سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 9 يناير 1932.. طه حسين يرفض لهجة أوامر وزير المعارف ويرد عليه فى لقائهما: «عميد كلية الآداب ليس عمدة يا معالى الوزير»

الأربعاء، 09 يناير 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 9 يناير 1932.. طه حسين يرفض لهجة أوامر وزير المعارف ويرد عليه فى لقائهما: «عميد كلية الآداب ليس عمدة يا معالى الوزير» طه حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طلب أحمد لطفى السيد مدير الجامعة المصرية«جامعة القاهرة»من عمداء الكليات التوجه إلى وزير المعارف محمد حلمى عيسى باشا، للتحدث معه فى الموضوع الذى طلبه الوزير منه، واعترض الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب عليه.
كانت الجامعة تتكون من كليات، العلوم، الحقوق، الآداب، الطب وتشمل مدرستى طب الأسنان والصيدلة، ووفقا للدكتور محمد حسن الزيات زوج ابنة طه حسين ووزير خارجية مصر أثناء حرب أكتوبر 1973 فى كتابه«ما بعد الأيام»: «طلب الوزير أن تمنح الجامعة درجات الدكتوراه الفخرية لأجانب، منهم إنجليزى وفرنسى وإيطالى وألمانى وبلجيكى، ولمصريين هم، الوزير أولا، ثم مدير الجامعة لطفى السيد ثانيا، ثم رئيس مجلس الشيوخ يحيى إبراهيم باشا، ورئيس مجلس النواب توفيق رفعت باشا، والوزير على ماهر باشا، وذلك بمناسبة زيارة الملك فؤاد إليها ليفتتح مبناها الجديد، والاحتفال بمرور 25 عاما على إنشائها شعبيا».
 
يذكر صبرى أبو المجد فى الجزء الأول من كتابه «سنوات ما قبل الثورة»الأجواء السياسية التى طرح فيها وزير المعارف طلبه، مشيرا إلى أن إسماعيل صدقى باشا رئيس الحكومة كان يحكم بالحديد والنار، منذ أن كلفه الملك بتشكيلها يوم 20 يونيو 1930، خلفًا لمصطفى النحاس باشا الذى قدم استقالة حكومته يوم 17 يونيو 1930 التى شكلها بعد فوز«الوفد»بالأغلبية فى الانتخابات، واستقال النحاس بعد«تحرك المناوئون للحياة الدستورية لإسقاط حكومة الوفد، واستجابت السراى إلى ذلك التآمر إن لم تكن هى بالأصل الموحية به، وعطل«صدقى دستور 1923، وأجرى انتخابات مزورة، وأعلن الطوارئ».
 
طرح وزير المعارف مطلبه من لطفى السيد فى هذه الأجواء، ويؤكد «الزيات» أن«السيد»رد على الوزير، بأنه من غير المعقول أن يطلب درجة الدكتوراه لنفسه، ففطن الوزير إلى أنه سيكون من غير المعقول أن يطلبها لنفسه، وهو رئيس الجامعة الأعلى، فتم سحب الاسمين، لكن «لطفى» أضاف:«قانون الجامعة يقضى بعرض هذا الموضوع على مجالس الكليات، وسيفعل ذلك، لكنه يلاحظ أن الأسماء المذكورة كلها هى لأنصار الوزارة، ولا تشمل واحدا من المعارضين ، والاقتراح بهذا الشكل يبدو لصالح الحزب الحاكم«حزب الشعب برئاسة إسماعيل صدقى باشا»، فرد الوزير بأنه لا يقبل فى عهده أن ينال أى معارض هذا التكريم، لكن لا بأس من إعطاء درجة أيضًا لكل من عبد الحميد بدوى باشا وعبد العزيز فهمى باشا، وهما من أصدقاء طه حسين، أما الأجانب فليس لدى الوزير أسماء، المهم هو الجنسيات، والعجلة فى إتمام الإجراءات، لأن المطلوب أن تمنح هذه الدرجات أثناء الزيارة الملكية».
 
عرض لطفى السيد الأمر على مجالس الكليات، فاعترض طه حسين عميد«الآداب»، وحسب الزيات، قال حسين:«مرسوم الجامعة ينص على أن مجلس الجامعة بناء على قرار من مجلس الكلية، هو الذى يختص بمنح درجات الشرف المطلوبة، وليس للوزير أن يقرر شيئًا فى هذا، أو أن يقترح شيئًا»، وأبدى مخاوفه من أن يكون المطلوب هو استعمال الجامعة فى إقامة مهرجان سياسى كبير للحكومة، كما أبدى دهشته من منح الدرجات لهؤلاء الأجانب دون أن يحضروا بأنفسهم لتسلم درجاتهم»..وأضاف حسين:«عندما قررت جامعة باريس منح الدكتوراه الفخرية للرئيس الأمريكى ويلسون، وهو رئيس لأكبر دولة منتصرة فى الحرب العالمية، أصرت جامعة باريس على أن يحضر بنفسه ليتسلم الدرجة الفخرية، وحضر رئيس الولايات المتحدة فعلا من بلاده، وكان سعيدا بحضوره..لماذا نقلل نحن من أمر جامعتنا وأمر بلادنا؟.وكيف نوزع شهادات الدكتوراه حسب الجنسيات؟.إنه متأكد من أن مجلس كلية الآداب سيرفض طب الوزير، ولا يعرف ماذا سيكون موقف بقية الكليات، العلوم والحقوق والطب».
 
طلب مدير الجامعة من عمداء الكليات مقابلة وزير المعارف للتحدث فى هذا الموضوع حسبما يذكر«أبوالمجد»، مضيفا أن طه حسين ذهب يوم 9 يناير-مثل هذا اليوم-1932، ومعه الدكتور عبد الوهاب عزام بالنيابة عن كلية الآداب إلى الوزير، ويؤكد«الزيات»أن طه حسين حاول إقناع الوزير بالعدول عن طلباته، لكن الوزير أصر، بل تحدث بلهجة الأمر، فرد طه حسين عليه قائلا:«عميد كلية الآداب ليس عمدة يا معالى الوزير».
 
انتقل الموضوع إلى مجالس الكليات، ووافق مجلسا الحقوق والطب على طلب الوزير، ورفض مجلس«العلوم»برئاسة البريطانى«بنجهام»، وطلب مجلس«الآداب»برئاسة طه حسين إحالة الموضوع إلى لجنة تنسيق بين الكليات للنظر فيه، وكان للوزارة ما أرادت، وأقيم الاحتفال فى موعده يوم 27 فبراير 1932، ويؤكد «الزيات» أن المختصين اهتدوا بسرعة إلى أسماء العلماء الأجانب، ويذكر «رؤوف عباس»فى كتابه«جامعة القاهرة-ماضيها وحاضرها»:«عندما أقيم الحفل بحضور الملك، لم يلق أحمد لطفى السيد كلمة ترحيب كما جرت العادة، ولزم جميع الأساتذة المصريين الصمت، فلم يلق أحدهم كلمة، ولعل ذلك كان احتجاجا على فرض تكريم رجال الحكم على مجلس الجامعة».






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة