أكرم القصاص

نجيب محفوظ أديباً عمومياً وناشطاً سياسياً!

الخميس، 23 أغسطس 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كتاب «أولاد حارتنا.. سيرة الرواية المحرمة» لمحمد شعير الصادر عن دار العين بالقاهرة، عاد نجيب محفوظ يفرض نفسه على جدل الأدب والسياسة بعد 12 عاما من الرحيل. 
 
محمد شعير فى كتابه يشير إلى مواقف مضادة لمحفوظ اتخذها أدباء أو نقاد من واقع الغيرة الأدبية، أو الخلاف الأيديولوجى، ويمر على تفاصيل كثيرة ترصد مواقف المثقفين بالسلطة، ويقدم شعير واحدا من أكثر الكتب جدية وإخلاصا، ويعبر فى كتابه عالم الرواية المحرمة إلى عالم نجيب محفوظ الأكثر اتساعا، لكنه ينطلق من رواية كانت بالفعل حدثا مفصليا فى تاريخ أدب الروائى الكبير، وأيضا فى تاريخ الأدب المصرى والعربى، وإذا كان البعض يريد الحديث عن الشجاعة والجبن فقد قدم محفوظ نصا شجاعا فى بداياته ونهاياته والأفكار التى انتهى إليها، فقد كان عرفة هو أعلى تجليات الرأى فى مواجهة السلطة السياسية والدينية، على حد سواء، وهو مقياس للشجاعة يبدو تطبيقه لصالح نجيب محفوظ، أما من يبحثون عن آراء سياسية مباشرة وخطب وشعارات فقد كان الأديب نفسه كثيرا ما ينتقدها ويسخر منها، ويرى نهايتها بعد بدايتها، ولهذا يبدو الجدل القائم عن تقييم نجيب محفوظ أقرب لمحاولة التعامل معه كناشط سياسى وليس روائيا واجه الجميع بثبات وإبداع واضح. 
 
وبالرغم من خطورة السلطة السياسية فقد لعبت السلطة الدينية الدور الأخطر فى عالم الأدب والفكر طوال القرن العشرين، وتستمر طوال القرن الحالى، وبالرغم من أن نجيب محفوظ أصدر بعد الرواية المحرمة العديد من الأعمال، وبدا أحيانا وكأنه أراد بـ«الحرافيش» أن ينسى أولاد حارتنا، وهى فرضية كنت قد تناولتها فى الإصدار الأول لجريدة الدستور، فى حجم التشابه وأعداد الفصول والأحداث، وكيف أنه قدم عملا أكثر نضوجا وأقل مباشرة، يتخذ من عالم الفتوات مجالا لأفكاره، ثم إنه فى الحرافيش رسم خطوط طول وعرض تحمل تأويلات مختلفة ويمكن رؤيتها من زوايا متعددة.
 
نجيب محفوظ يعرف ما يريد، يقدم فى أعماله تاريخا اجتماعيا لمصر طوال أكثر من قرن، وما تزال الأسئلة التى طرحها قائمة، الثلاثية تقدم وصفا تفصيليا للثوار والانتهازيين والسياسيين والعشاق والظرفاء والمنحرفين وفى الهامش أشواق الاستقلال والتغيير فى ثورة 19، وفى «القاهرة الجديدة»، يتعامل مع الثورى الحالم والحنجورى والانتهازى العتيد المستعد لتقديم شرفه من أجل طموحه، ونقد التنظيم السياسى الواحد فى ميرامار وثرثرة فوق النيل، يبحث عن العدل فى «الحرافيش» التى تلخص رؤية نجيب محفوظ التى بدأها فى أولاد حارتنا لا خلاص إلا بالعلم، ومثلما وجد من تعاطفوا مع عاشور الناجى الفتوة الزاهد فى الحرافيش، هناك من آمنوا برسالة محجوب عبدالدايم، وما يزال أحفاده مزدهرين.
 
ومن هنا فإن محمد شعير يقدم فى كتابه دفاعا عن نجيب محفوظ وإبداعه، ليس فى مواجهة من يتهمونه بالجبن فى مواجهة السلطة لكن فى مواجهة كثيرين كانوا يمارسون نوعا من الحسد تجاه أديب كان يمتلك مساحات هائلة من التسامح، ولا نستبعد لو كان وجه أحدهم سؤالا لنجيب محفوظ عن اتهامه بالجبن، ربما أجاب واحدة من إجاباته التى تترك مساحة لمن يتهمونه، فقد تسامح من حاولوا قتله، وتسامح مع من اتهموه بأنه حصل على جائزة نوبل لموقفه المؤيد للسلام مع إسرائيل، من دون أن يعترفوا بأنه كان يستحق الجائزة لكونه صاحب أكثر المشروعات الأدبية اكتمالا، ثم إنه كان يعرف ما يريد ولا يتلفت كثيرا حوله وهو يرى نقاده ومخالفيه ومن يريدون منه اعترافا بانتمائه الأيديولوجى يسارا أو يمينا، بينما كان الأدباء الذين استسلموا لحناجرهم ضاعوا فى زحام وضجيج.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة