أظهرت دراسة حديثة أن أعلى معدلات الإنجاب فى مصر مرتبط بشكل وثيق بمعدلات الفقر وليس العكس، وتزيد هذه المعدلات فى محافظات أسيوط وسوهاج ثم بنى سويف، يليها المنيا والفيوم.
وأشارت الدراسة الصادرة عن المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، والتى تم إعلانها اليوم الثلاثاء، خلال مؤتمر "كيف نتعامل مع القضية السكانية بشكل سليم".
وقالت الدراسة إن فترة الثمانينات والتسعينات شهدت نجاحا لبرامج تنظيم الأسرة والتعامل مع القضية السكانية دون غيرها، بسبب وجود استراتيجية قوية، وتمكين المجلس القومى للسكان، ووجود التمويل المطلوب لتنفيذ هذه البرامج.
وأضافت الدراسة أن اهتمام الحكومة بالقضية السكانية واستشعارها للخطر فى السنوات السابقة كان مرتبطا فقط بتراجع الأداء الاقتصادى، ولم يترتبط هذا الاهتمام بالقضية فى حد ذاتها فى فترات الأداء الاقتصادى القوى، وهو أمر خاطئ فى التعامل مع القضية.
ومن خلال تحليل الأداء فى الفترة من 1960 حتى الآن، ترى الدراسة أن خفض معدلات الإنجاب لم ينجح إلا بتحقيق العمل على كافة المحاور مجتمعة، والاهتمام المستدام بالقضية السكانية من كل مؤسسات الدولة، ووجود برامج خاصة مصممة لاحتياجات المناطق الفقيرة وفقا لطبيعة كل منها، ولتخفيض نسب الإعالة - أى السكان الذين يحتاجون للإعالة – فهذا يتطلب سياسات اقتصادية سليمة بالتوازى مع البرامج السكانية لتحقيق نتائج تنموية حقيقية.
واعتمدت الدراسة فى تحليلاتها على بيانات المسح الصحى للسكان DHS، وبداية التحليل من بيانات عام 1988 وحتى آخر مسح صدر عام 2014.
وقالت الدراسة إن معدل استخدام السيدات المتزوجات لوسائل تنظيم الأسرة يصل إلى 58.1% من المتزوجات، فى حين أنه من المستهدف رفع هذه النسبة إلى 74.7% من السيدات المتزوجات، لتخفيض معدل الخصوبة من 3.5 طفل لكل سيدة حاليا، إلى 2.1 طفل لكل سيدة.
وأن معدل انقطاع السيدات عن استخدام وسائل منع الحمل بعد السنة الأولى يصل إلى 30.1%، وذلك يرجع لعدة أسباب أبرزها الآثار الجانبية على الصحة التى تسببها هذه الوسائل.
وأظهرت الدراسة وجود ضغوط احتكارية فى سوق وسائل منع الحمل، تحول دون تحقيق استراتيجية السكان لأهدافها، تتمثل فى الاقتصار على 5 – 6 شركات مستوردة للوسائل، كما أن شروط تسجيل وسيلة جديدة بوزارة الصحة وطول مدتها التى تستغرق عامين، وغالبا ما ينتهى الأمر برفض التسجيل دون أسباب وجيهة، كما تحدد الوزراة دولا بعينها للاستيراد دون غيرها حتى وإن كانت الوسيلة أعلى جودة وأقل سعرا.
وانتقدت الدراسة الاعتماد على القروض فى تمويل هذا المشروع الهام، وعدم وجود بند مستقل بالموازنة مخصص للإنفاق على تنظيم الأسرة، كما أن قرض البنك الدولى الأخير المخصص لهذه القضية بقيمة 530 مليون دولار فى نوفمبر 2018، لا يغطى سوى 11.5% فقط من الوحدات الصحية و3.5% من المستشفيات، كما يخصص القرض لمحافظات أقل احتياجا مثل الاسكندرية.
وأوضحت الدراسة أن الوجه القبلى وهو الأعلى فى معدلات الخصوبة، هو الأقل طلبا واستخداما لوسائل تنظيم الأسرة، والأقل استخداما للوسائل الجيدة والأكثر استخداما لوسائل منع الحمل ذات الآثار الجانبية الضارة، والأكثر تضررا من ضعف سلاسل الإمداد، والأكثر تضررا من ضعف القطاعين العام والأهلى وتراجع نشاط العيادات المتحركة.
ودعت الدراسة للاستفادة من تجارب الدول الأخرى التى شملتها المقارنة وهى إيران وتركيا، من خلال 6 محاور مشتركة، هى الإيمان بأهمية الحوار المجتمعى وبقائه حيا، وحشد دعم القيادات السياسية بجميع مستوياتهم، وبرامج توعية مصممة خصيصا لتناسب احتياجات كل فئة على حدة، وخلق الثقة بين الوزارة والمستشفيات، والاعتماد على الدليل العلمى، وأن يكون التعليم السكانى جزء لا يتجزأ من النظام التعليمى ككل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة