محمد حبوشه

"أردوغان" يسرق أفكار "السيسي" دون أدنى خجل

الجمعة، 07 سبتمبر 2018 05:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يكف زعيم الإرهاب التركى عن سرقة أفكار الرئيس السيسى يومياً، فلك أن تضحك من قلبك وأنت تستمع إلى تصريحات رجب طيب أردوغان، زعيم الإرهاب الدولى، قبل ستة أشهر وهو يرتدى حلة الإصلاح الدينى فى بلاده، فالرجل الذى تاجر مع الدواعش وغيرهم من رعاة الإرهاب، حيث اشترى منهم النفط وفتح مستشفياته لعلاج مقاتليهم، ومن قبل فتح بلاده للإخوان الإرهابيين ومنحهم منبرا واسعا لبث الفتن والشائعات فى العالم بأثره، هو نفسه الرجل الذى يحدثنا اليوم عن ضرورة تجديد الخطاب الدينى وتطوير أحكام الإسلام، وهو فى ذلك يسرق - دون أدنى خجل - أفكار ورؤى الرئيس السيسى التى نادى بها قبل 4 سنوات وحتى الآن.
 
والمتأمل لهذا المشهد العبثى من جانب "أردوغان" سوف يلمح الفارق واضحاً وجلياً بين الدعوتين، فالدعوة الأولى السابقة من جانب الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسي قوبلت باستحسان وتفهم لأنها خرجت من قلب رجل يحارب المتطرفين والتكفيريين، ويحمى وطنه منهم ليل نهار عبر حملات شرسة فى شرقى البلاد وغربها، كما يشهد المصريون والعالم على ذلك يومياً من خلال بيانات القوات المسلحة التى تشير لحجم الخسائر التى تقع فى صفوف تلك الجماعات الإرهابية، أما الأخيرة والتى صدرت عن أردوغان فلا مكان لها سوى دهاليز مواقع التواصل الاجتماعى على سبيل "القفشات الفيسبوكية " والنكات الهزلية التى تتناول تصريحاته المتناقضة بنكات قاسية دائما وأبداً.
 
أما الذى يدعو للدهشة أن "أردوغان" أكد وقتها ضرورة تحديث أحكام الإسلام، مشيراً إلى أنه لا يمكن تطبيق أحكام صدرت قبل قرون، حسبما ذكرت شبكة "سبوتنيك" الروسية، ودعا إلى فتح باب الاجتهاد من جديد، لكى يكون الإسلام قادراً على قيادة الحياة الحديثة، مضيفا: "لا يمكننا تطبيق أحكام صدرت قبل قرون، وهاجم أردوغان الولايات المتحدة الأمريكية موجها سؤالاً، "لماذا ترسلون السلاح إلى سوريا وتؤسسون 20 قاعدة عسكرية رغم نهاية "داعش"، على حد زعمه، فيما يبدو ذلك نوعاً من التناقض بين تصريحاته وممارساته على أرض الواقع العملى الذى يشير إلى دعم كل الجماعات الإرهابية العاملة على التراب السورى حتى الآن، دون أدنى خجل أيضا .
 
واليوم نشهد فصولا ًجديدة من جانب "أردوغان" من قبيل السرقة لأفكار الرئيس السيسى فى مواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تجتاح تركيا حالياً على إثر انهيار العملة المحلية "الليرة" أمام الدولار، فقد لجأ إلى اتباع نفس أساليب "السيسي" برفع سعر الفائدة، وكذلك فتح باب الحصول على الجنسية للأجانب، فى مواجهة الأزمات الاقتصادية التى واجهتها مصر فى أعقاب حكم جماعته "الإخوان الإرهابية"، لكن شتان بين هذا وذاك، فبحسب مقال كتبه المحلل الاقتصادى "فرديناندو جوليانى" عبر وكالة "بلومبرج" الأمريكية، قال إن فكرة "أردوغان" للسيطرة على الاقتصاد التركى رهيبة، وتأتى فى أسوأ لحظة ممكنة تعصف باقتصاد الدولة، موضحا أن الليرة لا تزال تعانى من حالة هبوط، فضلاً عن ارتفاع نسب التضخم، لذا فإن تركيا بحاجة إلى سلطة نقدية قوية وليست عميلة تستجيب لأوامر الرئيس الغريبة.
 
لم يفهم "أردوغان" فحوى التجربة المصرية فى رفع سعر الفائدة بهدف تحجيم التضخم، وتخفيفا للآثار الناتجة عن ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء، وكذلك ارتفاع ضريبة القيمة المضافة، بهدف الحفاظ على القوة الشرائية للجنيه المصرى، كما عبر عن ذلك محافظ البنك المركزى المصرى، حيث برر أسباب اتخاذ قرار رفع سعر الفائدة 2 %، مؤكداً أن القرار لفترة مؤقتة، ونتيجة لفهمه الخاطئ فلم يسمع "أردوغان" سوى كلامه نفسه، فى حين اختار السياسيون فى جميع أنحاء العالم الغنى والناشئ أن يفوضوا السياسة النقدية لتكنوقراط مستقلين؛ لأنهم لا يخضعون لضغوط نفس السياسيين، ومن ثم يستطيع المصرفيون المركزيون رفع أسعار الفائدة عندما يبدأ التضخم فى التلاشى، حتى لو كان له أثره على النمو والعمالة، وتعتبر الاستجابة فى الوقت المناسب أمرا حاسما لوقف التضخم الذى يخرج عن السيطرة، وإذا لم تتحقق أو تمت معالجتها بإجراءات خاطئة على الطريقة " الأردوغانية " فإنها تسبب مزيدا من الضرر، وهو ماحدث للأسف فى التجربة التركية.
 
لم تصل قناعة ما لدى "أردوغان" ذلك السياسى الجلف بأنه يجب أن تظل القرارات حول أسعار الفائدة كاملة فى أيدى التكنوقراط، وحتى إن كان قلة من السياسيين يتدخلون فى السياسة النقدية، فمن شأن ذلك أن يجعل المستثمرين يخشون من ارتفاع التضخم، الأمر الذى يدفعهم إلى الفرار من التعامل بعملة تلك البلد وديونها، وهو ما انعكس بالفعل على تركيا فى وضعها الحالى الذى سيكون الأمر فيها أشبه بإلقاء البنزين على نار مشتعلة بالفعل، إذ يقوم الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى برفع أسعار الفائدة بلا هوادة، ما يؤدى عادة إلى ارتفاع الدولار وتكاليف الاقتراض فى جميع أنحاء العالم، وعلى أساس ذلك تتعرض الأسواق الناشئة لضغوط، حيث يقوم المستثمرون بتحويل أموالهم إلى الولايات المتحدة، ما أدى إلى انخفاض فى العملات المحلية وارتفاع حاد فى عائدات السندات فى بعض البلدان ومنها تركيا بالطبع .
 
ويعتبر الاقتصاد التركى فى مقدمة هذا الاندفاع الكبير للخروج، بسبب ضعفه، حيث تعد تركيا واحدة من أكبر الاقتصادات التى تعانى من عجز كبير فى اقتصادها يبلغ نسبة 6.5 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى على أساس سنوى، فى الوقت الذى يعانى فيه الاقتصاد التركى من حالة ركود حاد وتدهور سريع فى العملة المحلية، بسبب سياسات الديكتاتور العثمانى رجب طيب أردوغان، وهو ما كشفته وسائل إعلام تركية معارضة للنظام، وأفصحت فى السياق ذاته عن فضيحة أن اللجان الإلكترونية المؤيدة للحكومة والتى تقف بالمرصاد للمعارضين، مصدر تمويلها "بيوت الدعارة" المنتشرة فى مدن أزمير وأنقرة.
 
جدير بالذكر أنه شهد عدد النساء اللاتى يمارسن الدعارة خلال فترة حكم حزب "العدالة والتنمية" زيادة بمقدار 1680%، حيث تمارس الدعارة فى تركيا بشكل قانونى، وفقا للمادة 227 من قانون رقم 5237، والذى يبيح مزاولة مهنة "الدعارة" وفتح بيوت لممارسة هذا النوع من التجارة المحرمة، ويصل عدد العاملين بها إلى 300 ألف شخص، ووفقا لأحدث الأرقام فإن تركيا تضم حوالى 15 ألف بيت دعارة مرخص، فضلا عن البيوت غير المرخصة، وتدر تجارة الجنس على تركيا 4 مليارات دولار سنويا، حيث تحتل المرتبة العاشرة حول العالم فى هذه التجارة، وتأتى مدن اسطنبول وأزمير وأنقرة، فى مقدمة المدن التى تنتشر فيها تجارة الجنس، وتنتشر فى تركيا كذلك نوادى التعرى.
 
رجب طيب أردوغان الذى استعان بمستشارين من أقاربه كى لا يسمع إلا الموافقة والدعم على قراراته، فقام بسلب سلطات البرلمان والقضاء وجعل نفسه صاحب الرأى الأوحد الصحيح لحكم البلاد، وكانت النتيجة المأساوية جراء تلك السياسات انهيار "الليرة" وخسارتها أمام الدولار الأمريكى خلال تعاملات الأسبوع الجارى، فقد سجل الدولار قفزة كبيرة مسجلًا 6.68 ليرة تركية، حيث أكد اقتصاديون أن هذا الارتفاع الجنونى يؤثر سلبًا على الديون الخارجية للقطاع الخاص التركى بالعملات الأجنبية، وحسب البيانات المعلنة من قبل البنك المركزى التركى، فقد بلغت قيمة الديون الخارجية للشركات التركية بالعملات الأجنبية فى مايو الماضى نحو 217.3 مليار دولار أمريكى، وذلك بسبب سياسات الدكتاتور العثمانى المتسرعة، والتى تؤكد إنه لطالما كان هو رجل الرقص على تناقضات السياسة والتوليف بين الأضداد فتكون المحصلة شعارات وعبارات تلهب مشاعر مريديه داخلياً وخارجياً، إلا أنها لم تحقق إلا ما يجعله فى السلطة أطول فترة ممكنة.
 
"أردوغان" المولع بنموذج السيسى فى الخفاء بينما يهاجمه فى العلن ويسرق أفكاره فى عز النهار، والذى طالما تغنى بنموذج خاص به للديمقراطية تبين خداعه مع تثبيت أركان حكمه بلا منازع، وبالتالى فإن "ديمقراطية أردوغان" حولت بلاده إلى أكبر حملة اعتقالات وإقالات لمواطنيه فى تاريخ تركيا الحديثة، وأتاحت الفرصة لقمع الحريات وتحولت تركيا فى عهده إلى أكبر سجن للصحفيين، وسياسته الخارجية ليست إلا امتداداً لرجل يحلم باستعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية لكن على طريقته، ولهذا تجده يدافع باستماتة أمام الشاشات وشعبه عن القضية الفلسطينية فى الوقت الذى امتلك فيه واحدة من أفضل العلاقات الثنائية مع إسرائيل فى المنطقة.
 
يتشدق رجل تركيا المريض بالحديث دوما عن محاربة الإرهاب فى الوقت الذى فتح أبواب بلاده على مصاريعها أمام التنظيمات الإرهابية، وقدم الدعم اللازم ليمكنهم من خراب سوريا، ومحاولات إسقاط الدولة المصرية خلافاً لدعمه المجموعات الإرهابية فى ليبيا وغيرها من المناطق، وكثيرون هم من يصفونه بأحد أنجح الرؤساء فى العالم الإسلامى، وهو بالفعل ناجح لكنه نجاح الخداع والغش والتلاعب بعقول أناس كانوا يطمحون يوماً إلى نظام سياسى يعيشون فيه بأمان وعدل واستقرار، فى وقت نجد فيه سفن تركيا الداعمة للإرهاب لا تأتى فقط إلى ليبيا عبر البحر المتوسط، وإنما تجوب كل البحار وتصل إلى العديد من مناطق النزاعات فى القارة الأفريقية، وفى يناير الماضى ضبطت السلطات اليونانية سفينة محملة بمتفجرات متجهة من تركيا إلى ميناء مصراتة فى ليبيا، وطالبت مصر بتحقيق مجلس الأمن فى الواقعة التى تخرق قراراته حول حظر التسليح عن ليبيا أو دعم الميليشيات، فضلاً عن ضبط العديد من سفن وحاويات السلاح التركى فى موانئ مصرية وعربية خلال سنوات حكم أردوغان الأخيرة.
 
أما آخر ألاعيبه فتمثلت فى "قناة إسطنبول الملاحية" كمشروع جديد أعلنه الديكتاتور العثمانى ليكون رديفا لمضيق البسفور، فى ظل الأزمة الطاحنة التى يشهدها اقتصاد أنقرة، وفى ظل انهيار الليرة التركية أمام الدولار الأمريكى، وهو ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت القناة التى يسعى لها أردوغان محاولة لإقناع الرأى العام التركى بأنه قادر على قيادة البلاد نحو التنمية الاقتصادية؟، وذلك فى وقت يشهد التحديات الكبيرة التى يواجهها سواء على المستوى الاقتصادى أو على الصعيد الدولى، بعد الأزمة الراهنة بين واشنطن وإسطنبول.
 
لا يكل ولا يمل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من ملء خزائنه من المال الحرام من خلال نهب أموال شعوب منطقة الشرق الأوسط، فبعدما نهب نفط العراق وسوريا فى وضح النهار، وذلك عبر الوسيط المتطرف ألا وهو تنظيم "داعش" الإرهابى الذى كان الدكتاتور العثمانى زبونه الدائم عندما كان يسيطر التنظيم الإرهابى على مدينتى "الموصل" العراقية و"الرقة" فى سوريا قبل تحريرهما.
 
وها هو نفسه "أردوغان" يسرق أموال الأتراك دون وجه حق والتهمة الجاهزة والمعروفة المعروفة للنصب على الأتراك هى الانتماء لـ"حركة الخدمة" التى يتزعمها "فتح الله جولن"، كما أصبحت تهمة التورط فى تحركات الجيش التركى العام الماضى ضد "أردوغان"، ذريعة أخرى له للاستيلاء على أموال الأتراك، خاصة رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات المالية الضخمة، وكذلك المساهمين فى الأعمال الخيرية، حيث تحول "أردوغان" من ديكتاتور إلى نصاب يستولى على أموال الشعب التركي، وذلك على الرغم من أن الأزمة التركية الحالية قد تطيح بأردوغان من الحكم إلا أنه مصمم على المضى قدمًا فيما يفعله، ولن يتراجع عن سياساته، فقد أصبح أسيرًا لنفسه ولأفكاره وحده دون غيره! .






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة