خرجن لجنى"الذهب الأبيض" وعدن بـ"الكفن".. أهالى 5 عاملات باليومية يروون قصص مصرعهن بعد انقلاب جرار زراعى فى مصرف.. زوج إحدى الضحايا: كانت بتصرف على مرضى والولاد.. وآخر: أنا وولادى معاقين وزوجتى كانت إيدى ورجلى

اتشحت قرية تل القاضى التابعة لوحدة صفط زريق المحلية مركز ديرب نجم محافظة الشرقية، بالسواد بعد أن فقدت 5 من خيرة سيدات القرية، واللاتى خرجن ضمن مجموعة كبيرة للعمل باليومية فى جنى محصول القطن، وعم الحزن بيوتهن خاصة وأنهن جميعا متزوجات وتركن وراءهن أطفالا منهم رضع.

وقال أيمن العوضى أحد أهالى القرية، إن معظم أهالى القرية يعملون أرزقية وإن القرية مدرجة ضمن القرى الأكثر احتياجا، وأن الحادث الذى وقع أمس جاء نتيجة المعاناة التى تعيشها العديد من الأسر بالقرية.

وأضاف، أن خروج السيدات للعمل باليومية يأتى اضطراريا لحاجتهم لذلك، قائلا:" قام أحد الأهالى بتحميل أكثر من 13 سيدة من القرية فى مقطورة جرار زراعى يعملون فى جمع القطن بإحدى القرى المجاورة."

وتابع:" وأثناء سير الجرار الزراعى على طريق ضيق بجوار ترعة انحرفت عجلة القيادة وانقلبت المقطورة على السيدات فى الترعة، وتفاجئنا جميعا بمكبرات الصوت تنادى بالخروج لإنقاذ السيدات، وقمنا بإحضار لودر لسحب المقطورة من أعلى السيدات الـ 5 وبعدها حضر الإسعاف وحملهم جميعا للمستشفى ليتوفى 5 ويصاب 7 ."

وقال شعبان إسماعيل رمضان زوج هنية بدران كيلانى "إحدى الضحايا" :" أنا معاق ولا أتحرك إلا بصعوبة .. وكانت زوجتى هيا اللى بتأكلنى وتشربنى وتعيننى على مصاعب الحياة ".

وتابع: "بعد علمى بوفاتها شعرت أن ظهرى اتقطم نصفين"، مضيفا:" لا أدرى كيف أكمل الحياة بعدها فقد رزقنى الله منها ب 3 أبناء الأكبر إسماعيل 12 سنة معاق هو الآخر ووردة 6 سنوات تعانى من صعوبة فى النطق ومحمد 5  سنوات يعانى من تخلف عقلى.

وسرد عن زوجته قائلا:" كانت أحلامها بناء المنزل وإحضار كرسى متحرك لى وكانت تحملنى لأتحرك فى أى مكان ولم تيأس يوما من كرم وعطاء الله، فكانت دائما تصلى وتدعى أن يفتحها علينا ونستطيع تربية أبنائنا المعاقين".

وأضاف: " كانت قبل الأعياد تكثر من العمل لجلب مبالغ وشراء كسوة لأبنائنا ولى وكانت تحرم نفسها لتحضر لنا كل شئ "

وبكى قائلا،:" لو لفيت الدنيا لن أجد مثلها فهى كانت لى زوجة وأختا وأما وكل شئ فى الحياة، أنا أعيش بمنزل تعيش معى فيه الفئران وتتساقط عليا من سقفه ونستيقظ مفزوعين أنا وأبنائى، مطالبا المسئولين بالتدخل لبناء المنزل قبل أن ينهار عليه.

وأوضح:" استيقظت زوجتى مبكرا وصممت على الذهاب لجمع القطن وحاولت منعها إلا أنها أصرت قائلة عايزة أروح السوق أجيب للأولاد أى حاجة وذهبت ولم تعد إلى المنزل بل عادت إلى مدافن العائلة وتركت الأولاد يبكون من حولى".

وقالت نورا سليمان شقيقة وردة سليمان " إحدى الضحايا":"  شقيقتى تزوجت منذ أكثر من 10 سنوات وزوجها يعمل باليومية و مريض بالكبد وخرجت فى صباح اليوم تعمل وتساعد زوجها على متطلبات الحياة هى وزوجة شقيق زوجها هيام سيد أحمد ليلقوا مصيرهم المحتوم ويعودوا جثث هامدة"

 وغلبت عيناها الدموع، قائلة :" أنجبت شقيقتى سلمى بالصف الثالث الابتدائى سلمى ومحمد 5 سنوات ومنذ خبر الوفاة والأولاد لم يتوقفوا عن البكاء ونحن لا نستطيع عمل شيء سوى البكاء معهم "

وقال مصطفى محمد نصر زوج بشرى سليمان، " إحدى الضحايا":" أنا لم أصدق حتى الآن أن زوجتى حبيبتى التى كانت تحرم نفسها، وتقول لى أنا أساعدك وسد مصروفات أسرة شقيقك المريض، رغم ظروفنا الصعبة كانت تفكر فى أعمال كثيرة وتخرج دون خجل للعمل وكلما طلبت منها عدم خروجها تصر وتقول أنا وأنت واحد .. انت سندى وربنا يحب المكافحين."

وأضاف :" أنا أعمل أرزقى بورشة حدادة.. أعمل يوما وعشرة بدون عمل .. وهذا ما جعلنى أسمح لزوجتى للخروج للعمل لنستطيع تدبير مصروفات الأسرة "

وزاد بكائه قائلا بصوت متقطع:" لم أدرى بنفسى منذ أن علمت بخبر الوفاة ولم أدرى ماذا أقول لمحمود 7 سنوات ومحمد سنتين .. دايما بيسألوا عن والدتهم.. أول يوم تستيقظ مبكرا وتلقى عليا الصباح بشكل غير عادى وقامت بتنظيف المنزل وجهزت الفطور وافطرنا جميعا وقبلت الأولاد وخرجت" 

من جانبه أكد المهندس حمدى نصر رئيس مركز ومدينة ديرب نجم أن أحد المواطنين قام بتحميل عمال لجمع محصول القطن بمقطورة  جرار زراعى وأثناء سيره على مصرف بحر السمن متفرع من مصرف بحر صفت مقابل قرية تل القاضى، وتم نقلهم جميعا للمستشفى وتواجدت فورا عند إخراج الجرار والمقطورة لنجد 5 سيدات لقوا مصرعهم وإصابة 8 آخرين تم نقلهم لمستشفى ديرب نجم وتم عمل الإسعافات لهم وحالتهم مستقرة، تم الغسل بالمستشفى وبعد تصريح النيابة تم دفنهم بجبانة تل القاضى، وتم إخطار التضامن الاجتماعى الذى قام بعمل اللازم لصرف معونات للمتوفين والمصابين.