وائل السمرى

صورة مصر وثورة يوليو

الثلاثاء، 24 يوليو 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما نذكر اسم مصر ربما يتبادر إلى الذهن بعض المعالم الأثرية أو بعض المنشآت المعمارية، أو بعض الشوارع والميادين، أو بعض الوجوه والتعبيرات، ربما يقفز النيل بين عينيك، وربما تطل الأهرام على وعيك وربما تصعد صورة جامع محمد على أو السلطان حسن أو الرفاعى، ربما تسمع دقات ساعة جامعة القاهرة «جامعة فؤاد الأول» وربما تلمح صورة المتحف المصرى، أو ميدان التحرير أو عمائر وسط البلد، ربما تحن روحك إلى باب الخلق أو متحف الفن الإسلامى أو المتحف الزراعى أو كلية الفنون الجميلة أو الأكاديمية المصرية بروما أو جامعة عين شمس «جامعة إبراهيم باشا» ربما أيضًا تحن إلى عصر أم كلثوم وزكريا أحمد ورياض السنباطى ومحمد القصبجى وسيد الكل سيد درويش ومعهد الموسيقى العربية «المعهد الملكى».
 
حينما تسمع اسم مصر، تحن إلى هذا الزمن الذى كانت مصر فيه حديثة متطورة، جميلة هادئة واعية، ربما تحن إلى زمن طه حسين والعقاد والمازنى وبيرم التونسى، ربما تبكى مع إبراهيم ناجى على أطلاله، أو تغنى مع فريد الأطرش فى ربيعه، من كل هذا تتشكل مصر، قطعة بعد قطعة بعد قطعة، جواهر متراصة فى لوحة فسيفسائية بديعة، ولا أخشى هنا أن أقول لك بمناسبة احتفالنا بذكرى ثورة يوليو، إن صورة مصر الحديثة كما تحفظها الآن لم تصلنا بهذا البهاء سوى بفضل أسرة محمد على ورعايتها، فجميع ما ذكرته من مفردات سابقة باستثناء النيل والأهرام من إنجازات عصر محمد على وأسرته، وجميع الشخصيات التى ذكرتها ولدت وتربت وتكونت فى هذا العصر بصرف النظر عن شهاداتهم عليه، فلماذا نحرم مصر من تاريخها، وإلى متى نجيد كتابة المحو والنفى والاستبعاد؟
لا أريد هنا أن يظن البعض أننى أريد افتعال فرقعة إعلامية عبر تمجيد العهد الملكى فى ذكرى الثورة عليه، فقد تعلمت فى السنوات القليلة الماضية أن التعصب لعصر معين أو زمن معين أو نظام معين جزء من العمى الذى يتحول إلى عماء كامل إذا لم تر حسنات هذا العصر، وتستفيد منها رغبة فى الاقتداء بها وترى سيئاته أيضًا، وتستفيد منها رغبة فى عدم تكرارها، وقد كانت ثورة يوليو أشبه بالحتميّة التاريخية فى وقتها، كما أنها استطاعت أن تنجز الكثير من الإنجازات الخالدة، واستطاعت أيضًا أن تخوض من التحديات ما يعجز الآخرون عن الاقتراب منه، لكنى فى ذات الوقت لا أتسامح مع هذا الإنكار الذى مرضنا به تجاه إنجازات أسرة محمد على، لا أستطيع أن أتسامح مع من ينظرون إلى العصر الملكى باعتباره الشر المطلق أو الخير المطلق وذات الأمر ينطبق على ثورة يوليو، فمهمتنا أن ننظر إلىّ تاريخ مصر بعيون متطلعة إلىّ آفاق المستقبل لا بأقدام مغروسة فى مستنقعات معارك الماضى، وأول ما يجب أن نفعله من أجل هذا هو أن نقف ضد التزييف والطمس والتعصب، ونحن هنا أمام خيارين لا ثالث لهما، أن نسقط أسماء الحكام كلهم من على جميع الإنجازات والمنشآت والمشاريع، أو نثبتها دون أن نعين من أنفسنا قضاة على هذا أو ذاك.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة