بعد زيارة رئيس الوزراء اليابانى.. كيف تمثل واشنطن العائق الأكبر أمام معاهدة سلام بين طوكيو وموسكو؟.. الوجود العسكرى الأمريكى فى اليابان يهدد روسيا.. وبوتين يحاول كسر التحالف التاريخى عبر إحياء "الجرح القديم"

الثلاثاء، 22 يناير 2019 04:30 ص
بعد زيارة رئيس الوزراء اليابانى.. كيف تمثل واشنطن العائق الأكبر أمام معاهدة سلام بين طوكيو وموسكو؟.. الوجود العسكرى الأمريكى فى اليابان يهدد روسيا.. وبوتين يحاول كسر التحالف التاريخى عبر إحياء "الجرح القديم" شينزو آبى
كتب - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يبدو أن الزيارة التى يقوم بها رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى إلى العاصمة الروسية موسكو، تمثل دليلا جديدا على التطور الإيجابى الذى تشهده العلاقة بين البلدين، خاصة منذ العرض الذى قدمه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين قبل عدة أشهر بعقد معاهدة سلام مع اليابان لتسوية قضية جزر الكوريل المتنازع عليها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية فى الخمسينات من القرن الماضى، وهو الأمر الذى أبدت فيه اليابان قدرا كبيرا من المرونة خلال الأشهر الماضية، ولكن ثمة تحديات ربما تساهم فى تقويض الفرصة التاريخية التى قد لا تتكرر فى المستقبل المنظور، فى ظل مخاوف ترتبط بموقف الرأى العام الداخلى فى كلا البلدين تجاه أية تنازلات سوف يقدمها الساسة فى مفاوضاتهم السياسية.

 

إلا أن تحديات الداخل ربما لا تمثل العائق الوحيد أمام المفاوضات اليابانية الروسية فى المرحلة الراهنة، حيث يبقى وجود بعض الأطراف الدولية فى المعادلة الروسية اليابانية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، والتى تمثل الحليف الرئيسى لطوكيو على مدار عقود طويلة من الزمن، بمثابة مصدرا رئيسيا للقلق لدى الإدارة الروسية الحاكمة، خاصة فى ظل الوجود العسكرى الأمريكى فى اليابان، وهو ما يمثل تهديدا صريحا للأمن الروسى فى المنطقة الحدودية مع اليابان.

الوجود العسكرى الأمريكى.. الجزر ورقة اليابان لمساومة واشنطن

وهنا يبقى التحالف الأمريكى اليابانى بمثابة تحديا صارخا لأى اتفاق محتمل حول الجزر محل النزاع فى المرحلة الراهنة، وهو الأمر الذى ربما دفع موسكو إلى تعزيز وجودها العسكرى فى الجزر فى الأشهر الماضية، عبر السماح بدخول المدرعات والأسلحة إلى جزيرتين من الجزر الأربعة المتنازع عليها، بالإضافة إلى قيامها ببناء ثكنات جديدة للقوات العسكرية، فى إشارة إلى نية موسكو نشر قوات عسكرية فى المنطقة، وهو الأمر الذى أثار استياءً كبيرا فى طوكيو.

بوتين وآبى
بوتين وآبى

 

وعلى الرغم من تعهدات رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى بعدم السماح بوجود القوات الأمريكية فى الجزر، إلا أن الوعود الشفوية ليست كافية، حيث تشترط الحكومة الروسية أن يتم تضمين هذا الأمر فى أية معاهدة مرتقبة، وهو الأمر الذى تسعى اليابان للمماطلة بشأنه طيلة الأشهر الماضية، خاصة وأن الحصول على جزيرتين على الحدود الروسية يمثل فرصة كبيرة لطوكيو لضمان بقاء الوجود العسكرى الأمريكى على أراضيها بعد المخاوف التى أثارها التقارب الأمريكى الكورى الشمالى فى أعقاب القمة التى عقدها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مع نظيره الكورى الشمالى كيم جونج أون فى سنغافورة فى شهر يونيو الماضى.

ولعل أكثر ما أثار قلق اليابان، بعد القمة الأمريكية الكورية الشمالية، هو التعهد الذى قدمه ترامب لكيم بوقف المناورات العسكرية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وهو ما اعتبره قطاع كبير من المحللين بأنه بداية لخطوة أمريكية أكبر قد تصل إلى الانسحاب الأمريكى من آسيا، وبالتالى فهناك حاجة ملحة لدى الحكومة اليابانية للحصول على ورقة جديدة يمكنها مساومة الإدارة الأمريكية من خلالها، وهو ما يثير قلقا روسيا حول إمكانية أن تكون الجزر التى ستخضع للسيادة اليابانية هى بمثابة تلك الورقة التى يطمح رئيس الوزراء اليابانى للحصول عليها.

كسر التحالف.. روسيا تحاول إحياء جرح القنابل الأمريكية

وبالتالى يبقى كسر التحالف التاريخى بين الولايات المتحدة واليابان هو بمثابة الهدف الروسى فى المرحلة الراهنة، وهو ما يبدو واضحا فى إصرار الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على اعتراف اليابان بهزيمتها فى الحرب العالمية الثانية، وهو ما يحمل قيمة رمزية، تتمثل فى إحياء الجرح الأمريكى الغائر، والذى تركته القنابل الذرية التى ألقتها الطائرات الأمريكية على مدينتى هيروشيما ونجازاكى فى أغسطس 1945، وهو ما يتزامن مع حالة انعدام الثقة الراهنة بين طوكيو وواشنطن بسبب السياسات الأمريكية الأخيرة تجاه الحلفاء، خاصة فيما يتعلق بالإجراءات التجارية التى اتخذتها واشنطن تجاه حلفائها، أو التجاهل الأمريكى للمطالب اليابانية إبان مفاوضاتها مع كوريا الشمالية.

أثار الدمار الذى خلفته القنبلة الذرية على هيروشيما
أثار الدمار الذى خلفته القنبلة الذرية على هيروشيما

 

ويمثل انكسار التحالف بين الولايات المتحدة وحلفائها الآسيويين أولوية مهمة لروسيا فى المرحلة المقبلة، فى ظل الجهود التى يبذلها الرئيس بوتين لمزاحمة النفوذ الأمريكى فى العديد من مناطق العالم، وبالتالى فهناك محاولات لاستقطاب القوى الإقليمية فى آسيا فى المرحلة الراهنة، من أجل الهيمنة على المنطقة فى المستقبل القريب، وهو ما بدا واضحا فى المحاولات الروسية للتقارب مع كوريا الجنوبية، واليابان، بالإضافة إلى سعيها إلى استقطاب كوريا الشمالية، والتى أصبحت بمثابة أحد اللاعبين الرئيسيين فى المنطقة منذ انفتاحها على جارتها الجنوبية، والولايات المتحدة.

الغدر الأمريكى.. اليابان تحاول التقارب مع خصوم واشنطن

ولعل التخوف اليابانى مما يمكننا تسميته بـ"الغدر" الأمريكى، يبقى واضحا فى العديد من التحركات التى أقدم عليها رئيس الوزراء اليابانى فى الأشهر الماضية، حيث قام بزيارة تاريخية إلى الصين، بعد سنوات من التوتر، فى إشارة إلى رغبة بلاده فى الانفتاح على الجميع وتنويع التحالفات، ربما لإيجاد بديل عن الحليف الأمريكى خاصة فيما يتعلق فى المجال التجارى والاقتصادى، كما أنها أبدت انفتاحا على مبادرة بوتين للوصول إلى معاهدة سلام مع موسكو، فى خطوات ربما تمثل تحديا صريحا للولايات المتحدة.

اليابان تحاول تنويع تحالفاتها بعد تجاهل ترامب لها
اليابان تحاول تنويع تحالفاتها بعد تجاهل ترامب لها

 

إلا أن تلك الخطوات ربما ليست كافية بالنسبة للجانب الروسى، والذى يسعى إلى الحصول على أكبر قدر من التنازلات من اليابان قبل التوقيع على الاتفاقية، خاصة وأن هناك قطاع كبير من الرأى العام الداخلى ربما لا يقبلون بالصفقة التى تقوم على تقاسم الجزر الأربعة، بحيث تبقى روسيا على الجزيرتين الأكبر تحت سيادتها فى حين تتنازل عن جزيرتين لليابان، مع السماح لمواطنى الدولتين بالحركة الحرة داخل الجزر الأربعة.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة