أحمد أبو على

مصر تستطيع

الأربعاء، 16 أكتوبر 2019 01:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على قدر ما تحمل تلك العبارة من تحديات وآمال، وعلى قدر ما تحمله من فخر واعتزاز بمصريتنا، إلا أنه دائما تثبت مصر بأنها حقا تستطيع، فمن خضم كل التحديات مهما اختلف نوعها ومضمونها وتوقيتها، تخرج الدولة المصرية منها واقفة وبعزيمة أكبر ورغبة فى الاستمرار والبناء أكبر بكثير.

على مدار الخمسة أعوام الماضية شهدت مصر تحديات كثيرة اختلفت أنواعها وأشكالها، منها السياسى والأمنى والاقتصادى، إلا أنى فى سياق حديثى هنا سأتناول التحديات الاقتصادية التى مر بها الاقتصاد المصرى خلال تلك الفترة من انهيار وضعف إلى أن وصلنا اليوم بأن تطلق مصر مؤتمرا اقتصاديا يضم نخبة من أفضل وأكبر المستثمرين المصريين الشرفاء بالخارج، لعل تلك المقارنة بين تلك الفترتين توضح حجم التحدى الذى بدأته مصر اقتصاديا ومازال مستمرا، حيث إن تحديات التنمية والبناء للدول لا تنتهى أبدا ولكنها تستمر مهما اختلفت آليات تنفيذها وأشكالها، ولكن الواقع المصرى منذ خمس سنوات شكل مفهوما جديدا من أشكال التنمية الاقتصادية التي اعتاد الاقتصاديون وحتى على صعيد المواطن العادي، فراحت مصر تبدأ معركتها نحو التنمية، هي حقا معركة ولكنها لا تعرف الهدم والخراب، هي معركة للبناء والتعمير، معركة أبطالها هم أبناء هذا الوطن الشرفاء والذين أدركوا حجم التحدى وحجم ما يحاك لوطنهم من تحديات، منها ما هو مدبر ومنها ما هو طبيعي، إلا أن تلك التحديات في النهاية إن لم تتم مواجهتها فى ذلك التوقيت، كانت نتائجها ستعم على الجميع بكل ما هو سلبي على الصعيد الاقتصادى.

 ومن هنا جاءت مراهنة القيادة السياسية متمثلة فى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى على وعى وإدراك الشعب المصرى، فرغم ما أشيع وقتها عن عدم تقبل الشعب المصرى لهذا التحدى الإصلاحى، راحت الدولة المصرية حكومة وشعبا ماضية فى طريقها نحو الإصلاح والبناء والتنمية، وفى خضم كل ذلك وضعت مصر نهجا جديدا ومختلفا للتنمية، وضعت طريقا جديدا قائما على مفاهيم التنمية المستدامة والتى تحقق الازدهار للأجيال الحالية وتحافظ أيضا على حقوق الأجيال القادمة من التنمية، مسيرة وإن اختلفت أبعاد تنفيذها الآن فإن نتائجها الإيجابية أظهرت وبشكل قاطع أن مصر حقا تستطيع، فمن اقتصاد انهار بشكل كامل فى أعقاب ثورة الـ 30 من يونيو وتراجع في معدلات الاستثمار ومشاكل هيكيلة كبرى في كافة القطاعات الاقتصادية وتراجع في مستويات الاحتياطي من النقد الأجنبي ومستوى متهالك فى البنية التحتية، إلى اقتصاد أعطى تجربة يحتذى بها فى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة على صعيد الأسواق الناشئة، وأصبحت تجربة مصر فى الإصلاح الاقتصادى رغم كل ما مرت به من تحديات فى آليات تنفيذها، إلا ان القيادة السياسية كسبت رهانها على البطل الحقيقي لنجاح تلك التجربة الإصلاحية وهو الشعب المصرى، وراحت كافة المؤسسات الاقتصادية العالمية على اختلاف تصنيفاتها ترى من تجربة مصر في الإصلاح الاقتصادى نموذجا يقدم للعالم للسير على خطاه.

وشكلت أجندة مصر للتنمية المستدامة 2030 رؤية جديدة لملامح دولة جديدة تضع معايير للتنمية بطرق مدروسة فى مختلف القطاعات الاقتصادية، ليس ذلك فحسب، بل إن الطموح المصرى على الصعيد الاقتصادى تخطى الإطار المحلى ليرسم ملامح رؤية تنموية على الصعيد الإقليمى وخاصة الأفريقى، انطلاقا من مسئولية مصر تجاه القارة الأفريقية، وإيمانا من مصر بواجبها تجاه قارتها فوضعت استراتيجية أفريقيا للتنمية المستدامة 2063.

 وفى سياق كل ذلك، شهد الاقتصاد المصرى حالة من التغيير الهيكلى لكافة قطاعاته لم يشهدها على مدار أكثر من ثلاثة عقود متواصلة، تغيير قائم على تشجيع آليات الإنتاج والتصدير وإعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية بما يتماشى مع التطور الاقتصادى العالمى، وبما يكسب الاقتصاد المصرى قدرا من التنافسية عالميا وإقليميا، وراحت مصر بإنشاء قدر من المشروعات القومية وإعادة رسم مفهوم جديد لم يعرفه المصريون من قبل وهو مفهوم المواطنة الاقتصادية، فلعل فائدة كل ما قامت الدولة المصرية بإنشائه من مشروعات اقتصادية أبعد بكثير من الفائدة الاقتصادية، حيث أعادت تلك المشروعات كل معانى الانتماء والمواطنة للمواطن المصرى، وهو يرى دولته تبني من جديد، وهو يرى بأنه أصبح يحيا حياة كريمة داخل وطنه.

 لا شك أن كل تلك المعانى هى نتيجة إيجابية كبرى تتساوى فى فائدتها مع جدوى تلك المشروعات الاقتصادية، ونحن لا ننكر أنه مازال هناك تحديات كبرى، ومازالت هناك معاناة يشعر بها المواطن، إلا أنه فى إطار بناء الأوطان تختفى كل معانى ومشاعر الألم والمعاناة لننتظر ونتذوق حلاوة البناء والتعمير، وها نحن الآن نرى مصر تحتضن مؤتمرا يحمل عنوانا للتحدي والمنافسة، وهو مصر تستطيع، نرى مصر وهي تحتضن أبناءها المقيمين بالخارج من جديد، ولعل ذلك راجع من إدراك الدولة بأنه من الأفضل أن تستثمر طاقات أبنائها من المستثمرين والعلماء بما يخدم مسيرتها نحو التنمية والبناء، ولا شك أن هذا المؤتمر فى نسخته الحالية تأكيد قوى وقاطع على أننا أصبحنا الآن أمام دولة جديدة ومختلفة تؤمن بالعمل وقيمته، وأنه لا سبيل سواه لبناء الوطن بكل جوانبه.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة