سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 يناير 1971.. الزعيم الصينى «شوين لاى» يفاجئ وفدا مصريا رفيعا فى مكتبه ببكين بسؤال: «لماذا مات عبدالناصر؟»

الأحد، 27 يناير 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 يناير 1971.. الزعيم الصينى «شوين لاى» يفاجئ وفدا مصريا رفيعا فى مكتبه ببكين بسؤال: «لماذا مات عبدالناصر؟» الزعيم الصينى «شوين لاى»

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استقبل رئيس الوزراء الصينى «شوين لاى» فى العاصمة الصينية بكين الوفد المصرى الذى كان يطوف دول الشرق الأقصى، ليشرح سبب عدم إمكان تمديد وقف إطلاق النار إلى أجل غير مسمى، حسبما يؤكد محمد حسنين هيكل فى كتابه «عبدالناصر والعالم».
 
كان اللقاء يوم 27 يناير- مثل هذا اليوم- 1971، وفقا لهيكل، مؤكدا فى كتابه «عبدالناصر والعالم»، وكان فى مكتب شوين لاى بالمدينة المحرمة ببكين، وجاء بعد رحيل عبدالناصر بنحو أربعة أشهر «توفى 28 سبتمبر1970». يكشف هيكل: «رحب شوين لاى بالوفد الذى يرأسه لبيب شقير رئيس مجلس الأمة، ومحمد عبدالسلام الزيات وزير الدولة للشؤون البرلمانية، وبعد أن جلسوا وتبادلوا التحيات الرسمية، اندفع فورا إلى الخوض فى مسألة وفاة عبدالناصر»، وقال: «هل تستطيعون الإجابة عن سؤال يحيرنى أود أن أطرحه عليكم؟»، ردوا عليه قائلين: طبعا بكل تأكيد.. قال: لماذا مات عبدالناصر؟، وشعر أعضاء الوفد بالحيرة.. لكنه مضى يلح: متى ولد عبدالناصر؟ أجابوا: فى 15 يناير 1918. سأل: ومتى توفى؟. أجابوا: فى 28 سبتمبر 1970، قال: «إذن مات عن اثنتين وخمسين سنة وثمانية أشهر وثلاثة عشر يوما.. فهل هذا ممكن؟».
 
يصف هيكل حالة الوفد المصرى من هذا السؤال المفاجئ، مؤكدا أن الذهول سيطر علهم: «وقالوا إنه مات نفاذا لإرادة الله وقضائه.. وهنا قال لهم شو: «يجب ألانحمل الله مسؤولية ما نفعل، لا بد من سبب، لقد مات عبدالناصر شابا فى الثانية والخمسين، هى سن صغيرة، إننى الآن فى الثانية والسبعين ولا أزال أعمل وأنا كما ترون فى صحة جيدة».
 
أضاف: «لا أستطيع أن أتصور كيف مات.. كان رئيس دولة وزعيما للعالم العربى، وتتوفر له أفضل العناية الطبية، فكيف سمحتم له بأن يموت؟»، يؤكد هيكل: «خيم الصمت على أعضاء الوفد، إذ لم يكونوا يملكون جوابا على السؤال، ولم يطل البحث عن الجواب فقد كان جاهزا لديه: «سأوضح لكم السبب، لقد مات من الحزن والقهر، مات كسير القلب، أما الذنب فهو ذنب الاتحاد السوفيتى، خدعه السوفيت، دفعوه إلى مأزق ثم تخلوا عنه وتركوا فؤاده يتحطم وينكسر».
 
وفقا لهيكل: «رد أعضاء الوفد محتجين بأن الاتحاد السوفيتى لم يتخل عن مصر، وأنه يمدها بالسلاح، ورد شوين لاى: يبيع لكم السلاح تقصدون؟ وراح أعضاء الوفد يناقشون قائلين: «هذا ليس صحيحا، والاتحاد السوفيتى عوض مصر بكل الأسلحة التى فقدناها فى معارك يونيو 1967 وبلا ثمن، فمصر لا تدفع سوى ثمن الأسلحة الجديدة. رد شوين لاى: كيف تستطيعون الشراء؟ يجب ألا تشتروا، فمن غير المتصور أن تهبط الدولة الاشتراكية الأولى إلى مقام تاجر أسلحة».. يعلق هيكل: «كانت مناقشة شوين لاى للموضوع تنطوى- بالطبع- على جميع أصداء النزاع الصينى السوفيتى، ولكن حقائق الموقف تختلف عما ذكره شو وأكثرتعقيدا مما يبدو».
 
يلقى هيكل الضوء على علاقة عبدالناصر مع شوين لاى: «كانت صداقة حميمة، كانا يستمتعان بصحبة كل منهما الآخر، ويجلسان الساعات الطوال متناولين فى حديثهما الكثير من الأشياء، وكانا يرتحان كلاهما إلى الآخر ومع الآخر، وكان عبدالناصر معجبا بشكل خاص بتصميم شوين لاى وفكره المرتب، وبطريقته الكاملة التنظيم التى يعالج بها أى موضوع يطرقه أو يريد أن يفعله، وأحسب أنهما أمضيا معا فعلا أربعا وسبعين ساعة من الجلوس والحديث معا، وذات مرة فى أثناء زيارة للقاهرة «يونيو 1965» استغرقت 12 يوما، تقابلا فيها 16 مرة للنقاش والحديث، وروى شوين لاى لعبدالناصر أن صلته الأولى بمصر ترجع إلى اليوم الذى مر فيه عبر قناة السويس فى طريق عودته من باريس للبدء فى عمله الثورى فى الصين، وكانت المرة الثانية عام 1954 عندما كان فى طريق عودته من مؤتمر جنيف الخاص بالهند الصينية، كان عائدا آنذاك عن طريق الهند، ووضعت الحكومة الهندية إحدى طائراتها تحت تصرفه، وذهب السفير الهندى لاستقباله فى مطار القاهرة، حيث لم يكن فى استقباله من الجانب المصرى- باستثناء سلطات المطار- سوى أحد موظفى التشريفات فى الخارجية المصرية.. كانت تلك بداية غريبة فى ضوء الصداقة التى ربطته فيما بعد بعبدالناصر».
 
يؤكد هيكل: «بعث شوين لاى، ببرقية من الطائرة يقول فيها، إذا كانت الطائرة ستزود بالطعام، فإنه يأمل أن يكون طعاما مصريا، وتسلم السفير الهندى البرقية وبعث من المطار يطلب كباب وطحينة لرئيس الوزراء الصينى»، يضيف هيكل: «اجتمع عبدالناصر وشوين لاى للمرة الأولى فى «رانجون» عاصمة بورما عندما كانا فى طريقهما إلى باندونج لحضور مؤتمر دول عدم الانحياز، وكان الصينيون حريصين كل الحرص على إجراء هذا الاتصال، فمصر عبدالناصر بدأت تبرز كزعيمة للعالم العربى، وكان الصينيون يرقبون عن كثب مسلك مصر لأن موقفها من الصين كان يعنى موقف منطقة بأسرها وليس موقفها هى وحدها».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة