سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 يناير 1945.. إحالة أوراق يهوديين صهيونيين إلى فضيلة المفتى لقتلهما الوزير البريطانى اللورد «والتر موين» أمام مسكنه بالزمالك

الجمعة، 18 يناير 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 يناير 1945.. إحالة أوراق يهوديين صهيونيين إلى فضيلة المفتى لقتلهما الوزير البريطانى اللورد «والتر موين» أمام مسكنه بالزمالك والتر موين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ساد السكون أرجاء قاعة المحكمة العسكرية فى جلستها التى بدأت الساعة التاسعة صباح يوم 18يناير- مثل هذا اليوم- 1945، حسب وصف الدكتور محمود متولى، فى كتابه «مصر.. وقضايا الاغتيالات السياسية»، مضيفًا أن الجميع كان يترقب دخول هيئة المحكمة لنطق الحكم فى الجناية الخاصة باغتيال اللورد «والتر موين» وزير الدولة البريطانية للشرق الأوسط، وسائقه أمام الفيلا رقم 4 المقيم فيها بشارع الجبلاية بحى الزمالك، وذلك بإطلاق الرصاص عليه يوم 6 نوفمبر 1944، وهو جالس فى سيارته وقبل أن يهم بالنزول منها.
 
ارتكب الجريمة اثنان، وحاولا الهرب بعد إطلاق الرصاص، وطاردتهما الشرطة، وعندما شارفا على الكوبرى انطلقت صيحة من نافذة، نبهت «شرطى كونستبل» فى حرس الوزارات يدعى عبدالله فقطع الطريق عليهما بموتوسيكله دون خوف من الأعيرة النارية التى أطلقها الإرهابيان، وتم القبض عليهما، لتظهر حقيقة هذه الجريمة التى اهتزت لها القاهرة، فوفقًا لمتولى: «المتهمان غريبان عن مصر، ويهوديان متعصبان ينتميان إلى عصابة إرهابية صهيونية تدعى «شتيرن» كان يتزعمها إسحاق شامير، الذى أصبح رئيسًا لوزراء إسرائيل من 1983-1984 و1986 إلى 1992، وهذه العصابة ارتكبت العمليات الإرهابية ضد العرب داخل فلسطين وضد الإنجليز أيضًا، ووجدت فى نقل عملياتها إلى خارج أراضى فلسطين دفعة قوية للفت الأنظار إلى ماكانت تدعو إليه الأفكار الصهيونية، من إقامة وطن قومى لليهود فى أرض فلسطين».
 
تكشف الكاتبة البريطانية «ارتيس كوب» جذور هذه الجريمة فى كتابها «القاهرة فى الحرب العالمية الثانية- 1939-1945» ترجمة محمد الخولى، مشيرة إلى أن خيوطها بدأت من عام 1940 أثناء الحرب العالمية الثانية حين وافق رئيس الوزراء البريطانى تشرشل على إنشاء جيش يهودى قوامه عشرة آلاف جندى، يؤخذون من صفوف الجيشين البولندى والتشيكى وتتولى بريطانيا تمويلهم، لكن «تشرشل» وجد معارضة شديدة للفكرة من الإدارة البريطانية فى فلسطين، فكلف «صديقه المقرب «موين» بمهمة إبلاغ الزعيمين الصهيونيين «حاييم وايزمان» و«بن جوريون» بعدم إمكانية تنفيذ «الجيش اليهودى» حاليًا «فبراير 1941»، ومعاودة النظر فيها فى غضون ستة أشهر، وبعد الستة شهور أبلغهما الرفض أيضًا.
 
تؤكد «كوبر» أنه على أثر ذلك أصبح «موين» فى نظر «الصهاينة» عدوا لهم، ولم يغيروا رأيهم فيه بعد مجيئه إلى القاهرة وأصبح له فيها مكتب «وزير الدولة البريطانى»، وبدأ التخطيط من مجموعة تسمى: «المحاربون من أجل حرية إسرائيل» أو «عصابة شتيرن» حسب التسمية البريطانية، وكان لها خلية فى مصر من ثمانية رجال وأربعة نساء، لكن تنفيذ الجريمة احتاج إلى عون، فتم إرسال «إلياهو حكيم (20 عاما)» من فلسطين إلى القاهرة عام 1944، واستطاع عبور الحدود بحجة زيارة والديه المقيمان فى حلوان، ثم حضر «إلياهو بتزوى» «23 عاما»، واستأجر «حكيم» غرفة صغيرة فى حى الموسكى، وتعرف على صديقة اسمها «يفا»، وارتادا المطاعم الصغيرة والمراقص، وظل يدرس التحركات اليومية للورد «موين» حتى تقرر تنفيذ الجريمة فقتله بينما قتل «بيتزوى» السائق «فلور» وحين تلقى تشرشل «الخبر»، أصيب بحزن كبير وبلغ به الغضب درجة أنه لم يجرؤ أحد لأسابيع أن يفتح أمامه موضوع فلسطين، ووفقًا لمتولى: «ماكاد يصل النبأ إلى قصر عابدين حتى أبدى الملك فاروق اهتمامًا زائدًا بالسؤال عما حدث وعن أحوال اللورد، وكان فاروق يتناول طعام الغذاء، فقام بنفسه وسأل بالتليفون عما صارت إليه الأمور، وأوفد أحمد حسنين باشا رئيس ديوانه للاستفسار عن صحة اللورد، وفى المساء توجه إلى المستشفى، وأنعم بنوط الواجب الذهبى للكونستابل الذى قبض على الجانيين».
 
تم تنظيم جنازة رسمية للقتيلين فى القاهرة، وبدأت التحقيقات مع المتهمين، واعترفا بجريمتهما فى التحقيقات، وتم إحالتهما إلى المحكمة العسكرية، وحسب محمود متولى: «بدأت أولى جلسات محاكمتهما يوم الأربعاء 10 يناير 1945 فى تمام الساعة التاسعة صباحًا، وانتهت فى 18 يناير 1945، وكان المتهمان يأتيان إلى المحكمة وسط حراسة مشددة، ولوحظ أن القاعة تمتلئ دائمًا بالصحفيين سواء من المصريين أو الأجانب الذى وصل تعدادهم أكثر من 18 صحفيًا، واهتم البوليس المصرى باتخاذ إجراءات أمن مشددة لحفظ النظام وخوفًا من حدوث أية مفاجآت نظرًا لارتباط المتهمين بعصابة إرهابية لا يستبعد أن تقوم بأى ضربة مفاجئة».
 
وقررت المحكمة تحويل أوراق المتهمين إلى فضيلة المفتى وقضت المحكمة بإعدامهما، ونفذ الحكم يوم 22 مارس 1945، ودفنت جثتيهما فى مقبرة خاصة بمنطقة «هليو بوليس» وعليهما حراسة خاصة، وفى عام 1975 أفرجت الحكومة المصرية عن رفاتهما مقابل عشرين عربيًا كانوا فى سجون إسرائيل بتهمة التجسس لصالح مصر، وفى القدس أقيمت جنازات لهما حضرها الآلاف يتقدمهم «إسحاق رابين» رئيس الوزراء.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة