عبد الرحيم على

لم أكن شاهدًا أبدًا.. !

الخميس، 24 يناير 2019 06:37 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد ثمانى سنوات.. من يستطيع الشهادة الآن..!

أنا.. لا.. لم أكن شاهدًا أبدً..

كنت قاتلاً أو قتيلاً!

كنت وحدى، وكانت بلادى دليلي

وكان حفيدى فوق المآذن يمسك طرف الهلال.. ويُنير سبيلي.

أدركت مبكرًا أن جوهر القصة أبعد من احتجاجات من أجل الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية، كان هدف المخططين واضحًا منذ اللحظة الأولى، إطفاء جذوة هذا الوطن، وتدمير مدنه وقراه وقواه الحية، قطع يديه وسمل عينيه.

كانت بعض الأيادى المنفذة تجهل، والبعض الآخر غارق، حتى أذنيه فى الفعل الأثيم.

صرخت وقتها قدر ما أستطيع وبأقصى ما لدى من طاقة، كنت أهرول خلف دمي.. كهلاً يسير بجثة صاحبه فى ختام السباق، كان أيوب قد مات، وماتت العنقاء، وانصرف الصحابة، لم يكن سوى يهوذا شاخصًا بعينيه نحوي.. منتظرًا قرب صياح الديك.

وكانت المدينة نائمة، والحراس متعبون.. فدخل الملاعين وسرقوا كل شىء.

أحلامنا وتاريخنا، عبثوا بكل شىء، حاضرنا ومستقبلنا.

صرخوا فى العابرين على صراط الوطن أنهم حماته ومريدوه، لم يراعوا فى أحد، إلا ولا ذمة، نطقوها بأفواههم وما خفى فى صدورهم، كان أعظم.

كان صوت الوطن مبحوحًا لكنه قادر على الصراخ، كان مجروحًا لكنه قادر على المعافرة.

لم يصدقنى أحد، قلت، وقتها، إنهم يسعون نحو عرش البلاد وأن الخيانة هى الثمن الذى دفعوه لكى ينالوا جائزتهم الكبرى. لم أكن موقنًا يومها من إجابات الأسئلة الكبرى، حول كيف ولماذا وما الذى حدث؟ من هم أطراف اللعبة ومن المتحكم فى خيوطها؟!. لكننى كنت مدركًا بشكل مبكر أنها لا يمكن أن تكون ثورة.

فالثورة نور يضىء آفاق الوطن ويبعث الدفء فى القلوب، يزرع الأرض ويبذر ثمار البنفسج فى طريق العاشقين..

ربما كانت..

رقصة زار قديمة

 لحدّ فكرناها ثورة..

فرق بين رقصة وثورة

لا هى جايّة فوق حصان‪..

ولا فى لحظة زمان

بتهب نابْته فى الغيطان

التانية هادية.. تيجى هادية.. وصوتها دامى.. تعزل الكداب وتقبض ع الحرامى.

تعرف الناس مش كُتل‪..

تعرف الناس بالوجوه.. وبالأسامى‪.

تيجى نادغة الصبر.. قابضة الجمْر‪.

إلى آخر الصفحات فى سِفْر الثورة

 

ربما حرك اليأس عشرات الآلاف من الأبرياء والأنقياء، ربما كان البحث عن أمل فى حياة أفضل هو ما دفع البعض منهم للخروج. ربما انسداد الأفق السياسى كان مستفزًا للبعض الآخر، وحافزًا للبحث عن خيط نور يضىء الطريق للقادمين، لكن المحركين والمخططين كانت دوافعهم مختلفة نواياهم كانت واضحة وأياديهم كانت ملطخة سلفًا بدماء المصريين، ليس فقط فى ميدان التحرير وشارع محمد محمود ومجلس الوزراء ولكنه سلوك امتد لعشرات السنين وصولاً إلى سيناء والوادى الجديد والفرارة.

 

نفس البنادق والوجوه، نفس المسوخ والدوافع والأهداف، نفس الأيادى المحركة والرتوش.

ما بيتبوش.. ولا اللى فات علمهم..

ما بيسمعوش فى الدنيا إلا كلامهم

ملهمش فى حوار النبات والطين

 

أجراس الكنائس اخرسوها علانية، وقتلوا المصلين فى المساجد وصرخوا متوعدين بإيقاف شلال الدم، مقابل العودة إلى ما كان، وقضاة تحررهم فلان وفلان، أى عودة تلك التى يريدونها، وأى نظام ذلك الذى فرق المصريين على أساس الدين والقبيلة، نظام الأهل والعشيرة.

 ألم يصرخوا من قبل فى القبائل حاشدين، ألم يخدعوا الركع السجود والقائمين، ألم يقولوا غير مرة، إنهم ليسوا طلاب سلطة، فلماذا يريدونها الآن على أسنة الرماح.

فيقتلون من أوصى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الأقباط، كما ذبح أسلافهم الحسين فى كربلاء.

ألم يذبحوا ابن بنت رسول الله، ثم راحوا يتساءلون عن حكم قتل الذبابة فى الحرم!.

واليوم عادوا يطلبون الثأر، يمضغون العهر، يسفهون الحلم، ينهشون العرض، ينكئون الجراح. لكنهم لا يعرفون.. وليتهم يعرفون.. إننا لهم بالمرصاد.

نعرفهم بسيماهم فى وجوههم من أثر الكذب.. نعرفهم مهما تلونت جلودهم وتبدلت أصواتهم.. وتنوعت راياتهم.

وتعالت صرخاتهم.

 

قائلين:

جئناك كى تحقن الدم

جئناك كن يا أمير الحكم.

سيقولون ها أنت تطلب ثأرًا يطول

ونحن أبناء عم..

قل لهم.. إنهم لم يراعوا العمومة فيمن قتل!.

واغرس السيف فى الصحراء

إلى أن يجيب العدم.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة