تمثل الانتخابات البرازيلية المقررة فى 7 أكتوبر صداما أساسيا بين الديمقراطية وسيادة القانون، بما فى ذلك إجراء انتخابات حرة ونزيهة واحترام الإجراءات القانونية الواجبة، ويعتبر ترشح الرئيس البرازيلى الأسبق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا ، فى 15 أغسطس ، جزء من هذا التناقض.
وسيقرر النظام الانتخابى والقضائى البرازيلى الذى يعقد فى منتصف سبتمبر إذا ما أقرت بترشحه أو على الأرجح منعه من المشاركة ، وهو ما سيكون خطأ كبير، حيث أن وجود لولا فى الانتخابات سيعزز الديمقراطية فى البرازيل ، وهو شرط قانونى ضرورى .
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "لا جاثيتا" الإسبانية فإنه رغم وجود الرئيس البرازيلى الأسبق فى السجن والحكم عليه بـ12 عاما من السجن ، إلا أنه لا يزال المفضل لدى البرازيليين ، ويقود استطلاعات الرأى قبل الانتخابات البرازيلية فى 7 أكتوبر القادم.
ويزداد لولا دا سيلفا تصميما لخوض الانتخابات البرازيلية والترشح من أجل البرازيليين وذلك رغم أن قواعد الانتخابات البرازيلية تمنعه من الترشح لمنصب عام، إلا أن استطلاع للرأى نشرته شركة MDA للاتحاد الوطنى، أظهر أن صاحب المعجزات لديه 37.7% من نية التصويت أمام القضاء الانتخابى، بينما خايير بولسونارو ، حصل على 18.3%، أما عالمة البيئة مارينا سيلفا فحصلت على 5.6% ، والديمقراطى الاجتماعى جيرالدو الكمين فحصل على 4.9%، وسيرو جوميز فحصل على 4.1% اما اليبرالى الفارو دياز فحصل على 2.7%.
أسباب حب البرازيليين له
من الأسباب التي جعلت لولا دا سيلفا يحظى باحترام وتقدير شعبه والعالم أجمع، هو رفضه الاستمرار فى منصبه بعد انقضاء مدة ولايته، على الرغم من إن ذلك كان مطلبا شعبيا، ولكنه رأى إن عليه أن يكون قدوة، وأن يحترم الدستور المحدد به مدة الفترة الرئاسية وعدد مرات الولاية، فخرج الشعب البرازيلى فى تظاهرات حاشدة ليودع دا سيلفا بالدموع، معبرين له عن مدى حبهم وامتنانهم له.
إنجازاته
المشهد الاقتصادى البرازيلى منذ الثلاثينات بدا شديد التعقيد مع تراكم الديون، ما جعل الاقتصاد هزيلا ضعيفا، وحين تولى دا سيلفا رئاسة البرازيل كانت الدولة آيلة للسقوط ومهددة بالإفلاس، ولكنه اتبع سياسات حقق فيها المعجزة التى جعلت منه الرئيس الأكثر شعبية فى تاريخ البرازيل.
وبدأ دا سيلفا باتباع سياسة تقشفية فى مخصصات البرامج الاجتماعية، وأثارت هذه السياسات جدلا كبير، كما تسببت فى انشقاقات واتهامات للرئيس بالتخلى عن انتمائاته اليسارية، وفشل فى البداية، ولكنه اتبع خطة جديدة للنهوض بالاقتصاد.
ومن خلال سياسة إحلال الواردات وتحقيق قفزة هائلة فى الصادرات، تحولت البرازيل من أنجح النماذج فى العالم فى تنفيذ هذه السياسة، حيث اعتمد دا سيلفا على انتهاج سياسة إنمائية تقوم على تشجيع الزراعة والصناعات التى تدعمها الدولة بصفة أساسية.
ونظم الاقتصاد غير الرسمى الذى يصل إسهامه فى الناتج المحلى الإجمالى إلى حوالى 40%، وأنفق الكثير على مشروعات البنية التحتية، وعمل على تشجيع السياحة بصورة غير مسبوقة، مع استئناف برنامج خصخصة الشركات المملوكة للدولة.
تعامله مع الديون
تمكن دا سيلفا من سداد جميع مستحقات صندوق النقد فى أواخر عام 2005، والتى كانت تقدر بـ15.5 مليار دولار، كما أنه سدد ديون الأنظمة السابقة قبل عامين من موعدها المحدد، وسددت جميعها من الاحتياطى النقدى البرازيلى.
واستطاع الرئيس البرازيلى السابق خلال فترة رئاسته، أن ينقل البرازيل من الفقر المدقع عبر إصلاحات كبرى للنظام السياسى والاقتصادى، وعبر فترة الرئاسة لـ8 أعوام ضخ دا سيلفا مليارات الدولارات فى البرامج الاجتماعية، نجح معها فى محو عدم المساواة التاريخية فى البرازيل.
وتمكنت البرازيل طوال مدة حكمه من توسيع نطاق مساعدة الدولة للفئات الأكثر فقرا من خلال برنامج المنح الأسرية، حيث قدم المساعدة إلى 44 مليون شخص، وعلى مستوى الأجور ومعدل التضخم فى البلاد، وهما من أهم ما يشغل بال مواطنى أى دولة فقيرة، استطاع أن يرتفع بالحد الأدنى للأجور، لتصبح أعلى من معدل التضخم، كما استطاعت البرازيل طوال فترة حكمه تحقيق فائض بميزانها التجارى، ومساعدة الأسواق المالية عن التخلى عن مخاوفها.
وطالبت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، البرازيل باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان تمتع الرئيس السابق لولا دا سيلفا بحقوقه السياسية أثناء وجوده فى السجن، وذلك كمرشح فى الانتخابات الرئاسية لعام 2018.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة