خالد عزب يكتب: تاريخ الإبل فى الإمارات

الخميس، 16 أغسطس 2018 05:00 ص
خالد عزب يكتب:  تاريخ الإبل فى الإمارات غلاف الكتاب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت العلاقة بين العربى وجمله مصدر إلهامه ووحيه، تحرك فيه دوافع الغناء فيصدح بأعذب لحون الشعر، وقد عكفت الباحثة فاطمة المنصورى ثلاث سنوات لإنجاز كتاب "الإبل فى الإمارات" واستطاعت بمهارة فائقة أن تجسر الهوة بين الملامح الإقليمية المحدودة،  وسمات البيئة العربية الشاسعة التى كونت الإبل فيها جزءًا مهمًا من تراثها الحضارى، إن الكتاب وهو يسبر غور الإبل فى الإمارات من منظور تراثى يقدم معها صورة كاشفة لحياة اجتماعية أسهمت الإبل من خلالها فى تشكيل خيال الأمة، الذى تعانقت فيه الإبل مع مظاهر الطبيعة فى بيئة صحراوية شديدة الجفاف.
 
وتذهب الكاتبة فاطمة المنصورى فى الفصل الأول من كتابها الصادر عن مركز الشيخ زايد للتراث، إلى أن الإبل ذوات السنام الواحد وجدت فى البداية فى جنوب الجزيرة العربية و بالتحديد فى منطقة حضر موت وعاشت فى هذه المنطقة، وهناك رأى يقول إن الإبل وحيدة السنام كانت فى الأصل من الإبل ذوات السنامين،  ثم تحولت لتصبح من ذوات السنام الواحد حيث إن للسنام الواحد دوراً كبيراً و هاماً فى أقلمة هذه الحيوانات فى الأجواء الحارة،  فمساحة سنام واحد أصغر من مساحة سنامين وهذا يجعل الحيوان يحتفظ بكمية أكبر من الماء فى جسمه لصغر مساحة سطح الجسم الذى يتبخر من الماء عن طريق العرق.
 
ويعتقد علماء الآثار أن الجمل من الحيوانات التى استؤنست فى فترة حديثة نسبياً امتدت إلى حوالى 2000،  3000 عام قبل الميلاد، و تعد الجزيرة العربية هى المنطقة التى جرى فيها استئناس الجمل.
 
وخصصت المؤلفة الفصل الثانى لتناول " الإبل فى الإمارات"، فذكرت أنه عُثر فى عدة مواقع أثرية على عظام لجمال منها مقبرة ضخمة فى موقع جبل البحايص،  و فى جزيرة غناصة، و فى جزيرة أم النار،  و جمال أم النار كانت مستأنسة وليست برية، واستخدمت لنقل البضائع حيث كانت تنقل النحاس الخام لتصديره لبلاد الرافدين.
 
وتصنف الباحثة بعداً هاماً لكتابها بدراسة سلالات الإبل،  و من أهم السلالات العربية، سلالة أوغادين التى تتواجد فى الصومال وأثيوبيا، وتتميز بضخامة الحجم وبلونها الرمادى الفاتح الضارب إلى البياض، كذلك سلالة الجوبان التى تعيش كذلك فى الصومال، إضافة إلى سلالة الجمل العربى والرشايدى التى تتواجد فى السودان، كذلك سلالة إبل الطوارق التى تعيش فى المغرب والجزائر وتمتاز السلالة بالسرعة الفائقة وصغر الرأس والجسم المتناسق، أما فى موريتانيا فتوجد سلالة الساحل وتتميز بالسرعة الفائقة و صغر الرأس و كبر العينين و جمالها،  أما فى منطقة الخليج العربى فتوجد سلالة النجدى والوراك والخوار فى المملكة العربية السعودية، أما فى الكويت فتوجد سلالة الجودية وهذه الأخيرة تتميز بكبر الحجم والقوة وغزارة اللبن واللون البنى.
 
تتميز دولة الإمارات العربية المتحدة بمجموعة من السلالات العريقة التى يرجع نسبها لإبل السعودية أو العمانية و هما ينقسموا إلى سلالتين رئيسيتين : الأولى و هى الحزميات و هى كبيرة الحجم و خفها كبير، يغلب عليها اللون الأسود و تصلح لإنتاج اللحوم و الحليب،  أما النوع الثانى فهو العربيات أو الأبل العمانية و يتميز هذا النوع بأنه أفضل السلالات التى تستخدم فى السباق و الركوب،  و افضل السلالات العمانية التى تعرف باسم " الباطنية" و ينسبون لهذه السلالة فصائل كثيرة أشهرها مصيحان و يتفرغ منه سلالات أخرى مثل صوغان الذيؤ يتميز بطول قامته و سرعته على الركض على الرغم من أنه بطئ عند الانطلاق فى أشواط سباقات الهجن، بالإضافة إلى سلالة ظبيان المتميز باللون الأصفر الفاتح المائل إلى البياض و يتفرد عن سواه أنه كلما تقدم عمره. .ازدادت قدرته على الركض مهما طال مسافة السباق، هذا فضلاً عن سلالة الخمرى المعروف بطول شعره و كثافته و بلونه الاصفر الفاتح، و للخمرى نفس طويل فى السباقات.
 
ومن ثم يتضح أن المنطقة العربية تحتوى على مجموعة كبيرة من السلالات الأصلية، فالقبائل العربية تعتز بإبلها، فبدو المنطقة حافظوا على أنساب الإبل و لم يدعوا مجالا لإناث الإبل بأن تتأثر بفحول غير معروفة.
 
قدمت فاطمة المنصورى فى الفصل الثالث وصفاً تفصيلياً لأمراض الإبل و ستوقفنا فى هذا الفصل عند الطرق التقليدية فى العلاج،  التى تمثلت فى ثلاثة أقسام،  القسم الأول و هو العلاج بالوسم( الكى بالنار) و تعد من أكثر الطرق شيوعاً لدى المهتمين بتربية الإبل و لعل السبب الرئيسى فى كثرة استخدامه أنه يعد الوسيلة المتاحة لعمل شئ ما تجاه إنسان أو حيوان يتألم و لا زالت فئة كبيرة من البدو تستخدم هذه الطريقة، فضلاً عن استعمال الأعشاب و النباتات فى العلاج و لعل من أبرز النباتات الطبية المستخدمة فى علاج الإبل شجر الراك و يستخدم فى علاج مرض الجرب،  بالإضافة إلى شجر السدر و هو ضشجر صحراوى شائك دائم الخضرة و أوراقه تستخدم فى تجبير الكسور سواء للإنسان أو الجمل،  فضلاً عن نبات الأرطا و هو نبات صحراوى قديم يستخدم لعلاج الإسهال التى تصاب به صغار الإبل بصفة خاصة.
أفردت الكاتبة الفصل الرابع لتنتاول" الإبل فى الأدب الشعبى الإماراتي" من أجل إصباغ صبغة فنية أدبية إلى الموضوع، فقد كان الأدب الشعبى بما يحمله من فنون قولية سواء تلك المتمثلة بالأشعار أو الحكايات أو الألغاز،  و هو وسيلة التعبير الأولى عن الحياة الثقافية الشعبية السائدة فى الدولة سابقاً، و لعل ذلك ظهر جلياً فى تناول الإبل فى الأمثال الشعبية الإماراتية، فموضوعالإبل قد استأثر الكثير من الأمثال إلى أ، وصل بهم الأمر إلى القول أن البدوى لم يترك شيئاً فى الإبل أو مما يتصل بها أو بأخبارها إلا و تمثل به،  فقد تمثل بأعمارها المختلفة،  و بأعضاء جسمها و حليبها وأمراضها، بالغضافة إلى التطرق إلى الإبل فى الأشعار الإماراتية، فالملاحظ أن معظم الأشعار الإماراتية احتوت على أشعار خاصة بالإبل، ناهيك عن أن هناك مجموعة من الألحان كانت تردد على ظهور الإبل أثناء السفر والترحال.  ووصولاً بالإبل فى الحكاية الشعبية الإماراتية، فقد كان الإبل نصيب لا بأس به فى الحكاية الشعبية فى دولة الإمارات، ولعل معظم الحكايات التى حكيت عن الإبل ركزت على موضوع وفاء الإبل لأصحابها التى حظيت على النصيب الأكبر من الحكايات.
 
تنتقل الكاتبة إلى الفصل الخامس و الأخير المعنون " مظاهر الاهتمام الرسمى بالإبل فى دولة الإمارات" الذى انطلق من فكرة محورية و هى ما تعيه دولة الإمارات من الدور المحورى الذى تمارسه الإبل فى الحياة و وفاءً لهذا الدور الذى قدمته الإبل لأسلافهم و من بعدهم من خدمات كان الإهتمام الإماراتى بالإبل و لعل من أبرزها الخدمات التى تقدمها دوائر الزراعة و الثروة الحيوانية و بلدية أبو ظبى لمربى الإبل فى هذا المجال فهى على سبيل المثال تعمل على تقديم الخدمات بالإضافة إلى إنشاء المستشفيات و المختبرات البيطرية و العيادات المتنقلة، فضلاً عن سباقات الهجن التى تستهر بها دولة الإمارات سواء على المستوى المحلى أو الخليجى أو العربى وصولاً إلى المستوى العالمي، فالملاحظ أن سباقات الهجن قد دخلت مرحلة جديدة من حيث التنظيم الجيد الذى حظيت به أو من حيث الجوائز الكبيرة الممنوحة للفائزين، و لعل تأسيس اتحاد لسباقات الهجن يعد من أهم الجهود المبذولة من قبل الدولة من اجل دعم تلك الرياضة التراثية، فرياضة سباقات الهجن تستقطب آلاف السياح الذين يقصدون الدولة بالإضافة كذلك إلى سياحة ركوب الهجن التى بدأت تنتشر فى الآونة الآخيرة بشكل كبير.
 
يعد هذا الكتاب بحق لوحة تراثية يضاف إلى مكتبتناً العربية وفاءً لموروث أصيل يلعب دور محورى فى الحياة سواء أن كان دوراً اقتصادياً أو سياحياً. 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة