أكرم القصاص - علا الشافعي

سامح جويدة

ثقافة الرفض وحقيقة الصراع الدينى

الأربعاء، 09 يناير 2019 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يعرف المجتمع المصرى على مر تاريخه لغة الصراع الدينى ولم يفرق أبدا بين أبناء الرسائل السماوية.. كان التكافؤ والمساواة والمحبة سمات نفيسة تجمع بين الناس فى البيوت والشوارع والأسواق.. حتى إن غاندى كان مبهورا بهذا التلاؤم والتلاحم بين الإقباط والمسلمين، وكتب لسعد زغلول يسأله كيف للهند أن تصل إلى ذلك؟.. كانت الثقافة الراسخة فى عقول الناس وسلوكهم هى أن للحياة ربا واحدا لا فرق بين أن تعبده واقفا أو جالسا أو ساجدا وأن خير الأرض لمن يزرعها ومن يعمر فيها لا شرط فى الدين أو اللون أو العرق.. كانوا يؤمنون بأن سلوك الإنسان خير دليل على عقيدته، وكان الناس يتنافسون لإبراز فضائلهم فى تعاملاتهم اليومية وتوضيح عظمة أديانهم السماوية من خلال سلوكيات وتعاملات وليس مجرد عبادات أو فرائض، فعرف عن اليهود الدقة والأمانة وعرف عن الأقباط التسامح والإخلاص وعرف عن المسلمين الكرم والوفاء.. كنا نمضى هكذا بلا أى خلافات أو مهاترات دينية.. كانت العقيدة والأديان أعظم من أن نناقشها فى الشوارع والمقاهى وكان من السفاهة أن تحكم فئة على أخرى بالجنة أو بالنار، بالحلال أو الحرام.. وظلت الثقافة المصرية على هذه الوتيرة المستقرة حتى بدأت الأفكار السلفية والأحكام الوهابية والمد الإخوانى فى التسلل إلى عقول وسلوكيات العامة بل وأثرت على عقول القيادات، حتى أطلق الرئيس أنور السادات على نفسه الرئيس المؤمن، وأصر على إبراز اسمه الإسلامى «محمد»، واشتبك فى معركة سياسية خائبة مع الكنيسة وصنع أول شرخ بين المسلمين والمسيحيين وظهر التمييز فى الأسماء ثم خانة الدين فى البطاقات الشخصية ثم قوانين بناء الكنائس، وما إلى ذلك وتحول الموضوع فجأة إلى صراع طائفى، وبدأت اعتداءات المنحرفين والمتطرفين بإشعال النار فى جمعية دار الكتاب المقدس بالخانكة 1972 ثم تلتها أحداث مشابهة فى أسيوط والزوايا الحمراء.. إلخ, وأصبح لهذه العمليات الإرهابية مرجعية دينية إسلامية!! وكأنهم يخترعون دينا جديدا.. وزادت هذه العمليات الحقيرة فى عصر مبارك مع تفشى الفكر الوهابى وانتشار تيارات التكفير وتضخم حركة الإخوان.. ووصل الاحتقان إلى قمته مع تولى الإخوان لزمام الأمور ورفض مرسى زيارة الكاتدرائية وانتشار الفكر السلفى الذى كفر الجميع فى ذلك الوقت مسلمين ومسيحيين.. أقول كل هذا لنفهم الموقف التاريخى الذى يقوم به الرئيس عبد الفتاح السيسى فى حضوره كل عام لاحتفال الكاتدرائية بعيد ميلاد سيدنا المسيح واهتمامه بنشر ثقافة المصالحة بين المصريين والجمع بين الكنيسة والمسجد فى مكان واحد.. أقولها للمثقفين والمتعلمين لننقلها جميعا للشارع والعوام.. نحن فى حاجة ماسة للقضاء على الأفكار السوداء التى دستها الجماعات الإسلامية والحركات السلفية فى عقول المسلمين وما تبعها من انحرافات فكرية مضادة فى عقول المسيحيين.. فكل من ينادى بالعنف أو التكفير أو حتى التمييز لا يعرف حقيقة الدين.. فلم ينزل الله الأديان حتى نتصارع عليها بل أنزلها لتكون دروبا للمتقين.. الدين هو الإعمار فى الأرض والتعامل بين الناس بالفضل والرحمة لا مجال فيه لترويع أو إرهاب أو قسوة.. وأى دعوة لهذه الأشكال من العنف لا يصح أن نعطيها أى نسق دينى.. بل هى قمة الفجر والكفر أن تتآله على الله سبحانه وتعالى وتزايد من له الجنة ومن سيعذب فى النار.. تلك الأفكار يجب أن يدركها الناس جميعا حتى نقفل باب الاجتهاد فى أبواب الرفض والعنف ونكف البحث عن تراث التكفير سواء فى الإسلام أو المسيحية.. يجب أن ننشر الوعى الثقافى بين الناس ليكفوا عن التمييز الدينى بكل صوره، وأن نواجه الأفكار السخيفة والغبية التى يتناقلها العوام ويربطوها بالأديان.. يجب أن يعود دور المثقفين والمتعلمين وأن يؤثروا فى وعى وثقافة من حولهم وليس أقل من مناقشة هذه الأفكار السوداء وتوضيح مدى ضلالها وتزييفها للحقائق.. أتصور أن يكون عام 2019 بداية جديدة وعودة حميدة لثقافة التناغم الدينى التى كنا نعيشها مسبقا تحت شعار طالما حفظناه فى أجيالنا الحاضرة ولكن القليل منا فهمه «الدين لله والوطن للجميع»، ولتكن احتفالية افتتاح كاتدرائية العاصمة الإدارية الجديدة ومسجد الفتاح العليم بداية للعودة إلى هذه الثقافة وهذا الوعى.. فلن تستقيم أحوال هذه الدولة إلا باستقامة العلاقة بين طرفيها وعودتهم كيانا واحدا.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

حسن حلمى

السبعينيات من القرن الماضى كانت بداية الكارثة

كان كل مصرى يذهب للعمل فى دول الخليج لابد أن يكون جامعيا يحمل شهادة عليا . فكان الطبيب والمهندس والمحاسب والمدرس هم أغلب من يذهب للخليج وكان المصرى محترم هناك بعلمه ثم جاء السادات وفتح الباب لكل من هب ودب للسفر إلى الخليج فذهب الأمى والفلاح البسيط والعامل غير المتعلم وعادوا  بعد سنوات محملون بالوهابية وإستغلهم بعض أدعياء المشيخة فى الترويج لهذا الفكر الجديد وكأنه دين جديد وكأن المصريون لم يكونوا مسلمون من قبل  وكانت الكارثة .

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة