تعد قضايا الرشوة من أبرز القضايا التى تداولت داخل ساحات المحاكم والنيابات فى مصر خلال الفترة الأخيرة، وذلك بعدما نجحت الأجهزة الرقابية فى الإيقاع بعدد من المسئولين المتورطين فى تلك القضايا، والذى كان آخرهم رئيس حى الهرم، والذى ضبط متلبسًا بتقاضى رشاوى مالية، مقابل تغاضيه عن تحرير مخالفات بناء، ومن قبله رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالجيزة، ورئيس مصلحة الجمارك ومحافظ المنوفية وغيرهم.
المقاطع الصوتية والمصورة أبرز أدلة الثبوت فى قضايا الرشوة
يقول ممدوح عبد الجواد المحامى والخبير القانونى، إن معظم أدلة الثبوت الواردة فى مثل تلك القضايا والتى تستند إليها النيابة فى توجيه الاتهامات للمتهمين، هى أدلة دامغة حيث تعتمد جهات الضبط على إجراء تسجيلات صوتية ومصورة للمتهمين أثناء تقاضيهم مبالغ الرشوة، والقبض عليهم متلبسين، بعد استئذان النيابة العامة، فى إجراء عملية التسجيل والضبط، فضلًا عن تسجيل المكالمات الهاتفية التى تدور بين الراشى والمرتشى أو الوسيط، وهو ما يشكل دليلاً ثابتًا لا يمكن للمتهم إنكاره.
وتابع "عبد الجواد"، أن جهات التحقيق تستند إلى الأدلة المقدمة من جانب الأجهزة الرقابية فى إجراء تحقيقاتها حول وقائع الرشوة، وتقدم المقاطع الصوتية والمصورة والتى تم تسجيلها بمعرفة الأجهزة الرقابية وبقرار قضائى، إلى خبراء الإذاعة والتليفزيون لفحص التسجيلات وإجراء مضاهاة بالصوت الوارد فيها ببصمة صوت المتهم، وفور الانتهاء من عمليات الفحص يتم تقديم تلك التقرير للجهات القضائية، التى ترفقها بملف التحقيقات قبل إحالة الدعوى إلى المحكمة الجنائية.
خبير قانونى يشرح الفرق بين اتهامات الرشوة واستغلال النفوذ والتربح
وعن الاتهامات التى توجه للمتهمين فى مثل تلك القضايا يقول شعبان سعيد المحامى، إن هناك عدة اتهامات توجه للمتهمين فى تلك القضايا وهى الرشوة واستغلال النفوذ أو استغلال النفوذ المزعوم والتربح، وكل تهمة من تلك التهم لها توصيف قانونى لابد من توافره فى المتهم، يتحدد وفقًا لصلاحياته ودوره فى القضية.
وتابع "سعيد"، أن استغلال النفوذ والرشوة تتفقان فى الركن المادى لكل منها، حيث يصدر عن الجانى سلوك فى صورة طلب أو أخذ وقبول لوعداً وعطية، وتختلف الجريمتان فى صفة الجانى أولا والغرض من الوعد أو العطية، فصفة الجانى فى جريمة الرشوة يجب أن يكون موظفًا عامًا ومن فى حكمه، بينما استغلال النفوذ لا يشترط أن يكون موظفًا عامًا.
وتابع، أنه فى جريمة الرشوة هو قيام الموظف بالامتناع عن القيام بعمل من أعمال وظيفته، أو قيامه بعمل أو الإخلال بواجباته، أما فى جريمة استغلال النفوذ فهو الحصول على مزية الغير لدى سلطة عامة، استنادًا إلى نفوذ حقيقى أو مزعوم فهو فى هذه الحالة لا يستغل وظيفته ولكن ماله من نفوذ حقيقى أو مزعوم، فإذا كان مزعومًا توجه له تهمة استغلال النفوذ المزعومة.
وقال "سعيد"، إن جريمة التربح منصوص عليها فى المادة (115) من قانون العقوبات ولا تتحقق إلا إذا استغل الموظف العام أو من فى حكمه وظيفته، وحصل أو حاول أن يحصل لنفسه أو لغيره بدون حق على ربح أو منفعة، من عمل من أعمال وظيفته، ويقتضى قيامها أن تتجه إرادته إلى الحصول على ربح أو منفعة لنفسه، أو لغيره بدون حق من وراء أحد أعمال وظيفته مع علمه بذلك، وإذا كان الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه، هو لنفع الغير بدون حق، وجب أن تتجه إرادة الجانى إلى هذا الباعث وهو نفع الغير بدون حق.
المادة "107" تعفى الراشى والوسيط وتمثل دليل إدانة ضد المرتشى
فيما أكد مجدى شكرى المحامى، أنه طبقاً للمادة 107 مكرر من قانون العقوبات، فقد أعفى الراشى، حيث نصت المادة على أن "يعاقب الراشى والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشى، ومع ذلك يعفى الراشى أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها"، وإن ذلك الإعفاء وجب فى حالة الاعتراف فى مرحلة من مراحل القضية سواء قبل اكتشاف الواقعة أو بعد اكتشافها وضبط الجناة أو أثناء التحقيق.
وقال "شكرى"، أن الأصل فى وجود تلك المادة راجع إلى تشجيع الراشى والوسيط للاعتراف على المتهم الرئيسى فى الواقعة وهو المرتشى، وتخويف الموظفين العموميين من التورط فى وقائع الفساد، خاصة أن اعتراف الراشى والوسيط يعد دليل إدانة رئيسى من دلائل الثبوت فى القضية، والتى تستند إليها جهات التحقيق فى إحالة الدعوى إلى المحكمة الجنائية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة