سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 يوليو 1958.. عبدالناصر يعبر الأجواء الإيرانية سراً من موسكو إلى دمشق.. ولندن تشكك فى وقوع زيارته

الأربعاء، 18 يوليو 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 يوليو 1958.. عبدالناصر يعبر الأجواء الإيرانية سراً من موسكو إلى دمشق.. ولندن تشكك فى وقوع زيارته الرئيس جمال عبدالناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مضت القيادة السوفيتية ساعات مساء يوم 17 يوليو 1958 فى انتظار الرد على رسالتها إلى شاه إيران محمد رضا بهلوى، بالسماح لعبور طائرة خاصة من الأجواء الإيرانية إلى العاصمة السورية دمشق، دون الإفصاح عما سيكون فيها.. كان الرئيس جمال عبدالناصر هو الذى ستقله الطائرة، وكان موجودا فى موسكو سرا منذ الصباح، للقاء الرئيس السوفيتى خروشوف لمناقشة الأزمة التى أدت إليها قيام الثورة العراقية يوم 14 يوليو 1958.. «راجع ذات يوم 15 و16 و17 يوليو 2018».
 
يواصل محمد حسنين هيكل الكشف عن أدق تفاصيل هذه الرحلة المثيرة، ويذكر فى كتابه «سنوات الغليان»، قائلا: «مضت ساعات المساء فى انتظار رسالة من طهران عن لقاء الشاه مع السفير السوفيتى، وفى هذه الفترة فتح «عبدالناصر» موضوع إسرائيل، وكان رأيه: «إن إسرائيل عنصر فى الموقف يصعب حساب حركته، فهى بعد الثورة فى العراق تحس أكثر بوطأة الحصار العربى عليها إذ تجد حلقاته توشك أن تتصل»، وكان رأى خروشوف: المشكلة الحقيقية هى البترول وموارد الشرق الأوسط، فهذا هو الاعتبار الذى يؤدى إلى شعور أمريكا بالتهديد.. إسرائيل هى مجرد أداة لسياسة الغرب يستعملها إذا أحس بالخطر».
 
أضاف خروشوف: «الغرب يهددكم بقدرته على أن يستغنى عن بترول الشرق الأوسط بالطاقة الذرية، وأنا أرى فى ذلك وهما، واعتقادى أنه للخمسة والعشرين عاما القادمة فإن الحياة فى الغرب ستتوقف على البترول العربى، وأنه عرف أن الإنجليز لديهم برنامج يقضى بالاعتماد على المحطات النووية فى احتياجاتهم من الطاقة بنسبة 40% خلال عشر سنوات، وأنه يرى فى ذلك وهما كبيرا، فلربع قرن قادم على الأقل ليس هناك بديل عن البترول العربى، وإن كان الاتحاد السوفيتى لا يحتاج إليه لأنه ينتج الآن سنويا أكثر من مائة مليون طن «سبعمائة مليون برميل».
 
تناولت المناقشات قضايا أخرى، وحسب هيكل: «أخيرا جاءت برقية السفير السوفيتى فى طهران، ومؤداها أن الشاه وافق على طلب مرور الطائرة دون أن يسأل عن ركابها، وأنه وافق بغير تردد، وكان الارتياح باديا عليه عندما عرف أن هذه هى حدود الموضوع الذى دعا السفير السوفيتى إلى مقابلته على هذا النحو العاجل»، ويؤكد هيكل: «عند منتصف الليل كان عبدالناصر يعود من «كاليتشوها» إلى مطار «فينوكوفو» ويتوجه إلى نهاية الممر الذى تقبع فيه الطائرة التى خصصت له، وتصعد الطائرة إلى الجو وتنطلق بأقصى سرعة فى اتجاه الجنوب، وهبطت للتزود بالوقود فى مطار العاصمة البلغارية «صوفيا» قبل الفجر حتى تتمكن من مواصلة الرحلة إلى دمشق دون توقف «كانت دمشق هى العاصمة الثانية لدولة الوحدة بين مصر وسوريا».
 
يضيف هيكل: «كان هناك حشد من القوات الجوية التابعة لحلف «وارسو»، وكان واضحا أن هذا الحشد جزء من حرب الأعصاب بين القوتين العظميين من حول الشرق الأوسط الذى كان يعيش واحدة من أخطر أزماته.. وفى ضحى يوم 18 يوليو «مثل هذا اليوم» 1958 عبرت الطائرة فوق بغداد، وأطل عبدالناصر من نافذتها على العاصمة العراقية، وبعث ببرقية تحية إلى عبدالكريم قاسم، ثم وصل إلى دمشق بعد الظهر بقليل، وفى عصر اليوم ذاته «18 يوليو» كان واقفا يتحدث إلى بحر من الجماهير احتشدوا فى ساحة قصر الضيافة، وكان حديثه للجماهير دعوة إلى العقل حرصا على سلام العالم، وكانت إذاعة موسكو تذيع بيانا مؤداه أن جيش القوقاز وقوامه نصف مليون جندى يقوم بمناورات ضخمة على حدود تركيا وإيران».
 
يعلق هيكل: «لعل الإعلان الواسع عن هذه المناورات لم يكن موجها إلى أمريكا بقدر ما كان موجها لتركيا، ذلك أن الحكومة التركية راحت تتصرف بانفعال شديد إلى درجة أن «الباى ميشيل» الوزير المفوض الإسرائيلى فى أنقرة وقف فى حفل دبلوماسى يقول صراحة «إن الولايات المتحدة سوف تتكفل بصيانة استقلال لبنان، وبريطانيا سوف تتكفل بحماية الأردن، وإسرائيل وتركيا عليهما الآن أن تتكفلا بسوريا». 
 
فى المساء وقف عبدالناصر يخطب فى الجماهير المحتشدة أمام قصر الضيافة، فى الوقت الذى بدأ إزاحة السرية عن زيارته إلى موسكو، وبدت أمرا غير قابل للتصديق فى إسرائيل والعواصم الغربية وأولها «لندن»، حيث وقف متحدثها الرسمى باسم وزارة الخارجية ليقول: «وزارة الخارجية البريطانية تشك فى أن هذه الرحلة وقعت بالفعل، وأنها تعتبر أن الأنباء التى راجت عنها هى نوع من حرب الأعصاب»، لكن عبدالناصر وحسب هيكل: «أكد بنفسه من شرفة قصر الضيافة بدمشق أنه كان فى موسكو، والتقى خروشوف، وتباحث معه طوال نهار 17 يوليو».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة