وائل السمرى

أستاذ فى مادة «والنبى»

الإثنين، 14 يناير 2019 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هى حادثة متكررة، لكن تكرارها لا يمنع من تأملها، ولا يجعلها عادة لا تستحق المتابعة والتحليل، والصدفة وحدها هى التى قادتنى إلى تلك الواقعة، فضحكت أولا، ثم دهشت ثانيا.
 
«أنا عارف إن اللى فات ده كله «هبد» لكن معلش والنبى نجحنى»، هكذا كتب أحد الطلاب إلى أستاذه فى ورقة الإجابة، وهكذا هو الخطاب بين الأستاذ وتلميذه، «والنبى» هى كلمة السر، والرجاء والتوسل قبل كل شىء، لكن اللافت للنظر هنا هو أن «والنبى» هذه لم تأت من تلميذ فى المرحلة الابتدائية أو الإعدادية أو حتى الثانوية، لكنها أتت من طالب جامعى كنا نعتبره حتى وقت قريب «أد الدنيا»، وكنا نعده فى مصاف الرجال الذين لا يجوز لهم التوسل، أو البالغين الذين لا تتناسب معهم تلك الصورة «الأطفالى».
 
كلمة «هبد» فى هذا الاقتباس تعنى كذب أو تأليف، وهى كلمة يتداولها الشباب الآن بكثرة، وفق لغة جديدة يتفنن كل جيل فى ابتكارها لنفسه، قديما كان يقال «فشر» أو «تحوير»، أما الآن فالهبد سيد الموقف، واستخدام تلك الكلمة هنا تشير إلى أن هذا الشباب آخر موديل يتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعى بانتظام، يقوم بتنزيل التحديثات على تطبيقات الإنترنت أولا بأول، يتابع بشغف كل صفحات الكوميكس والكاريكاتير، لكنه لا يتابع شيئا عن المواد الدراسية التى من المفترض أنها تحدد مصيره ومستقبله، وأنا هنا لا أعيب على هذا الطالب عدم التزامه، فكلنا مر بتلك المرحلة، وكلنا أهمل شيئا أو بعض شىء فى تحصيل المواد الدراسية، لكن الأزمة هنا هو أن هذا الطالب لا يعبر عن نفسه فحسب، ولكنه يعبر عن قطاع عريض من قطاعات الشعب المصرى.
 
قطاع يستسهل التوسل على التحصيل، قطاع يريد أن يقنعك باستحقاقه للنجاح أو المكافأة أو التقدير، ليس بناء على مجهوده أو قدراته أو حتى مواهبه، ولكن بناء على خفة دمه وتوسلاته، قطاع يظن أنه سيربح المعركة من الجولة الأولى حينما «يجيب من الآخر» مهما كان هذا «الآخر» قبيحا وصادما وهادما لكل ما هو متعارف عليه، قطاع يريد منك ما لا يستحقه وهو يعرف أنه لا يستحق ما يطلبه، قطاع يرفع شعار لماذا أعمل سنة إذا كان المراد سيتحقق بالتوسل «ساعة»، قطاع لا يتفنن فى شىء قدر تفننه فى نطق كلمة «النبى» بكل اللغات واللهجات.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة