سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 سبتمبر 1965.. عبدالناصر يلغى مقابلته مع الوزير البريطانى «طومسون» قبل موعده بثلاثة أرباع ساعة بسبب «عدن»

الأربعاء، 26 سبتمبر 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 سبتمبر 1965.. عبدالناصر يلغى مقابلته مع الوزير البريطانى «طومسون» قبل موعده بثلاثة أرباع ساعة بسبب «عدن» جورج طومسون

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان موعد الوزير بالحكومة البريطانية، «جورج طومسون»، يقترب مع الرئيس جمال عبدالناصر فى القاهرة يوم 26 سبتمبر «مثل هذا اليوم عام 1965»، لكن كل شىء تغير فجأة، حسبما يؤكد الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «الانفجار».
 
وصل«طومسون»إلى القاهرة يوم 25 سبتمبر 1965، وتم إبلاغ السفير البريطانى«جورج ميدلتون»بأن الرئيس سوف يستقبل الوزير الزائر، وهو«أى السفير»فى الساعة الثانية عشرة والنصف ظهر اليوم التالى«26 سبتمبر»، ويوضح هيكل الأجواء التى سادت المنطقة قبل هذه الزيارة، مؤكدًا أن منطقة الخليج وتحديدًا«الإمارات»، كانت أساسا فيها، فالإمارات كانت خاضعة للنفوذ البريطانى، فى نفس الوقت«كان شاه إيران يشجع هجرة عناصر غير عربية إلى هذه المنطقة، مما بدا معه أن هناك مخططًا مرسومًا لتغيير طبيعة تركيبتها السكانى».
 
يؤكد هيكل: «تنبهت الحكومات العربية إلى ما يجرى، فاتخذ مؤتمر القمة العربى الثانى بالإسكندرية«سبتمبر 1964»قرارًا بضرورة«دعم العلاقات العربية الأخوية بإمارات الخليج، وإرسال بعثة أخوية عربية لبحث تقديم المساعدة إلى«إمارات ساحل عمان»، «أبوظبى - دبى - الشارقة - عجمان - الفجيرة - أم القوين - رأس الخيمة»، ثم قرر مجلس رؤساء الحكومات العربية إنشاء صندوق فى الجامعة العربية لمعونة إمارات الخليج، ورصدت مبلغ مليون ونصف مليون جنيه إسترلينى ساهمت فيه بالتساوى: مصر والعراق والسعودية والكويت، واتصلت الجامعة العربية بحكام الإمارات لتحصل على موافقتهم على التعاون مع الصندوق العربى، وإذ بالحكومة البريطانية تسخر كل نفوذها لكى تحول دون حدوث هذا التعاون».
 
وصل«طومسون»إلى المنطقة وسط هذه الملابسات، وحسب هيكل بدأت تتردد أخبار عن اجتماعات يعقدها مع حكام الإمارات ويخطرهم بأن الحكومة البريطانية قررت إنشاء صندوق لمعونة إماراتهم، وهذا الصندوق هو المصدر الوحيد لتوزيع المعونات، وإذا رغبت الجامعة العربية أو أيا من دولها فى تقديم مساعدة، فمن الضرورى أن تمر عن طريق الصندوق البريطانى، وهو يتصرف فيها مع ما لديه من اعتمادات واردة من مصادر أخرى.. يؤكد هيكل: «زادت التقارير فإذا بتفاصيلها تؤكد أن بعض الحكام حاولوا أن يبينوا لطومسون أنهم لايستطيعون رفض معونات عربية ولا أن يمتنعوا عن التعاون مع الجامعة العربية، فهددهم بالعزل إذا لم يخضعوا».
 
يؤكد هيكل: «كانت القاهرة تتوقع أن يخرج«طومسون»من لندن متوجهًا مباشرة إليها باعتبارها مقصد رحلته، لكنه اتجه أولا إلى منطقة الخليج، ومن هناك بدأت القاهرة تتلقى تقارير عن نشاطه فى مختلف المشيخات والإمارات، ووصل القاهرة يوم 25 سبتمبر 1965 واجتمع بمحمود رياض وزير الخارجية، وفى الساعة العاشرة صباح يوم 26 سبتمبر، وقبل موعد اجتماعه بالرئيس جمال عبدالناصر الساعة الثانية عشرة ظهرا، التقطت محطات الاستماع من لندن بيانا رسميا عن مجلس الملكة يعلن أن المجلس«اتخذ قرارا بتفويض الحكومة البريطانية بإلغاء دستور عدن«اليمن الجنوبى»، وفرض الحكم المباشر للمندوب السامى البريطانى على المستعمرة، وأذاع راديو لندن هذا البيان، وتلاه خبر عن اعتقالات لزعماء وطنيين فى عدن، ثم كان الخبر الثالث مباشرة فى الإذاعة البريطانية هو «أن طومسون سيقابل الرئيس جمال عبدالناصر فى القاهرة فى ظرف ساعة من الآن». 
 
كانت«عدن»تحت الاحتلال البريطانى من 19 يناير 1839، وفى 14 أكتوبر عام 1963 اندلعت ثورتها المسلحة ضده وساندتها مصر، ووفقا لرئيس اليمن الجنوبى الأسبق«على ناصر محمد»: «عند زيارة الرئيس جمال عبدالناصر لمدينة تعز عام 1964، أعلن وقوفه إلى جانب الثورة المسلحة فى الجنوب، وتقديم كل أشكال الدعم السياسى والعسكرى والمالى والإعلامى لهذه الثورة، وأعلن يومها أن على الاستعمار البريطانى أن يحمل عصاه ويرحل من عدن.وبعد هذه الدعوة، وقف الشعب فى الجنوب بكل قواه السياسية إلى جانب الثورة المسلحة، وجرى تدريب المئات والآلاف فى«تعز والقاهرة والداخل»ضمن ما سميت حينها«عملية صلاح الدين»، التى كان يشرف عليها مسؤولون فى مصر، وقدمت كل أشكال الدعم للفدائيين فى عدن وجبهات القتال فى الجنوب».
 
كانت الصورة كاملة أمام جمال عبدالناصر بعد دقائق من صدور بيان«مجلس الملكة»، وقبل لقائه بـ«طومسون»، ويكشف هيكل: «أجرى عبدالناصر اتصالات تليفونية مع وزراء وأعضاء اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى، ثم قرر بعدها أنه لم يعد يستطيع مقابلة الوزير البريطانى، وإلا اعتبرت مقابلته له موافقة على الإجراءات البريطانية، إلى جانب أن شكل التصرفات كلها يوحى برغبة الاستفزاز».. يؤكد هيكل: «توصل عبدالناصر إلى قراره فى الساعة الثانية عشرة إلا الربع، والباقى على موعد الوزير البريطانى خمسة وأربعون دقيقة، واتصلت تشريفات الرئاسة بالسفير البريطانى، ولحقت به على باب السفارة قبل أن يهم بركوب السيارة مع«طومسون»، متوجهين إلى مقابلة الرئيس فى بيته بمنشية البكرى، وقال رئيس التشريفات للسفير «إنه مكلف بإبلاغه أن الموعد المحدد للوزير البريطانى وله لمقابلة الرئيس لم يعد قائما».. وأصدرت رئاسة الجمهورية بيانا حول الموضوع.
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة