تزامنا مع انطلاق حجاج بيت الله الحرام من كل فج عميق نحو الأراضى المقدسة لإتمام الركن الخامس والأخير من أركان الإسلام الخمسة، كان قديما يوجد ميناء بحرى جنوب البحر الأحمر يغادرون من خلاله الحجاج إلى بيت الله الحرام ويعد من أقدم الموانئ المصرية، وأطلق عليه نقطة انطلاق الدعوة الإسلامية منذ الخلفاء الراشدين وهو ميناء عيذاب التاريخى.
من جانبه قال آدم سعد الله، موظف من أهالى مدينة الشلاتين من المهتمين لقرائها ورئيس مجلس أدارة إحدى الجمعيات الأهلية لحماية التراث، إن ميناء عيذاب يعد من أقدم الموانئ البحرية على ساحل البحر الأحمر وهذا ما تناقلته الكتب وكذلك ما كان يقص قديما من أجدادهم هناك.
وأضاف سعد الله خلال حديثه لـ"اليوم السابع"، أن ميناء عيذاب يقع حسب ما ذكره المؤرخون وما يقصه الأجداد على ساحل البحر الأحمر فى مثلث حلايب وشلاتين بالقرب من منطقة أبو رماد جنوب الشلاتين.
وتابع: الكثير من المؤرخين تحدثوا عن ميناء عيذاب ووصفوه بأنه كان نقطة انطلاق الدعوة الإسلامية منذ خلافة أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب وتواتر ورود المسلمين عليها.
من جانبه قال محد أبو الوفا مدير آثار البحر الأحمر، إن ميناء عيذاب جنوب البحر الأحمر أشار إليه المقريزى بأنه أهم ميناء مزدهر يربط طريق عيذاب الدولى بموانئ اليمن مع الهند والبحر الأبيض المتوسط، وظل أهم موانئ الحجاج إلى مكة لمدة أربعة قرون من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر الميلادى، وخاصة بعد أن أغلق الصليبيون الحج عن طريق الشام.
وتابع أبو الوفا أن ميناء عيذاب شيدته قبائل البجة بعد دخول الرومانيين لصحرائهم، وضيقوا عليهم فى رزقهم من المراعى وبيع وشراء الدواب واستخراج الذهب، وأنشئ لبيع لتوابل والأعشاب والعبيد للبلدان الأخرى.
ويطلق عليه "عيذاب"، نسبة إلى "صحراء عيذاب"، ونزل الرومان إلى الصحراء لإحكام السيطرة على القبائل، واستغلال مناجـم الذهب المنتشرة بالصحراء، ووادى العلاقى، وبعد انحسار مصدر الدخل حاولت أن تجـد مصدراً آخر للدخل فأنشأت عيذاب أو "أيديهاب"، كمحاولة لتعويض ما فقدته من أعمال التجارة، وأطلق اسم عيذاب عليه نسبة للصحراء.
من جانبه قال أبو عبيدة عيسى، من شباب حلايب وشلاتين، المهتم بتاريخ القبائل، إن بعدما أنشأ قبائل البجة الميناء، صنعوا مراكب بدائية، عبارة عن جذوع نخيل الدوم المربوطة بحبال التيل، وذاع صيت الميناء بعد أن أصبح جسراً بين المنطقة، والجانب الآخر من البحر الأحمر "اليمن" الجزيرة العربية والهند.
وأوضح أبو عبيدة، أن حجاج بيت الله الحرام المصريين كان يسلكون مراكب النيل حتى منطقة قفط بمحافظة قنا وتقلهم الأبل إلى صحراء عيذاب ثم مينائها، وبعد ذلك إلى بيت الله الحرام وظل الطريق طريق الحجاج ذهاباً وإياباً، بعدما قطعت حروب الصليبيين طريق الحج البرى من الشام على جميع الحجاج.
فيما أكد الشاب المهتم بتاريخ القبائل، أن ميناء عيذاب كان ابتداء من القرن الخامس الهجرى إلى الثامن، آخر ميناء يربط بين مصر وأفريقيا مع اليمن وبلاد الهند، ويمثل أهمية كبرى، واجتازت مصر بعد ذلك عدة حروب وتولى مكانته ميناء سواكن الذى كان مكانة تحديدا على بعد 12 ميلاً شمال حلايب سواكن قديما.
وأضاف، أن طريق الحج من ميناء عيذاب سلكه الكثير من الرحالة والعلماء منهم ابن بطوطة وقبله ابن جبير والتجيبى، لكن توقفت قوافل الحج بعد ذلك بعدما دارت الحروب بين المماليك وقبائل البجة اضطر للعودة من حيث أتى للحج على درب طرق الشام.
وطالب العديد من شباب مثلث حلايب وشلاتين، المهتمين بتاريخ قبائلهم تسجيل مدينة عيذاب وميناءها والطريق الأثرى والتاريخى الذى كان يسلكه الحجاج بقائمة التراث الثقافى بمنظمة اليونسكو.
يقول المؤرخ وصفى تمير أحد أبناء القصير ومن المهتمين بتاريخها، إنه فى عهد الفاطميين كانت وتحديدا فى توقيت الحروب الصليبية وعقبها كانت تمر كسوة الكعبة من خلال مراكب من القاهرة فى نهر النيل جنوبا وصولاً إلى مدينة قوص جنوب قنا.
وأضاف تمير فى تصريحات اليوم السابع أن عند وصول المراكب لمدينة قوص جنوب محافظة قنا، تحمل كسوة الكعبة على هوادج الجمال ثم تسلك طريقها فى الصحراء متوجهة لميناء عيذاب جنوب الصحراء الشرقية.
وأوضح مؤرخ القصير أن يتم تحميلها على المراكب وتسلك طريقها فى البحر متوجهة إلى بلاد الحرم المكى، موضحاً أن فى عهد المماليك كانت تسلك كسوة الكعبة نفس الطريق، إلا أنها كانت تبحر للأراضى المقدسة من ميناء القصير القديم.
ما تبقى من ميناء عيذاب
مكان تخزين المياة بالميناء قديما
نقوش وكتابات على الجبال تدل على وجود الميناء
مقابر قديمة بالقرب من موقع ميناء عيذاب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة