أحمد إبراهيم الشريف

حكاية أولاد حارتنا.. سيرة مصر كما يرويها محمد شعير

السبت، 29 سبتمبر 2018 01:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قلت من قبل «إن محمد شعير يقدم خدمة كبيرة للثقافة»، وهى جملة لا تحمل أية مبالغة، فالناس المهتمون بالشأن الثقافى نوعان، النوع الأول من تخدمه الثقافة، وكلنا هذا الرجل، والنوع الثانى من يخدم الثقافة، وهو من منحه الله بركته، وصار يملك شيئًا فارقًا يمثل إضافة حقيقة «معرفية» يخدم بها الآخرين والمجتمع.
منذ سنوات كثيرة، لم يثر كتاب غير سردى كل هذا «الحراك» الذى فعله كتاب محمد شعير الصادر حديثًا عن دار العين، والمنتظر منذ زمن «أولاد حارتنا.. سيرة الرواية المحرمة»، وقد كتب الكثيرون عن الكتاب، كتابة يستحقها، استطاعوا من خلالها الخوض داخل أفكار الكتاب وتلمس الجهد الكبير الذى بذله محمد شعير لإخراجه بشكل مختلف مثير وقوى.
وجوهر الحكاية، من وجهة نظرى، تكمن فى كون محمد شعير يعرف أنه يكتب عن نجيب محفوظ، وأن مئات الكتب والدراسات والمقالات والشهادات صدرت عن الرجل وأدبه، لذا فكر كثيرًا فى «الطريقة» التى يتحدث بها عن أديب مصر العظيم، بالطبع بعضنا يعرف بعض الحكايات التى قالها «شعير» لكن كلنا لا يعرف كل ما قاله الكتاب وحمله بين غلافه، وكثيرون منا لم يلقوا نظرة كاملة على السياق المحيط أو جمع كل الأطراف فى «سلة واحدة»، ولم يهتم أحدنا من قبل بأن يذهب إلى «3 ش عبدالعزيز حبيب- شبين الكوم» ليتأكد من عنوان «محمد أمين» الذى كان أول من أثار أزمة ضد رواية أولاد حارتنا بعدما بعث برسالة إلى صالح جودت فى «المصور» فى 18 ديسمبر 1959، قبل اكتمال نشر الرواية بأسبوع يحذر مما يفعله نجيب محفوظ على صفحات الأهرام، لكن محمد شعير فعل ذلك وذهب إلى المكان، وسأل عن هذا الـ«محمد أمين».
نعم إن الكثيرين أفاضوا فى الكتاب، وهو يستحق، لكننى كلما قرأت جزءًا من الكتاب، توقفت لأفكر أكثر فى محمد شعير، كيف استطاع أن يجمع كل هذه المادة الكثيرة، ثم يعيد هيكلتها من جديد، ثم يملأ الثغرات التاريخية بأصوات الشخصيات صانعة الحكاية الواقعية لأزمة نجيب محفوظ الرمزية، وفى الوقت نفسه لا يختفى هو خلف هذه الأصوات.
نعم صوت محمد شعير واضح جدًا، رغم أنه يكتب سيرة، هل يمكننى أن أقول سيرة للزمن؟ نعم فقد تتبع نجيب محفوظ فى فتوته وهو يراقب الرواية تنشر، ورصده فى تحقق مجده وهو يحصل على «نوبل»، ثم تتبع ألمه «الحقيقى» فى شيخوخته والإرهاب يضع مطواته الخبيثة فى الرقبة، فى الوقت نفسه هى سيرة زمنية أيضًا لثورة يوليو 1952، وما أصابها بين نظام ناصر فى نهاية الخمسينيات ورجال مبارك طوال ثلاثين عامًا، وهى أيضًا سيرة زمنية للخط الدينى الصاعد بقوة ناحية التطرف الذى ينمو فى قلب الحكاية ولا نقول على هامشها، حيث التربص بالكلمة فلا فارق بين محمد الغزالى وعمر عبدالرحمن، فالجميع صورة أخرى من سيد قطب ورؤيته المنحدرة بقوة ناحية الهاوية.
شكرًا محمد شعير، لأنك أفدتنا وأمتعتنا وعلمتنا كيف نحترم ما نكتبه، ونمنحه قلبنا فيمنحنا روحه.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة