة الحزب الوطنى الديمقراطى، ليكون واحدا من مجموعة قليلة تتحكم فى مقاليده وآليات عمله.

تعرض أحمد عز لهجوم متصل فى السنوات السابقة على ثورة 25 يناير، التى انتهت إلى مواجهته عددا من القضايا والاتهامات، وقضائه سنوات وراء القضبان، لكن بعدما انقشع كل هذا الغبار وعاد "عز" إلى مكتبه الوثير فى مجموعات شركات الحديد، وإلى مقر إقامته الفاخر فى فورسيزون، يبدو أنه ما يزال مُحتفظا بقدر من غطرسة سنوات السلطة، ويحن إلى جبروت "الحزب الوطنى".

 

بالتأكيد لا أحب أن أبدو مهاجما لمستثمر ناجح، لكن بعض الأمور قد ترفع درجة الحرارة اضطرارا، خاصة إذا انطوت على تجاوزات وشبهات لا يقابلها ردّ وإيضاح مقنعين. وهذا ما يحدث الآن فى خلاف مُحتدم بين شركة "عز الدخيلة" التابعة لمجموعة أحمد عز، وأحد المواطنين العاديين، فى واقعة يبدو أنها لا تخلو من الاستفهام والشبهات، كما هى العادة مع كل الملفات التى يحضر فيها رجل الحزب الوطنى السابق.

يدور الخلاف حول قطعة أرض مساحتها 29 فدانا فى الإسكندرية، اشترتها الشركة الوطنية من شخص اسمه وحيد رأفت فى العام 1999، لكنها لم تُسدد كامل قيمتها، ولم تُسجل العقد وتنقل الملكية، وبعد عشرين سنة من التعاقد ترفض الشركة تسوية الأمر مع المالك، الذى حصل على حُكم بثبوت الملكية، وحرّك دعوى مؤخرا يُطالب فيها بطرد الشركة وتسليمه قطعة الأرض المتنازع عليها.

 

يقول المالك فى دعواه إن الشركة تقاعست عن التسجيل، ما تسبب فى تقادم العقد وفق نصوص القانون المدنى، بينما ادّعت الشركة فى خطاب لقطاع الإفصاح بالبورصة أن موقفها لا تشوبه شائبة، تأسيسا فقط على حيازتها للأرض، رغم أنها اعترفت بعدم تسجيل العقد ونقل الملكية، وبعدم سداد باقى قيمة الأرض.

 

اطّلعت على أوراق الدعوى، وعلى رد الشركة، ثم تعقيب محامى المالك على الردّ، ومن محصلة تلك الأوراق والمعلومات والتفاصيل، يبدو أن هناك أمرا غامضا، ومساحات لا تغيب عنها الشبهة وسوء الرائحة، خاصة فى ظل اتصال الأمر بشركة عملاقة تستحوذ على قرابة 50% من مبيعات الحديد المحلى، وليس من المنطقى أن تُراهن بسُمعتها أو تضعها على المحك، أو تُغامر بفقدان قطعة أرض ضخمة أدرجتها ضمن أصولها وأصبحت عاملا مهما فى تسعير أسهمها وفى القيمة الإجمالية للشركة.

ما توفره المعلومات من تفاصيل يُؤكد أن الأمر ليس بريئا تماما. المالك يقول إن أحمد عز استغل نفوذه فى السنوات التالية لاستحواذه على الشركة فى العام 2002 لتعطيل إثبات الملكية وتسجيل العقد وسداد باقى مستحقاته، مبررا الأمر بعلاقته بالنظام السابق وسطوته على الحزب الوطنى، والشركة لا تُقدّم ردًّا مقنعا على تلك الشبهات والاتهامات، وبين المحطتين تقف الشركة وحدها مهددة بسبب التعنت، خاصة إذا نجح المالك فى انتزاع حكم بطردها وتسليمه الأرض، ما يعنى التضحية بحقوق المساهمين وحملة الأسهم والمال العام الممثل فى الشركة. وتلك نقطة أخرى تُحيط "عز" بمزيد من علامات الاستفهام!

المعروف فى عالم البيزنس أن الشركات الكبرى لا تُفضل اللجوء إلى المحاكم إلا اضطرارا، وتعمل على تسوية نزاعاتها بالطريق الودى كلما تيسّر ذلك، لكن فى حالة أرض "العز الدخيلة" لا يبدو أن أحمد عز يهتم بتلك النقطة، فى الوقت الذى يواجه فيه دعوى تهدد بفقدانه أصلا مهما من أصول شركته، وهو الأمر الذى يُحتمل معه أن يكون "عز" آمنا من الخسارة التى قد يتكبدها المال العام والمساهمون، أو أنه يحن إلى زمان ولّى ولن يعود، عنوانه الغطرسة والتسلط المعبق برائحة "الحزب الوطنى".

قالت الشركة فى ردها إن عليها مديونية تقارب 5 ملايين جنيه، لكنها قالت فى الوقت نفسه إنها تحوز الأرض ولا غبار على موقفها القانونى، ولم تُشر إلى أى مسار للتسوية أو استعداد للنزاع القضائى. الرد فيه من الغطرسة ما يُبشر بصراع طويل أمام المحاكم، وفيه من التبجح ما يضع الشركة ومسؤوليها فى موقف مُحرج أمام الرأى العام وسوق المال، خاصة أنهم غير مسؤولين عن تلك الغطرسة!

ما تردد فى تقارير إعلامية، نقلا عن مصادر داخل الشركة، قال إن عددا من مسؤولى القيادة العليا وأعضاء الشؤون القانونية فضّلوا الذهاب إلى تسوية ودية، وقالوا إن الموقف القانونى للملك قوى من واقع الأوراق، وحتى لو لم يكن قويا فإن الخسائر المحتملة للتقاضى، على السُمعة ومركز الشركة السوقى ووضعيتها فى سوق المال، تُجبرهم على السير باتجاه التسوية الهادئة، لكن فى المقابل يُصر "عز" على موقفه. بحسب ما تردد فى جلسة أخيرة لبعض رجاله، قال بوضوح ما معناه "سيبكم من الأشكال دى، مش هياخد حاجة".

الآن يبدو الموقف غامضا، ومستقبل الشركة مجهولا، فبين نزاع قضائى على قطعة ضخمة من أصولها، تُشير تقديرات المختصين إلى أن قيمتها تُقارب 450 مليون جنيه، وتشدد من مالك الحصة الحاكمة فيها رافضا أية تسوية أو سداد لحقوق الطرف الآخر، لا يعرف عشرات المساهمين وحائزى الأسهم، ولا جهات المال العام، مصير أموالهم التى تواجه رياحا عاتية، تُحركها نزوات أحمد عز ورائحة الغطرسة القديمة التى ما يزال متمسكا بها، وغير راغب فى التخلى عنها والاقتناع بما آلت إليه الأمور، والاحتكام إلى المنطق والعقل ودولة القانون.

نُحرص على مصلحة "العز الدخيلة" كواحدة من أبرز المعاقل الصناعية، لكننا نُحرص على حقوق عوام الناس ممن قد يُواجهون تعنتا من إدارة الشركة، والوضع الحالى ليس فى صالح الجميع، الأرض فى حيازة الشركة وستخسر كثيرا لو خسرتها، والمالك يحتج بأوراق وأحكام ودعاوى ويتمسك بحقه المتأخر 20 سنة، والسؤال القائم الذى لا يجد إجابة: لماذا يفعل أحمد عز ما يفعل؟ ولماذا يُغامر بمصالح الشركة ويتعنت فى سداد الحقوق؟!







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة