"قلنا هنبنى وادى إحنا بنينا السد العالى".. بُناة السد يروون ذكريات الكفاح فى الذكرى 48 لإنشائه.. عبد الكريم: زملاؤنا ضحوا بأرواحهم.. يوسف: غطينا رمز الصداقة فى حرب أكتوبر خوفا من محاولة استهداف إسرائيل للمشروع

الثلاثاء، 15 يناير 2019 11:03 ص
"قلنا هنبنى وادى إحنا بنينا السد العالى".. بُناة السد يروون ذكريات الكفاح فى الذكرى 48 لإنشائه.. عبد الكريم: زملاؤنا ضحوا بأرواحهم.. يوسف: غطينا رمز الصداقة فى حرب أكتوبر خوفا من محاولة استهداف إسرائيل للمشروع بُناة السد يروون ذكريات الكفاح فى ذكرى 48 لإنشائه
أسوان - عبد الله صلاح - ندى سليم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بصوت تملؤه الشيخوخة وقف مواطن مصرى يدعى "عبد الكريم كمال الدين مصطفى"، تخطى عمره الـ80 عاماً، ليهتف بعزيمة الشباب رافعاً صوته: "تحيا مصر" و"يحيا السد العالى"، وذلك أثناء محاولة استرجاع ذكريات العمل فى إنشاء السد العالى خلال حديثه لـ"اليوم السابع" بالتزامن مع الذكرى الـ48 لافتتاح السد العالى بأسوان 15 يناير 1971، ليستلهم بهذه الهتافات فترة الكفاح والعرق والجهد الذى بذله مع زملائه البالغ عددهم أكثر من 18 ألف عامل بالسد العالى.

 

نوط التكريم من الرئيس عبد الناصر

 

قال عبد الكريم كمال الدين، أحد بُناة السد العالى، لـ"اليوم السابع": "استلمت العمل فى السد العالى فى 12 يناير عام 1961، وكنت أعمل وقتها سائقاً للمعدات الثقيلة والونش لرفع الكتل الحجرية ونقلها إلى موقع العمل خلال فترة تحويل مجرى النيل وكذلك فترة حفر الأنفاق، وكنا نواصل العمل الليل بالنهار دون كلل أو تعب لأننا كنا نشعر بأن ما نفعله هو مشروع قومى علينا إنجازه بعرق المصريين ليصبح مستقبلا لأبنائنا وأحفادنا من بعدنا".

ووصف "كمال الدين" العمل فى إنشاء السد العالى، قائلاً: لم تكن أسوان كما هى عليه الآن ولكن معظمها كانت صحراء والمنطقة المحيطة بالسد كانت جبلية والمعيشة فيها صعبة للغاية، ولكن العاملون فى السد يتجمعون مع بعضهم البعض بروح الأسرة الواحدة التى تأكل وتشرب وتبيت مع بعضها البعض وتداوى جراح المريض منهم وتشعر بآلامه، فكنا نجوع سوياً ونعطش معاً وشاركنا لحظات الفرح والحزن معاً، موضحاً أن العاملين فى مشروع السد وكان عددهم بالآلاف يعملون بانتظام كخلية نحل وهناك أعداد كبيرة تسقط شهيدة أثناء العمل فى هذا المشروع القومى، وكنا نعد هذا الموت هو التضحية فى سبيل الوطن.

 

بناة السد العالى بأسوان

واستكمل محمد يوسف محمد، البالغ من العمر 66 عاما، الحديث عن ذكريات المشاركة فى بناء السد، قائلاً: عملت فى مشروع السد العالى عن طريق خطاب وزارة القوى العاملة، ولم أكن أتوقع أن أعمل فى محافظة أسوان، بعد حصولى على معهد دراسات تكميلية بجامعة أسيوط؛ نظراً لأنه من المفترض أن أعمل معلماً لطلاب الثانوية الصناعية، وانتقلت من مركز البلينا بمحافظة سوهاج، التى كنت أقيم فيها إلى أسوان للعمل فى السد العالى، وبعد فترة من عملى تزوجت وأتيت بزوجتى إلى أسوان وأنجبت 5 أولاد بنتين و3 ذكور، وكنت أحصل على 21 جنيهاً مرتباً شهرياً وكان راتباً جيداً يلبى الاحتياجات، بالإضافة إلى البدلات التى كانت تصرفها الهيئة والمميزات، التى توفرها أيضاً للعاملين فى السد ولأسرهم أيضاً.

ويشير محمد يوسف محمد إلى أنه التحق بالعمل فى السد فى المراحل الأخيرة لإنشائه خلال عام 1975، وكان قد أدى الخدمة العسكرية وشارك فى حرب أكتوبر 1973، ثم انتقل من انتصار أكتوبر إلى انتصار السد العالى – على حد وصفه – ومعاصرة جيل الأبطال الفدائيين الذين تعلم منهم كل شىء حتى الوطنية التى كان مشروع السد العالى الذى يعده الكثيرون معجزة القرن العشرين، أساساً فيها وساعد على غرس روح الوطنية وحب الوطن والإخلاص، والسد العالى معجزة القرن العشرين.

وروى الحاج يوسف، ذكرياته فى العمل أثناء إنشاء السد، وكيف أن طبيعة عمله خلال تلك الفترة كانت مشرفاً على العمل فى إنشاء رمز الصداقة والذى أنشئ لإظهار العلاقات المصرية السوفيتية وتعاون الاتحاد السوفيتى مع مصر فى إنشاء السد العالى، وتصميم مبنى رمز الصداقة تم اختياره من خلال طرح مسابقة عالمية فاز بها أحد المهندسين السوفييت والذى صممه على شكل زهرة اللوتس التى كان يقدسها القدماء المصريون إلا أن هذا الرمز كان مهدداً بالانهيار بعدما أشيع أن إسرائيل تتخذ من الرمز هدفاً رادارياً تحدد به مدى استهداف السد العالى – على حد قوله – مشيراً إلى أن هناك مقترحات بهدم الرمز وإزالته حماية للسد العالى ولتضليل العدو الإسرائيلى خلال حرب أكتوبر، إلا أن أحد مهندسى السد العالى ابتكر حيلة لحماية الرمز من الهدم وكان الحل عن طريق تغطية مبنى رمز الصداقة بالكامل بغطاء يخلو من المعادن حتى لا ترصد الرادارات جسم الرمز.

 

بناة السد العالى مع أحفادهم

وبعث "يوسف"، برسالة إلى الأجيال الحالية قائلاً لهم: ندعو الله أن الجيل الحالى يستلهم وينعم بالروح التى كان ينعم بها آباؤهم من بناة السد العالى، ونتمنى أن يستلهموا روح الإخلاص والبناء خلال تشييد مستقبل هذا الوطن كما فعل بناة السد، وعليهم أن يضعوا فى اعتبارهم أن المقابل المادى هو آخر الأشياء التى يفكرون فيها حتى يبنوا المستقبل، معلقاً: "ولادنا لازم يتعلموا الإخلاص حتى يستطيعوا بناء وطنهم"، لافتاً إلى أن إخلاص بُناة السد هو من ساهم فى إنجاز المشروع ونقل مصر نقلة حضارية بنيت على أساسها المشروعات الكبيرة ومنها مجمع الألمونيوم فى نجع حمادى، وبسبب السد أصبح هناك رى دائم فى مصر، وحمى السد مصر من الجفاف خلال فترة السبعينات رغم أن الشعب الأثيوبى انقلب على زعيمهم "هيلاثيلاثى" إمبراطور أثيوبيا بسبب الجفاف الذى ضربهم، وحمى السد مصر من الفيضانات المتوالية على مصر وساهم فى توسيع الرقعة الزراعية لذلك أطلق عليه معجزة القرن العشرين.

 

 

بناة السد العالى يرفعون نوط التكريم

 

وحول المشاهد الوطنية من ذكريات بناء السد، قال مطاوع محمد السيد، البالغ من العمر 84 سنة: كنت وقت بناء السد العالى عامل تخريم وحقن فى أنفاق السد، والتحقت بالعمل فى السد خلال عام 1963، بعد أن تركت بلدتى بمحافظة قنا وأتيت للعمل فى المشروع العملاق، وهناك مشاهد وطنية شهدها العمل فى السد وكانت هناك منصة بمحطة الكهرباء وأثناء التفجير سقطت على عمال وردية بالكامل، وأصبحوا شهداء، ودخلت الوردية التى تليها أخرجت جثث زملائهم وأكملوا العمل، مع حزنهم على زملائهم، ولكن المصلحة العليا تقتضى استكمال العمل.

بناة السد العالى يروون قصص الكفاح لصحفى اليوم السابع

وأوضح الحاج مطاوع، أن افتتاح السد العالى كان احتفالا كبيرا لمصر، ورغم أن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لم يشهد الاحتفال بانتهاء العمل فى السد العالى، إلا أن الرئيس الراحل أنور السادات هو من افتتح مشروع السد فى عام 1971 وكانت هناك احتفالات كبيرة وليالى أضواء المدينة وحضر عدد كبير من الفنانين والمطربين لأسوان، وكانت قرينة عبد الناصر حريصة على حضور احتفالات السد العالى بعد افتتاحه.

صحفى اليوم السابع مع الحاج مطاوع أحد بناة السد

وتابع مطاوع السيد، بأنه بعد انتهاء العمل بالسد العالى تم توزيع عدد كبير من العاملين فى مشروع السد على جهات حكومية مختلفة، وحرصت الحكومة على عدم ترك العاملين فى السد بعد انتهاء العمل وكانت تلبى مطالبهم العملية وتوزيعهم على حسب رغبتهم وكانت هذه الرغبات تنفذ بالفعل، كما شارك عمال السد فى أعمال نقل معبد فيلة ومشروع توشكى الزراعى وترعة السلام، وكانت الإدارات المتعاقبة للسد العالى لا تبخل على العاملين فى إنشائه بشىء.

وناشد بناة السد العالى المقيمون بمستعمرة السد فى محافظة أسوان، الرئيس عبد الفتاح السيسى بتكريم بناة السد العالى خلال زيارته المقبلة لمحافظة أسوان على هامش إقامة منتدى الشباب العربى الإفريقى المقبل، مؤكدين أنهم يرون فى الرئيس السيسى ما رأوه فى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من روح وإخلاص وبناء لمستقبل مصر، لافتين إلى أن الزعيم الراحل كان يقدس السد العالى ويعتبره ابناً من أبنائه وكان يهتم بالعاملين فيه ويوزع عليهم الأنواط الشرفية وغير ذلك من الرعاية التى كانوا يتلقونها من الرؤساء خلال الفترات الماضية حتى بعد فترة حكم عبد الناصر.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة