حقيقة واحدة فى الحياة لا مهرب منها، وتتضاءل أمامها كل الحقائق الأخرى، ويجد الإنسان نفسه عاجزًا عن أى شيء، حتى لو كانت يده تطال كل شيء.. لن يمكنك اختبار هذا الأمر وقسوته إلا إذا عانيت فداحة الموت وحدّة مخالبه.
تصغر كل الأشياء في مواجهة الموت، ويتعرّى العالم من كل أُبّهته وفخامته. يعود الميّت عاريًا إلا من قبول الله ورحمته، ويقف أحباؤه في العالم - عُراة أيضًا - إلا من الدعوات والشفاعة ورجاء القبول، و ربما لهذا تغيب كل مظاهر القوة والمنعة والثراء في حضرة الموت، ويحضر الخير فقط.
العقلاء من الناس يعلمون أنه ليس بوسع الحيّ أن يقي الميت تفاصيل الرحلة وأهوال الوحدة. لكنهم يتشفّعون بما في أرواحهم من خير وما في قلوبهم من دعوات.. تظل للحزن نكهة واحدة في أفواه الجميع، لكن تتفاوت آثار هذه النكهة على الملامح وفي تعبيرات الوجوه.
بينما يتفنن كثيرون في التعبير عن أحزانهم، بالبكاء والنحيب وشقّ الجيوب، أو بالمظاهر والتباهي في موقف الانكسار والضعف، يقف آخرون على حافة الحياة، قابضين على الحزن وجلال الموت بيد وباسطي الأخرى للخير ورغبة الحياة، وربما من هذا القبيل ما فعلته أسرة أبو هشيمة مؤخرا عندما زارها الموت وقطف زهرة من أنضر زهورها.
في حدث جلل، رحل قبل أيام المقدم شادى أبو هشيمة، شقيق رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة ونجل اللواء حمدى أبو هشيمة.. على عكس ما قد يتخيله البعض عن خبر كهذا، كان الحزن الجليل سيّد الموقف، ولم يكن للمظاهر أي حضور، حتى لو كان بالإعلان عن قربان الأسرة لله طلبًا لرحمة فقيدهم.
مرّ الأمر عاديًّا وصامتا. لكن مستشفى سمسطا المركزي في بني سويف (منشأ العائلة) أعلن عن تلقيه تبرعا من أسرة أبو هشيمة، كصدقة جارية على روح فقيدها شادي، يتضمن 4 وحدات للغسيل الكلوي بقيمة تتجاوز 50 ألف دولار، و"حضّانة أطفال" بمشتملاتها، و10 أجهزة لقياس الضغط، وجهاز تكييف 3 أحصنة لغرفة العمليات.. بتكلفة إجمالية تتجاوز مليون جنيه.
مرّ عزاء شادي عاديًّا وبسيطا في ظاهره، عميقا وجليلا في كواليسه وخفاياه، إذ اختارت أسرة "أبو هشيمة" أن تتحلّل من المظاهر التي لا تفيد الأحياء ولا الأموات، وأن توجه طاقة الحُزن لتكون نورًا في قبر فقيدها.. وهذه أندى وردة يمكن أن يضعها حيّ على قبر ميت.
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم محمد خضر
البقاء والدوام لله
اللهم تغمده برحمتك
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال
ناس عاقلة جدا
برافوا بجد في عقل و حكمة هذه العائلة و يستحقوا أن نطلب من الرب أن يعزي قلوبهم و مثال آخر على أن مصر فيها حاجة حلوة