كيف أصبح الجيش الأمل الأخير للأطراف المتصارعة فى فنزويلا؟.. مادورو يثق فى ولاء الجنرالات.. وجوايدو يضع بذور المواجهة بين المؤسسة العسكرية والشعب.. وواشنطن تواصل هوايتها فى إسقاط جيوش خصومها لتحقيق طموحاتها

الخميس، 31 يناير 2019 06:00 ص
كيف أصبح الجيش الأمل الأخير للأطراف المتصارعة فى فنزويلا؟.. مادورو يثق فى ولاء الجنرالات.. وجوايدو يضع بذور المواجهة بين المؤسسة العسكرية والشعب.. وواشنطن تواصل هوايتها فى إسقاط جيوش خصومها لتحقيق طموحاتها
كتب - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تطورات متسارعة تشهدها الساحة الفنزويلية فى المرحلة الراهنة، منذ أن أعلن رئيس البرلمان خوان جوايدو نفسه رئيسا انتقاليا للبلاد، وما تلى ذلك من اعتراف سريع من قبل الولايات المتحدة، وهو الأمر الذى خلق ساحة جديدة للمعركة المحتدمة بين واشنطن وموسكو، بدأت بوادرها فى حرب التصريحات التى أطلقتها الإدارة الروسية لإدانة التحرك الأمريكى، وبعد ذلك فى مجلس الأمن عندما وقفت روسيا والصين أمام مشروع أمريكى لاستصدار بيان دولى للاعتراف بالسلطة الجديدة بكاراكاس.

إلا أن تلك التطورات ربما مازالت لم تؤتى بأى تغيير فى الواقع على الأرض حتى الآن، فالرئيس نيكولاس مادورو مازال متمسكا بسلطاته، فى حين يبقى الاعتراف الأمريكى سلاح جوايدو لانتزاع السلطة من براثن مادورو، بينما انقسم الفنزويليين فى الميادين، ليؤيد قطاع منهم الرئيس الحالى، فى حين اتجه قطاع أخر لتأييد رئيس البرلمان، فى مشهد ربما ينذر بصراع أهلى لن يخلو بأى حال من الأحوال من تدخلات دولية، قد تعيد إلى الأذهان مآسى كبيرة شهدتها دولا أخرى فى العديد من مناطق العالم، وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط.

الرهان الوحيد.. مادورو يثق فى ولاء الجيش

وهنا يبقى رهانا وحيدا يعول عليه كافة الأطراف المتصارعة فى الداخل الفنزويلى، وهو الجيش، باعتباره المؤسسة المتماسكة، والقادرة ربما على الاحتفاظ بالاستقرار فى البلاد، وسط بيئة عاصفة ربما تأكل الأخضر واليابس إذا ما خرجت الأمور عن نطاق السيطرة فى الأيام القادمة، وهو ما بدا واضحا فى مناشدة، ليس فقط النظام والمعارضة فى الداخل، للجيش الفنزويلى لدعم مطالبها، وإنما امتدت كذلك إلى دعوات تبنتها القوى الدولية المتداخلة فى الصراع إلى المؤسسة العسكرية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، والتى طالبت بدعم الإنقلاب على مادورو.

مادورو يخاطب الجنود أثناء حضوره مناورة عسكرية
مادورو يخاطب الجنود أثناء حضوره مناورة عسكرية

 

ولعل حرص الرئيس مادورو على حضور مناورات عسكرية للجيش الفنزويلى فى قاعدة "إل ليبرتادور" الجوية، بمثابة رسالة ربما أراد أن يبعث بها إلى خصومه فى الداخل والخارج، مفادها أنه يحظى بدعم المؤسسة العسكرية فى كاراكاس، وهو الأمر الذى أعرب عنه فى حديث لاحق، أمس الأربعاء، لوكالة سبوتنيك الروسية، حيث أكد أن جيش بلاده دائما ما يظهر الإخلاص للسلطة القانونية فى البلاد.

سلاح المظاهرات.. جوايدو يضع بذور الفوضى فى كاراكاس

إلا أن ثقة مادورو ربما لم تمنع جوايدو من الرهان هو الأخر على المؤسسة العسكرية، وذلك بالرغم من إعلان الجيش تأييده للرئيس الحالى، حيث دعا رئيس البرلمان مؤيديه إلى التظاهر والاحتشاد فى الشوارع والميادين من أجل الضغط على الجيش لتغيير موقفه، وهو ما يحمل فى طياته بذور الفوضى، خاصة وأن مثل هذه الدعوة من شأنها أن تفتح الباب أمام تصاعد الصراع الراهن، ليصل ربما إلى درجة الحرب الأهلية، فى ظل وجود قطاع كبير من المواطنين الفنزويليين المؤيدين للرئيس الحالى.

دعوات التظاهر قد تؤدى للصدام بين الجيش والشعب فى فنزويلا
دعوات التظاهر قد تؤدى للصدام بين الجيش والشعب فى فنزويلا

 

خطورة الدعوة التى يتبناها جوايدو لا تقتصر فقط على احتمالات الصدام بين أنصار مادورو المحتشدين بدورهم فى الشوارع الفنزويلية، من جانب، وعناصر المعارضة المؤيدة له، وإنما تمتد إلى وضع الجيش فى جانب "الخصم" لقطاع من مواطنى الدولة، خاصة فى مثل هذا التوقيت الحساس، والذى تعانى فيه الدولة من جراء حالة من عدم الاستقرار، وبالتالى فيصبح الجيش باعتباره الكتلة الصلبة بمثابة ورقة التوت الأخيرة التى يمكن بها حماية الدولة.

إسقاط الجيش.. أمريكا تواصل لعبتها لتدمير خصومها

ولكن تبقى دعوة جوايدو باستخدام سلاح المظاهرات للضغط على المؤسسة العسكرية ليست بعيدة عن الولايات المتحدة، والتى تسعى ليس فقط إلى إسقاط مادورو، ولكن ربما تمتد طموحاتها إلى تقويض الجيش الفنزويلى والدور الذى يمكنه القيام به فى المستقبل، لأبعاد أيديولوجية تعود إلى عقود طويلة من الصراع بين الأنظمة التى يمكننا تسميتها بـ"المارقة" فى أمريكا اللاتينية، والتى اتخذت نهجا مناوئا للسياسة الأمريكية، فى حين كانت بمثابة داعما رئيسيا لخصومها، وعلى رأسهم فى الاتحاد السوفيتى فى الحرب الباردة.

خوان جوايدو
خوان جوايدو

 

كما أن التطورات الكبيرة التى تشهدها العلاقات بين روسيا والجيش الفنزويلى تمثل تهديدا صريحا للإدارة الأمريكية الحالية، خاصة مع الحديث المتواتر عن احتمالات تدشين قواعد عسكرية روسية فى كاراكاس، وهو ما يمثل تهديدا صارخا للأمن الأمريكى، خاصة مع اقتراب دخول القرار الأمريكى بالانسحاب من معاهد القوى النووية، والتى أبرمتها مع الاتحاد السوفيتى فى أواخر الثمانينات من القرن الماضى حيز النفاذ.

ولعل اللعبة الأمريكية باستهداف جيوش الدول المناوئة لها ليست بالجديدة على الإطلاق فى العرف الذى تتبناه الولايات المتحدة منذ سنوات، حيث سبق وأن قامت بذلك فى عدة دول من قبل، تحت شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان وغير ذلك، إلا أنها فى الواقع تركت تلك الدول رهينة للتهديدات الأمنية وعدم الاستقرار، على غرار ما شهدته العراق فى السنوات الأخيرة.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة