جلس "أحمد" وهو ناقم على نفسه ومن حوله، يتصفح هاتفه المحمول، يقلب صفحات السوشيال ميديا، فاستوقفته صورة صديقه "على" ، نعم هو "على" الذى غادر القرية منذ سنوات وانقطعت أخباره، وهذه السيارة الفاخرة التى تظهر بجواره يؤكد فى البوست أنها ملكه ، فقد سافر منذ عدة سنوات بطريقة غير شرعية ووصل لعواصم أوروبا وأصبح لديه كثير من الأموال، بحد قوله .
"على" ليس أقوى منى ولا أفضل جسدياً، هكذا فكر "أحمد" ، ليقرر فجأة أن يسلك نفس المسار، ففتش عن السمسار حتى وجده، وألقى بين يديه الآف الأموال التى اقترضها والده من أجل أن يفتح لابنه مشروعاً يدُر عليه رزق حلال، ليغرق المركب وتبتلع المياه "أحمد" قبل أن يصل لـ"على".
قصة تتكرر كثيراً، أبطالها شباب أحلامهم قاتلة، يتلاعب السماسرة بمشاعرهم، يبتزوهم بالأموال ويلقون بهم فى البحر ليموت بعضهم غرقاً، ومن ينجو تضبطه قوات الشرطة الأجنبية على سواحلها.
الأجهزة الأمنية لم تقف متكوفة الأيدى أمام هذه الظاهرة، فقد نجحت إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر بوزارة الداخلية، فى ضبط عناصر تشكيل عصابى تخصص فى تسهيل تسفير راغبى الهجرة غير الشرعية بعد محاولة القيام بتسفير 33 مهاجرا غير شرعى عبر الدروب والمدقات الصحراوية، فى إطار استراتيجية وزارة الداخلية الهادفة فى أحد محاورها إلى تشديد الرقابة على الأماكن الحدودية وإحكام السيطرة ومكافحة الجرائم بكافة أشكالها، وخاصةً مواجهة جرائم الهجرة غير الشرعية والتنسيق مع كافة الجهات المعنية للحد من تلك الظاهرة وضبط مرتكبيها والقائمين عليها.
وفى سياق متصل، تمكنت الأجهزة الأمنية من إحباط محاولة تهريب 33 مهاجرا غير شرعى من بينهم اثنان يحملان جنسية إحدى الدول العربية إلى إحدى الدول العربية عبر الدروب والمدقات الصحراوية، وذلك حال تواجدهم بأحد المنازل المهجورة بعزبة الحيران بدائرة قسم شرطة السلوم بمديرية أمن مطروح تمهيدا لسفرهم.
ومن خلال جمع المعلومات وتكثيف التحريات توصلت جهود إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر بقطاع مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة أن وراء تلك المحاولات تشكيلاً عصابياً ضم 5 أشخاص، وعقب تقنين الإجراءات بالتنسيق مع مديرية أمن المنيا تم ضبط ثلاثة منهم.
وتم اتخاذ الإجراءات القانونية والعرض على النيابة العامة التى باشرت التحقيقات، وتكثف الأجهزة الأمنية جهودها لضبط المتهمين الهاربين.
المقبوض عليهم
الكارثة الأكبر أن بعض الناجين من رحلات الموت تتلقفهم عصابات منظمة أحياناً، تستغلهم فى جرائم كبرى وربما تسرق أعضاءهم، وربما يتم الدفع بهم فى معسكرات الإرهابيين.
واللافت للانتباه أن بعض الشباب يسددون آلاف الجنيهات للسماسرة من أجل السفر بطريقة غير شرعية، فى حين أنه يمكنه أن يفتتح مشروع بهذه المبالغ التى تصل لـ 50 ألف جنيه أحياناً، والبعض يهرب من فكرة العمل المتواضع فى مصر مبرراً ذلك بأنها لا تتناسب مع مؤهله ومكانته الاجتماعية، فى حين أنه يسافر خارج مصر "يغسل الأطباق" ، ويعيش مطارد من الشرطة مهدداً بالترحيل فى أى وقت.
ويحصل بعض السماسرة على "شيكات على بياض" من أهل الشاب المهاجر لضمان عدم الإبلاغ عنه، وتضطر هذه الأسر إلى عدم الإبلاغ عنهم لدى وفاة أبناءهم خوفاً من الشيكات التى وقعوا عليها.
الهجرة غير الشرعية
وبلغة الأرقام، نجحت الأجهزة الأمنية، خلال عام 2010 فى ترحيل 500 شاب والظاهرة كادت أن تنحصر قبل ثورة 25 يناير بسبب قانون الطوارئ واعتقال المسئولين عن الهجرة غير المشروعة، وفى عام 2011 تم تحرير 24 قضية تضم 1300 شاب، وفى 2012 تم ضبط 703 قضية وإحباط تهريب 1500 شاب، وفى 2013 تم ضبط 979 قضية وإحباط هجرة 1200 شاب، وفى 2014 تم ترحيل 38 شابا وإحباط هجرة 2600 شاب، وفى 2015 تم ضبط 246 مرحلًا وإحباط تهريب 4200 شاب.
وقال قانونيون، إنه للأسف العقوبات ضعيفة للغاية، وهى حبس سنة للمهرب، ويتم اعتبار الشاب الذى يحاول السفر بطريقة غير شرعية "ضحية"، ومن ثم نحتاج على ثورة تشريعية وتغليظ للعقوبات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة