خالد عزب يكتب: التمثيل من خلال التمارين

الخميس، 02 أغسطس 2018 12:00 ص
خالد عزب يكتب: التمثيل من خلال التمارين غلاف الكتاب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدر عن أكاديمية الفنون فى القاهرة، كتاب يستحق القراءة لندرة موضوعه تأليفًا فى المكتبة العربية، "التمثيل من خلال التمارين" كتاب من تأليف جون جروفيك تيدسكو وترجمة دكتور سامى صلاح ومراجعة هانى مطاوع.
 
img128
 
 
والكتاب يذكر أن هناك طرقًا كثيرة لتعريف أو وصف الممثل، لكن كلها تكاد تتفق على أن الممثل يشكل نوعًا من الساحر الذى يبنى صورًا إيهامية / خادعة بغرض أن يوحى بواقع ما. 
 
كما أنه يعيد تنظيم مكوناتها لكى يجعل المتفرج يصدق بل ويؤمن أنه، الممثل، شخص آخر. وكاتب هذه الدراسة يتفق مع هذا الرأى الذى يتردد فى عديد من الأبحاث، ويضيف أن الممثل يكون، بشكل أو بآخر، نصابًا أو محتلاً يجيد عمله، والساحر يعتبر نصابًا بشكل ما!، والاثنان – الساحر والنصاب، يعتمدان على التظاهر والكذب والتصنع وانتحال شخصية أخرى (أو تحويل شىء أو شخص إلى شىء آخر أو شخص آخر)، لكن قواعد اللعبة تحتم عليه أن يتظاهر بصورة توحى بالأمانة، ويكذب بشكل صادق، ويتصنع بصورة مقنعة وينتحل، أو يحاكى- الشخصية الأخرى بشكل يقترب من الواقع.
 
وحيث إن أشكال "النصب أو الاحتيال" الكذب والتظاهر والتصنع والانتحال، تختلف من ضحية إلى أخرى، أو من فيلم إلى آخر، ومن شخصية أخرى، ومن ظروف معطاة إلى أخرى، وأيضًا من جمهور إلى آخر، فالممثل/ النصاب أو المحتال يغير لونه حسب كل بيئة (فيلم وظروفه والشخصية ومواصفاتها، والجمهور ونوعيته إلى آخره)، وعلى ذلك، يمكننا أن نضيف إلى تعريف الممثل أنه يكون مثل الحرباء، أو يتصف بالسمة الرئيسية فيها، وهى التلون بلون البيئة التى تتواجد فيها! بل ويمكننا أن نزعم أن هذا الوصف يمتد إلى الإنسان العادى [المفترض أن الممثل يكون شخصًا غير عادى] والمقصود بالإنسان العادى هنا هو من ليست مهنته التمثيل، إننا نجد فى حياتنا اليومية مظاهر عديدة للتلون وتغيير الألوان، بل والاحتيال، فالتلميذ –مثلاً- يصبح مهذبًا منمق الحديث أمام أستاذه، بينما يكون مع البواب شخصًا آخر قريبًا من طبائع البواب، أو على الأقل ينمحى التهذيب والحديث المنمق ليحل محله كلام به الكثير من العجرفة والتعالى، والأستاذ يكون غاية فى التحضر والتكلف فى حقل بسفارة ما، بينما قد يتخذ سلوكه شكلاً مختلفًا تمامًا فى بيته، مع ابنه السىء السلوك أو مع خادمته الحسناء، الأمثلة كثيرة من الصعب، وليس من الضرورى، حصرها وهى تدل على قدرتنا العجيبة على التلون والتغير، حسب البيئة.
 
ويضيف المؤلف إلى تعريف الممثل صفة الطالب، فسيكون من السهل أن نقول إنه نصاب قرر أن يدرس حرفته، أو أنه حرباء سيضيف إلى البيئات التى يتلون فيها البيئة العلمية، وهو يمارس النصب أو الاحتيال فى تقمصه لدور الباحث الذى يقرأ فى العلوم المتصلة بالتمثيل، ويحول استيعابها أو استظهارها ونقلها إلى أوراق الإجابة كى يحصل على درجة وتقدير،  كما أنه يمارس النصب ويتلون مثل الحرباء مع مختلف الأساتذة / الموجهين حتى ينال رضاهم ودرجاتهم العالية!
 
ينتقل المؤلف إلى وصف المدرس، والذى هو موضوع هذا البحث ويجيب على سؤال من هو المدرس – المرء لا يصحو من النوم ذات صباح ويقرر أنه سيكون مدرسًا، وعلى الأخص مدرسًا للتمثيل. فأولا لابد أن يكون لديه استعداد فطرى لهذه المهنة أو المهمة الشاقة، ورغبة عارمة فى القيام بها. وهذا يستتبع أن يكون ممتلئًا حماسًا لهذا العمل، وأن يكون فى حالة توافق وانسجام تأمين معه، بل ويمكن القول بأنه لابد أن يشعر بشغف شديد إزاءه (إن شغف وولوع المدرس بالتدريس يكون عاملاً أساسيًا وهامًا فى إلهام الطلبة، كى يتمكنوا من دفع أنفسهم إلى ما وراء نقاط قصورهم أو توقعاتهم) وثانيًا، لابد له – بعد الدراسة- أن يتعلم ويكون على دراية تامة بمبادئ التمثيل الأولى وبكل أساليب التمثيل. وقبل ذلك لابد أن تكون هذه الدراسة قد حوت مواد ومناهج تشمل كل فروع الدراسات الإنسانية- والمتعلق منها بفنون وعلوم المسرح النظرية والتطبيقية- ونادرًا ما نجد فرعًا من فروع العلوم الإنسانية لا يتعلق بفنون المسرح، وبالتمثيل على وجه الخصوص، ولسنا هنا بصدد إثبات هذه الحقيقة، والتى ربما لا تحتاج لإثبات، لكن يكفى أن نشير إلى أهمية أن يكون مدرس التمثيل ملمًا بهذه المعارف، وإلى أن عدم إلمامه بها يفقده الكثير من مواصفات المدرس، ناهيك عن مواصفات مدرس التمثيل!
 
ولابد للمدرس، أى مدرس أن يتمتع بقدرة على التواصل والتوصيل، وأن يكون حساسًا تجاه احتياجات ومهارات ومواطن قصور، ومصادر قوة كل طالب. والأكثر أهمية أن موجه التمثيل يجب أن يمتلك القدرة على أن يغرس فى طلابه فهمًا واضحًا لضرورة الانضباط. فالمسرح- كما يقول ستانسلافسكى وغيره- يعتمد على فنانين ملتزمين، ليس تجاه فنهم فحسب، بل تجاه الصورة الأكبر لفن المسرح.
 
إن الشيء الرائع فى تدريس (أفضل كلمة توجيه) التمثيل – أى توجيه لطلبة / ممثلين [أو إن شئت لممثلين/ طلبة!] هو أنه يتطلب إضفاء سمة الفردية على منهج توجيه الطالب، وهى السمة التى تجعل تدريس أو توجيه التمثيل مغايرًا لأى نوع آخر من المجالات الأكاديمية. وهذا يعنى أن موجه التمثيل لابد أن يجهد فى تشجيع الطلبة على العمل المسرحى بأسلوب يلائم اهتماماتهم الفردية، وطموحاتهم الفردية، وقدراتهم الفردية- كما يجب أن يكون هدفه هو تحدى وتربية ورعاية الطاقة الإبداعية للطلبة، بينما يعزز ويشجعهم على القيام باكتشافاتهم الشخصية لعملية التمثيل، والتى تكون مختلفة بالنسبة لكل طالب/ ممثل.
 
وفى الوقت الذى يوافق فيه الموجه على ضرورة وجود مهارات أساسية يحتاجها الطالب/ الممثل فيما يتعلق بالصوت، والحركة، وتحليل النص والدراية بالأساليب، وما إلى ذلك، فمن المهم أن يحرص على أن تتطور العملية الفردية وتستمر فى الصقل وفقًا لأفضل ما يكون لدى الممثل/ الطالب. ودون ادعاء أننى قد وضعت كل شيء عن التدريس والتدريب فى الصفحات التالية، سأحاول أن أعرض لأهم النقاط التى يجب على الموجه أن يغرسها فى طالب التمثيل، وهى أيضًا الأسس التى يقوم عليها تدريب الممثل/ الطالب.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة