على الرغم من الاهتمام البالغ للرئيس عبد الفتاح السيسى بالمرأة خلال الفترة الأخيرة، إلا أن ذلك لم ينعكس بالإيجاب على المواقع القيادية بالأحزاب السياسية الموجودة بالساحة المصرية فى الوقت الراهن، ونادرا ما تكون صورة المرأة حاضرة فى اجتماع رئاسى أو للمكتب سياسى لحزب.
واهتمام الرئيس السيسى يظهر جليا فى حركة المحافظين الأخيرة بتولى 6 سيدات مناصب قيادية بين محافظ ونائب محافظ، إضافة إلى ارتفاع تمثيل السيدات بحكومة مصطفى مدبولى ليصل إلى 8 وزيرات بواقع تمثيل 25 % من إجمالى الوزارات بالحكومة، هذا بجانب التوصيات المكثفة للرئيس للجهات التنفيذية بالاهتمام بالمرأة والعمل على توليها المناصب القياديه.
بينما على الصعيد الآخر، يصل عدد الأحزاب فى مصر لأكثر من 100 حزب سياسى، ويمثل كلا من أحزاب الوفد ومستقبل وطن، المصريين الأحرار ومستقبل وطن والمؤتمر والحركه الوطنية، الشعب الجمهورى، والمحافظين ومصر بلدى والتجمع، ومصر الحديثة، أهم الأحزاب الموجودة على الساحة، ورغم ذلك لم يخرج خلال الفترة الأخيرة أى بيان يعبر عن موقف لجنة المرأة من أى قضية مطروحة أو قرارات تخص المرأة، بينما هناك الكثير من الأحزاب غير مفعل بيها لجنة المرأة من الأساس، كما أنه لم يخرج أى حزب ليعلن تولى امرأة رئاسته.
ومن واقع قراءة الهيئات البرلمانية للأحزاب بمجلس النواب، سنجد أن اختيار سيدة لتولى هذا المنصب وتمثيل الحزب "تحت القبة " لم يخرج إلا من حزبين فقط وهن الدكتورة هالة أبو السعد لرئاسة الهيئة البرلمانية للمحافظين، وألفت كامل لرئاسة برلمانية مصر الحديثة.
ومع الاستعدادات لانتخابات المحليات، وتمثيل المرأة وفقا لقانون الإدارة المحلية المنتظر صدوره بنسبة 25 % فى المجالس المحلية، تطرح التساؤلات حول مدى استعداد الأحزاب كيف تعمل على تدريب أعضائهن للانتخابات؟، وهل هناك فى الأساس خطة واضحة لتبنى تدريب المرأة للمحليات لدى الأحزاب؟.
وفق دراسات أعدتها جمعية الحقوقيات المصريات، كشفت أن نسبة مشاركة المرأة المصرية فى الحياة السياسية لا تتعدى 5%، بينما لا تتعدى مشاركتها كنائب فى البرلمان 2%، وتأتى مشاركتها فى الانتخابات المختلفة لتعكس تدنياً واضحا فى نسب المشاركة، حيث يذهب للتصويت من بين 5.3 مليون مواطنة لها حق التصويت أقل من مليون.
كما أن المشاركة السياسية للمرأة المصرية فى مصر فيما يتعلق بالمجالس الشعبية المحلية لاتزال فى وضع متدنى، حيث تقل نسبة تمثيل النساء فيها كثيرا عن 5% وهو ما يقل كثيرا عن نسبة تمثيلهن على نفس المستوى فى دول مثل ناميبيا وبوليفيا والهند، وتلك الدول تطبق أشكال التميز الإيجابى للمرأة على المستوى المحلى، بينما تطورت مشاركة المرأة فى البرلمان من نائبتين فى 1957، إلى 90 نائبة.
هالة أبو السعد: الأحزاب عليها التحرك لتأسيس تحالفات للمحليات..وتدريب المرأة والشباب
وطالبت الدكتورة هالة أبو السعد، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين، بضرورة تحرك الأحزاب خلال الفترة الأخيرة وفى أسرع وقت لتأسيس لتحالفات حزبية تكون أولى أجنداتها تدريب المرأة فى المحليات، مؤكدا أن الجميع عليه أن يدرك أن مصر بها تغير حقيقى وتطور للحياة السياسية.
وأشارت رئيس الهيئة البرلمانية لـ"المحافظين "، لـ"اليوم السابع "، إلى أنه حتى الآن لا يوجد دعم للمرأة للاستعداد للمحليات من مختلف الأحزاب السياسية، كما أن لا يوجد أى تحفيز للأفراد للدخول فى العمل السياسى سواء للمرأة أو للشباب، وهذا الأمر يختلف قليلا بحزب المحافظين نتيجة اهتمام رئيسها بالمرأة وثقتها فيها.
وعن تولى المرأة رئاسة حزب سياسى، قالت "أبو السعد " أن تولى المرأة لرئاسة حزب سياسى يحتاج لتغيير ثقافة مجتمع بأكمله، وأن يكون لدى الحزب الذى تنتمى له المرأة جرأة جماعية فى اتخاذ قرار بالدفع بها فى المناصب القيادية، مؤكدة أن المرأة قادرة على قيادة حركة سياسية كاملة، بحكم ما نجحت فى تحقيقه بكل المحافل السياسية خلال الفترة الماضية، وأثبتت أنها الأكثر جدارة فى العمل بمختلف المناصب، مشيرة إلى أن تبنى مبادرة تأسيس حزب للمرأة فقط لن يكون مقبول لأنه يحمل جزءا من العنصرية والانقسام.
طارق فهمى: لازالنا نعانى من غياب للمرأة على المستوى الشكلى والقيادى للأحزاب
ويقول الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، أن الحقيقة أن الأحزاب لازالت تعانى من غياب لافت للمرأة على المستوى الشكلى والقيادى، وعلى الرغم من أنها عليها التأهب لانتخابات المحليات من الآن إلا أنه يظهر أى استعدادات جاده لتدريب المرأة.
واعتبر "فهمى " أن الأحزاب انشغلت طول الفترة الماضية بإعادة فك وتركيب الأحزاب وتكوينها، لكنه من الضرورى أيضا البدء فى التأهيل وتكوين رؤية جادة حول الانتخابات وإعادة الأحزاب عملها لتأهيل برامجها، خاصة وأن انتخابات المحليات تمثل معركة جادة على مستوى مصر كلها.
وأشار إلى أن المتابع جيدا للخريطة السياسية يرى أنه لا يوجد كوادر حقيقة للمرأة بالأحزاب، ولا تظهر قيادات للمرأة كثيرا إعلاميا ممثلة عن الأحزاب فلا نجد سوى اثنين أو ثلاثة فقط، مقترحا ضرورة دمج الأحزاب فى تحالفات حتى تستعد جيدا للمحليات.
ويؤكد الدكتور أكرم ألفى، أستاذ العلوم السياسية، أن الأحزاب حتى الآن لا يقوم برنامجها على فكرة الدفاع عن المرأة، فهى مازالت تمثل قضية هامشية له، وهو ما يجعلنا نتأكد أن المرأة ليست إلا زينة للأحزاب السياسية فقط لإكمال الصورة الخارجية عنها.
وأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى أن الأحزاب لديها أزمة فى الخطاب السياسى، وكل ما يهمها فى تواجد المرأة مرتبط فقط بالكوتة أو بالصورة العامة، قائلا " تقدمنا بشدة فى التشريعات الخاصة بالمرأة وكسر التابوهات مثل وجود محافظة أو وزيرة ".
وأضاف أن الفترة الأخيرة لم نرَ فيها أى حزب سياسى يتبنى قضية تتعلق بالمرأة، قائلا: " نحن أمام معضلة سياسات أكبر من مجرد تمثيل للمرأة..كما أنه لا يوجد حتى الآن أى إجراءات فعليه لتدريب المرأة.. ستخسر الأحزاب كثيرا لو لم تحضر نفسها لانتخابات المحليات والاهتمام بالمرأة ".