سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 يناير 1958.. المظاهرات فى سوريا «بدنا وحدة باكر باكر».. ومجلس الأمة فى القاهرة ينفجر حماساً بطلب الوفد السورى للوحدة مع مصر

الأربعاء، 16 يناير 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 يناير 1958.. المظاهرات فى سوريا «بدنا وحدة باكر باكر».. ومجلس الأمة فى القاهرة ينفجر حماساً بطلب الوفد السورى للوحدة مع مصر عبد الناصر ضباط سوريين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استمع الرئيس جمال عبد الناصر إلى الضباط السوريين من أعضاء المجلس العسكرى حول مطلبهم الفورى بالوحدة بين مصر وسوريا، وذلك فى الاجتماع بمنزله فى منشية البكرى مساء 15 يناير1958«راجع–ذات يوم 15 يناير 2019».
 
ينقل محمد حسنين هيكل فى كتابه«سنوات الغليان» وقائع هذه المناقشات اعتمادًا على محضر مكتوب بخط اليد، وحسب ما جاء فيه، قال عبد الناصر:«الوحدة ليست عملا سهلا،ولست أخفى عليكم أننا بدأنا بالكاد بعد معارك عنيفة ضد الاستعمار أن نوجه كل طاقتنا لبناء مصر،وأملى فى بناء مصر أن تكون قاعدة قوية من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية لنضال بقية الشعوب العربية،إن أملى أن نجعل من مصر نموذجًا لإمكانيات العمل الوطنى،وبرغم ما فى ذلك من مشقة فاعتقادى أن هذا هو طريقنا الوحيد ليس فقط لتطوير مصر،ولكن للوحدة أيضًا،فعندما نجعل مصر بلدًا نواة لإمكانيات التطور العربى، فإن ذلك سيكون له أثره فى تدعيم الدعوة إلى الوحدة عمليًا وواقعيًا وإيجابيًا».
 
قاطع أحد الضباط الرئيس قائلا:«سيادة الرئيس تريد أن تعمل لمصر وتترك سوريا التى علقت آمالها على مصر وعليك،أنا أقول وأمرى إلى الله إنك بذلك تتخلى عن دعوة القومية العربية من أجل مصر وحدها»، وابتسم عبد الناصر ثم قال لمحدثه: «مادمت قد أثرت أن تتكلم معى بهذه الصراحة، فلابد لى أن أبادلك القول بمثلها، فإذا تكلمنا بوضوح، وإننى أعرفكم جميعًا،وأعرف حسن مقاصدكم،ولكن لدى سؤال واحد محددًا يلح علىَّ منذ أن بدأتم تتكلمون،وسؤالى هو: ماهى صفتكم التى تبيح لكم أن تتحدثوا معى فى هذا الأمر،وأنتم غير مسؤولين سياسيًا؟.وسؤال آخر:هل تعرف الحكومة فى دمشق أنكم سوف تتحدثون معى عن الوحدة؟وإذا كانت الحكومة لاتعرف،فمن حقى إذن أن ألح على سؤالى وهو من أنتم وماهى صفتكم؟.هل يعرف الرئيس شكرى القوتلى بما جئتم تحدثوننى فيه؟.رد أحد الضباط قائلا:إننا بعثنا أمين النفورى«أحد أعضاء المجلس العسكرى ونائب رئيس هيئة أركان حرب الجيش»إلى شكرى القوتلى ليخطره بأننا هنا،وليحطيه علما بالسبب الذى جئنا من أجله وهو يمثل رأى الجيش،وليس أمام القوتلى إلا أن يقبل،فهو لايستطيع أن يعارض أى شىء نطلبه».
 
مد عبد الناصر يده وأمسك بالمذكرة التى وضعها تحت المنفضة على المائدة،وقال:«متأسف.لاأستطيع أن أقبل هذه الأوضاع،وأنا أعرف أنكم تمسكون بأيديكم بزمام القوة الحقيقية فى سوريا،ولكنى من ناحيتى لاأقبل فى مثل هذه الأمور أن أتحدث،أوأبحث إلامع حكومة مسؤولة شرعيا ودستوريا»،وحسب هيكل:«ساد صمت ثم قطعه أحد الضباط بقوله:سيادة الرئيس.هل تعطينا وقتا نتصل بالحكومة؟سوف نبعث إذا وافقت برسول منا بالطائرة إلى الحكومة يعرض عليها الموقف ويستطلع رأيها،وسنبقى نحن هنا حتى يعود الرسول برأى الحكومة الرسمى،ولانريد أن نمشى من هنا إلا ونحن نعرف قرارك إلى أين».
 
دعا عبد الناصر الضباط إلى الانتقال معه إلى مائدة العشاء،ويتحدثون معه فيما يشاءون إلا موضوع الوحدة،ووفقا لهيكل:«فى الفجر 16 يناير«مثل هذا اليوم»1958 قامت طائرتهم من القاهرة متوجهة إلى دمشق،وفى عصر اليوم عادت الطائرة وعليها الأستاذ صلاح البيطار وزير الخارجية السورية ممثلا للحكومة السورية».
 
يتذكر عبد المحسن أبو النو،الملحق العسكرى المصرى فى سوريا،والمشارك فى الاجتماعات فى مذكراته«الحقيقة عن ثورة يوليو»،أن بعض الضباط عادوا إلى سوريا ناقلين ماتم بينهم وبين عبد الناصر،وأن«القوتلى»علم أن عبد الناصر لم يوافق على طلب الضباط إلابعد موافقته  والحكومة السورية فارتاح نفسيا،وعلى أثر ذلك اجتمعت الحكومة برئاسته وقررت الموافقة على الوحدة،وأوفدت«صلاح البيطار»و«عبد الحميد السراج».
 
كانت المظاهرات تعم المدن السورية بهتاف:«بدنا الوحدة باكر باكر»،وفى«16 يناير»وحسب هيكل،فإن مجلس الأمة المصرى  برئاسة عبد اللطيف البغدادى كان يقيم احتفالا،وأقام مأدبة عشاء دعا إليها الوفد السورى الموجود فى القاهرة،،وأحدث وجودهم جوا من الحماسة،وحين دخل عبد الناصر إلى مبنى المجلس للمشاركة،فوجئ بأن المجلس كله تحول إلى مظاهرة عارمة تطالبه بالوحدة،وتقدم«البيطار»من«عبد الناصر»يقول له:«جئت ممثلا للحكومة السورية أحمل طلب رسميا منها بإقامة دولة الوحدة»،وكان هذا على مسمع من الجميع،فانفجرت القاعة حماسة إلى درجة أن البعض أجهش بالبكاء وانتابت بعضهم نوبة هستيرية،وتعالى الصراخ طلبًا للوحدة،واستطاع«عبد الناصر»تهدئة المشاعر،وقال للضباط إنه سيجتمع بهم غدًا للمناقشة،لكنهم صمموا على الاجتماع فى نفس الليلة،وفى الساعة الثانية عشرة والربع بعد منتصف الليل كانوا جميعا جالسين حول عبد الناصر فى صالون بيته».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة