هز الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو البلاد بمجموعة من الإجراءات والتدابير، التى أجمع الخبراء والمحللون على أنها ستدخل فنزويلا مرحلة جديدة أسوأ من الأزمة الاقتصادية الحالية، والتى من بينها فرض ضرائب جديدة وارتفاع الأجور وزيادة سعر البنزين وإلغاء خمسة أصفار من العملة الحالية "البوليفار" التى تواجه صعوبات.
ويرى العديد من الخبراء، أن هذه الإصلاحات لن تساهم فى وضع حد للأزمة الاقتصادية التى تزداد سوءًا، بل إنها ستدخل البلد فى مرحلة أكثر عدوانية وغموضًا من الأزمة الحالية، كما اتفقوا على أن تلك التدابير ليست متسقة تمامًا، حيث إنهم فى "اتجاهين متعاكسين".
وقال هينكل جارثيا، لوكالة "إيفى" الإسبانية، إن "التدابير التى أقرها مادورو تفتقر إلى التماسك"، مضيفًا أن "مادورو أعلن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1800 بوليفار سيادى (نحو 28 دولارًا)، وهى زيادة بنسبة 3500% عن الحد الأدنى السابق البالغ 5.2 مليون (ما يعادل أقل من دولار بحسب معدل السوق السوداء السائد حاليًا)، وهذا هو المصدر الرئيسى للقلق لأن الشركات اليوم لا تمتلك ما يكفى من المال للوفاء بالتزاماتها".
أما المحلل والخبير الاقتصادى لويس فينيستى ليون، فقال إن هذه التدابير لن تحظى بأى نجاح يذكر، وذلك لأنه لا يمكن أن يكون هناك عجز كبير مثل التى تعانى منه فنزويلا، ويتم إصدار قرار بزيادة الأجور والرواتب، وهو بالتأكيد سيؤثر على السيولة النقدية والعجز المالى.
وأكد ليون "هذه الإجراءات متناقضة تمامًا، وستضع القطاع الخاص بأكمله فى خطر، كما أن الإعانات التى أعلن عنها الرئيس والتى تضم 600 بوليفار سيادى، هو أمر يتعارض أيضًا مع الرقابة المالية.
وأشار ليون، إلى أن "المشكلة الرئيسية والأكثر أهمية هو عدم وجود ثقة فى الحكومة الفنزويلية، مما يجعل جميع قراراتها مثيرة للقلق والرفض".
احتجاجات ضد إصلاحات مادورو
وفى السياق نفسه، فقد دعت الأحزاب الثلاثة الرئيسية فى المعارضة الفنزويلية إلى إضراب عام اعتبارًا من الثلاثاء المقبل، احتجاجًا على تلك الإصلاحات الاقتصادية.
وقالت أحزاب "بريميرو خوستيسيا" بزعامة المرشح الرئاسى السابق إنريكى كابريليس، و"فولونتاد بوبولير" بزعامة المعارض الموضوع حاليًا قيد الإقامة الجبرية ليوبولدو لوبيز، و"كوزا آر" بزعامة النقابى السابق أندريس فيلاسكويز، إنها تدعو "اعتبارًا من الثلاثاء إلى يوم أول من الاحتجاج ووقف العمل ضد مادورو والتضخم الهائل والجوع".
وسترتبط العملة الجديدة، التى أطلق عليها اسم "البوليفار السيادى" للتمييز بينها وبين العملة الحالية "البوليفار القوى"، بالعملة الافتراضية غير الموثوق بها "البترو".
وسيبلغ سعر كل بترو نحو 60 دولارًا بناءً على سعر برميل النفط الفنزويلى ما سيساوى بالعملة الجديدة 3600 بوليفار سيادى - وهو ما يؤشر إلى انخفاض كبير فى قيمة العملة.
ويتوقع صندوق النقد الدولى، أن يصل معدل التضخم إلى مليون% هذا العام فى فنزويلا الغنية بالنفط، والتى تعيش عامها الرابع من الركود الاقتصادى، وتشهد نقصًا فى الغذاء والدواء وسط توقف الخدمات العامة.
وبحلول نهاية العام 2016، كانت الفئة الأكبر من العملة الفنزويلية 100 بوليفار. لكن بعد أقل من عام، بدأت الحكومة بإصدار أوراق نقدية من فئة 100 ألف بوليفار باتت الآن بدون قيمة تقريبًا.
ويحمل الرئيس "مؤامرات" المعارضة والعقوبات الأمريكية مسئولية الأزمات المالية التى تعانى منها فنزويلا، لكنه يقر بأن الحكومة "ستتعلم مع مرور الوقت" عندما يأتى الأمر إلى تغيير الوحدة النقدية.
وقال الخبير الاقتصادى جان بول ليدينز: "إذا بقى العجز المالى والإصدار غير المنظم للنقود (للتغطية عليه) فستتفاقم الأزمة".
وبات العجز المالى يشكل نحو 20% من إجمالى الناتج الداخلى فى حين بلغ الدين الخارجى 150 مليار دولار.
من جهته، حذر أسدروبال أوليفيروس من شركة "إيكوانالاتيكا" للاستشارات المالية من أن الأوراق النقدية الجديدة ستواجه المصير ذاته الذى واجهته الوحدات الأخيرة "فى غضون أشهر" ما لم تتم السيطرة على التضخم، مشيرًا إلى أن فنزويلا تحاول أن تحذو حذو البرازيل التى استبدلت عملتها القديمة "كروزيرو" بـ"الريال" فى التسعينيات بعدما قضى التضخم المفرط على الأولى.
وكلف الدعم على الوقود فنزويلا عشرة مليارات دولار منذ 2012، وفقًا للمحلل النفطى لويس أوليفيروس لكن لن يكون بمقدور معظم الفنزويليين شراء الوقود بدون البطاقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة