أحمد إبراهيم الشريف

«الخروج من البلاعة».. آلام حرنكش وأحزان الثورة

السبت، 11 أغسطس 2018 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتهيت من قراءة رواية الخروج من البلاعة للكاتب والمترجم نائل الطوخى، الصادرة عن دار الكرمة، لكننى لم أنته من تأثيرها، فقد ظل عالمها محيطا بى وأبطالها حاضرين فى أفكارى طوال الوقت، يطاردنى بعضهم ويسألونى عددا من الأسئلة الدائرة فى الرواية، وبالطبع أفر منهم بأن أضع «سماعات التليفون» فى أذنى وأنتظر الموسيقى الصاخبة كى أنجو.
 
لا يوجد تعريف محدد للرواية، يمكن أن نقيس عليه الكتابة، لأن الفن لا يجب أن يقيسه أحد بـ«مازورة» ما، لكن يوجد تأثير، هذا التأثير لا يأتى من العدم، ولا يأتى من توفر عنصر فنى واحد، بل من التقاء عدد من الفنيات، وهذا ما حدث فى رواية الخروج من البلاعة التى تعد من وجهة نظرى «ملحمة» أدبية حديثة.
 
والذى أقصده بالملحمة هى التتبع لسيرة «حرنكش» واسمها الحقيقى حورية إسماعيل عبدالمولى ولتاريخ مصر الحديث، وملحمة لجيل مواليد 1970 وما بعدها، الذين دفعوا الكثير من حياتهم فى دنيا التوتر والفزع والقلق وفى النهاية دفعوا الثمن وحيدين رغم محاولاتهم لصناعة الفرح العام والخاص دون فائدة.
 
الرواية تتجاوز فكرة الرصد لسنوات الثورة المصرية من قبل ثورة يناير 2011 وحتى خروج المظاهرات ضد الإخوان فى 2013، لأن نائل الطوخى استطاع عن طريق توظيف التفاصيل أن يرتفع درجة وهو يتحدث عن الثورة فى سنواتها المتتابعة، كأنه كان يقف على جبل المقطم وينظر إلى مصر من فوق، مثلما فعلت بطلته «حرنكش»، ومن هناك استطاع أن ينظر إلى الأحداث على أنها «وحدة واحدة»، لكن لها تنويعات صغيرة، وأن القارئ لن يهتم بتذكر الحدث إلا إذا أبصر «شخصا» يصنعه أو يتأثر به، يحبه أو يكرهه، يقبله أو يرفضه، لذا فإن رواية الخروج من البلاعة، من أفضل الكتابات التى تناولت الثورة المصرية.
 
لنا أن نعرف أن نائل الطوخى يملك مفهوما عن الرواية، يتجاوز به فكرة الحدث ورسم الشخصية، بالطبع هو لا يغفل ذلك، لكنه يرى أن طرح الأسئلة ومناقشة الأفكار وإثارة الإشكاليات الفكرية وتقديم المعلومات جانبا مهما من الرواية الحديثة، فنحن تقريبا صرنا نعرف الكثير عن حرنكش، والأهم أننا نعرف طريقة تفكيرها، وبالتالى كان لنا أن نعرف رد فعلها فى المواقف المختلفة التى تلتقيها، ونعرف رأيها فى الحياة والموت والدين والدنيا وغير ذلك الكثير.
 
الخروج من البلاعة، سوف تدفعك بكل قوة لتذكر مأساة أوديب الذى لم يستطع أن يفلت من «قدره» رغم محاولاته العديدة، وحورية إسماعيل عبدالمولى، وقفت وحيدة بعدما فقدت كل الذين أحبتهم وانصاعت إلى قدرها ولم يعد لديها سوى الحكاية.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة