يتجه المشهد السياسى فى أوروبا بوتيرة سريعة نحو التغيير وهذا الاتجاه بدأ منذ عام 2016 وعلى مدار العاميين الماضيين، فتلك الأحزاب المتشدد، التى كانت فى السابق مهمشة، باتت تنتقل إلى مركز السلطة، ففى اليونان وإيطاليا وبولندا والمجر والنمسا، أصبحت الأحزاب الشعبوية، من أقصى اليمين وأقصى اليسار، تسيطر على الحكم، إما كليًا أو جزئيًا.
وفى السنوات القيليلة الماضية شهدت أوروبا، خسارة الأحزاب التقليدية مثل تيار يسار وسط ويمين الوسط المؤيد للاتحاد الأوروبى، المزيد من الأصوات. وفى المقابل باتت الأحزاب القومية المناهضة للاتحاد الأوروبى تكتسب أصواتًا، فحركات التمرد المناهضة للمؤسسة مثل M5S و Podemos فى إسبانيا وسيريزا فى اليونان، وباتت إما تفوز بالسلطة تمامًا أو تحافظ على توازن القوى بين الأحزاب الرئيسية الموالية للاتحاد الأوروبى والأحزاب القومية المناهضة للاتحاد الأوروبى.
البديل لأجل ألمانيا
كان المشهد الأكثر زخما فى ألمانيا، ففى سبتمبر 2017 أسفرت نتائج انتخابات البوندستاج عن دخول اليمين المتطرف إلى البرلمان الألمانى لأول مرة منذ عام 1960، وأظهرت الأرقام فقدان الأحزاب الكبرى مقاعدها لصالح حزب "البديل من أجل ألمانيا"، اليمينى الذى تأسس قبل أربع سنوات فقط ومعروف بعدائه للمسلمين والمهاجرين ورفضه للإتحاد الأوروبى، والذى إقتنص 88 مقعد بنسبة 13% من مقاعد البوندستاج.
النجوم الخمسة ورابطة الشمال
المشهد تكرر فى إيطاليا، ولو أنه كان بشكل أضخم، فتشكلت الحكومة بالأساس من تحالف يضم حركة النجوم الخمسة، الشعبوية، وحزب رابطة الشمال، اليمين المتطرف، الذى يتخذ موقف شديد العداء من المهاجرين. ففى مارس 2018، تحققت مخاوف بروكسل، بفوز حركة 5 نجوم، الشعبوية، بنسبة 32.22% من الأصوات وحزب رابطة الشمال اليمينى المتطرف، بنسبة 17.69%، ليشكلا معا حكومة ائتلافية.
فوكس
وعلى رغم الانتقال الديموقراطى فى إسبانيا، إثر الإطاحة بحكم الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو عام 1975، شهدت الانتخابات الإسبانية سابقة تاريخية، وتحديدا فى إقليم الأندلس، بوصول حزب "فوكس" اليمينى المتطرف إلى برلمان الإقليم، وحصوله على 12 مقعدا نيابيا، نهاية عام 2018.
وبهذه النتائج، ضمن "فوكس" لليمين الأكثرية اللازمة لإنهاء أكثر من ثلاثة عقود من هيمنة اليسار الإسبانى. كما أن الحزب الذى لم يتجاوز عمره السنوات الأربع، فى طريقه للدخول إلى مجلس النواب فى الانتخابات العامة المقرر إجراؤها عام 2020.
حزب التجمع الوطنى الفرنسى
رغم هزيمة مارى لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطنى الفرنسى، اليمينى المتطرف، أمام إيمانويل ماكرون فى أنتخابات الرئاسية 2017، بنتيجة كبيرة، فضلا عن حصول حزبها على 13.2% فقط من اصوات الناخبين فى الانتابات التشريعية، غير أن أحدث استطلاعات للرأى تشير إلى توجهات مغايرة بين الفرنسيين.
فبحسب استطلاعات للرأى، حديثة، بهدف استشراف اتجاهات الناخبين فى الانتخابات البرلمانية الأوروبية المنتظرة مايو المقبل، حظى حزب التجمع الوطنى بزعامة مارين لوبان على 21% من الأصوات مقابل 19% لحركة الجمهورية إلى الأمام بزعامة الرئيس الفرنسى ماكرون، وهى المرة الأولى التى يتقدم فيها الحزب اليمينى على حركة ماكرون.
حزب الحرية (النمسا)
فى 2017، حصد حزب "الحرية" النمساوى 26% من الأصوات، ونجح فى الوصول إلى الحكم ضمن ائتلاف مع حزب المحافظين.
حزب الحرية (هولندا)
وفى هولندا، حل حزب "الحرية"، برئاسة جيرت فيلدرز، فى المركز الثانى فى الانتخابات العامة فى 2018، وبات ثانى أكبر قوة فى البرلمان لحصوله على 20 مقعدا.
وبدأت حكومات اليمين الأوروبى والأحزاب بإعداد صفوفها وحشد قواها لانتخابات البرلمان الأوروبى هذا العام فى مواجهة المعسكر التقليدى، الذى ربما بات الأضعف جراء الكثير من العواصف السياسية التى ضربت باريس وبرلين منذ عام 2018، فضلا عن البريكست.
وفى سبيل ذلك، أطلق اليمين الأوروبى، تتزعمه إيطاليا وبولندا، استراتيجيته للسيطرة على المؤسسات الأوروبية معلنا إنشاء ما يسمى "محور" مناهضة الهجرة. ورحب رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، بإنشاء "محور" مناهض للهجرة فى أوروبا حيث يمكن لزعماء الاتحاد الأوروبى اليمينيين المتشددين ذوى التوجهات المتقاربة ان يوحدون صفوفهم لإدارة الاتحاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة