كيف ألغى أردوغان الدولة وقال لتركيا "أنا الدستور"؟ حاصر الجيش.. قمع المعارضة.. سيطر على البرلمان والرئاسة ورئاسة الحكومة.. ضيق على العمل الإعلامى المعارض.. و"الخطة الرباعية" حولته إلى طاغية مستبد

السبت، 14 يوليو 2018 04:30 م
كيف ألغى أردوغان الدولة وقال لتركيا "أنا الدستور"؟ حاصر الجيش.. قمع المعارضة.. سيطر على البرلمان والرئاسة ورئاسة الحكومة.. ضيق على العمل الإعلامى المعارض.. و"الخطة الرباعية" حولته إلى طاغية مستبد اردوغان
كتب : محمود حسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى 16 إبريل 2017 أجرى استفتاء دستورى فى تركيا تضمن التصويت على 18 تعديلًا مقترحًا على دستور تركيا، كان أهمها تحويل تركيا من دولة برلمانية إلى رئاسية وإلغاء منصب رئيس الوزراء، ورفع عدد المقاعد فى البرلمان من 550 إلى 600 مقعد وتغييرات فى المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين.. هذه النتيجة التى توصل أليها رئيس تركيا رجب طيب أردوغان، لم تكن وليدة تفكير مفاجئ وإنما كانت خطة معدجة سلفًا سار عليها سنوات طويلة حتى وصل إلى مبتغاه، بأن يكون هو الدولة والأمر الناهى وفوق كل السلطات.
 
لكى يصل أردوغان لهذه النقطة، كان ذلك نتاج تخطيط أستمر لأكثر من 12 عامًا.. البداية كانت فى 2005 حينما أقترح وزير العدل آنذاك سيميل تشايشك بدعم من أردوغان نظامًا رئاسيًا لتركيا، ومن وقتها والفكرة فى عقل أردوغان، حيث طرحها أكثر من مرة داخل حزب العدالة والتنمية، جنبا إلى جنب مع المطالبة بإقرار دستور جديد للبلاد.
 

 
 
بجانب ذلك كانت خطة أردوغان تقوم على أربعة محاور، الأول تحييد الجيش التركى، وتقويض المعارضة، وسيطرة حزب العدالة والتنمية على البرلمان، والحصول على منصب رئيس الجمهورية فضلًا عن رئاسة الحكومة، وبالتوازى مع ذلك تضيق العمل الإعلامى خاصة الإعلام صاحب الصوت المعارض.
 
هذه الخطة بدأها أردوغان فى 2003، وفى عقله نسف دستور الجمهورية التركية المعروف أيضا باسم دستور عام 1982، الذى يعد القانون الأساسى فى البلاد، وكانت البداية هى تحييد الجيش، وهى المهمة الأكثر صعوبة، وتطلبت منه الكثير من الوقت والجهد، لكى ينفرد بالقرار، خاصة أن الجيش التركى يعتبر نفسه حارسا للايديولوجية الكمالية، ايديولوجية الدولة الرسمية، وخاصة من الجوانب العلمانية من الكمالية، خاصة أنه بعد تأسيس الجمهورية التركية فى 1923، حظر مصطفى كمال أتاتورك الأنشطة السياسية للضباط فى الخدمة الفعلية، وبعد الانقلابات فى عام 1960، أنشأت لجنة الوحدة الوطنية قانون الخدمة الداخلية للقوات المسلحة التركية فى 4 يناير 1961 لإضفاء الطابع الشرعى على تدخلاتها العسكرية فى السياسة، وفى الانقلابات اللاحقة ومحاولات الانقلاب، أظهروا أسبابا لتبرير أنشطتهم السياسية.
 
وفى 27 أبريل 2007، وقبل الانتخابات الرئاسية التى أجريت فى 4 نوفمبر 2007، وردا على سياسة عبد الله جول، الذى كان له سجل سابق فى المشاركة فى الحركات السياسية الإسلامية والأحزاب الإسلامية المحظورة مثل حزب الرفاه، أصدر الجيش بيان مصالحها، وقال أن الجيش طرف فى "الحجج" فيما يتعلق بالعلمانية؛ وأن الإسلاموية تتنافى مع الطبيعة العلمانية لتركيا، وإرث مصطفى كمال أتاتورك، وانتهى بيان الجيش بتحذير واضح من أن حزب تاف على استعداد للتدخل إذا كان الطابع العلمانى للدستور التركى يتعرض للخطر، مشيرا إلى أن "القوات المسلحة التركية تحافظ على تصميمها الصحيح على أداء واجباتها الناجمة عن القوانين لحماية الخصائص غير القابلة للتغيير من جمهورية تركيا، ولاءهم لهذا التصميم مطلق".
 

 
 
منذ ذلك الحين، وأردوغان يضع فى تفكيره التخلص من جنرالات الجيش حتى لا يكونوا عائقًا أمام تطلعاته غير المشروعة، فبدأ باختلاق أزمة منظمة إرجينيكون، ففى يوليو 2008، تم احتجاز واستجواب أكثر من مائة شخص، من بينهم عدة جنرالات، بما يسمى منظمة إرجينيكون، وهى منظمة سرية وطنية قومية متطرفة لها صلات بأفراد القوات العسكرية وقوات الأمن فى البلد، واتهمت الجماعة بالارهاب فى تركيا، وفى 22 فبراير 2010، ألقى القبض على أكثر من 40 ضابطا ثم اتهموا رسميا بمحاولة الإطاحة بالحكومة فيما يتعلق بمخطط "سليدجامر"، من بينهم أربعة من الأميرالين، وعميدان وعقيدان، بعضهم متقاعد، بما فى ذلك القادة السابقين للبحرية التركية والقوات الجوية.
 

 
 
وفى يوليو 2016، أحدث أردوغان مسلسل الانقلاب العسكرى، ليكون أكبر مبرر لتصفية كل قيادات الجيش، ووضع قيادات موالية لأردوغان، وأعتقل أكثر من 20 ألف قيادة بالجيش التركى، والأكثر من ذلك تهميش دور الجيش فى السياسة، ليكون أردوغان هو الأمر الناهى.
 
خطة تحييد الجيش تخللتها محاولة منه للسيطرة على مفاصله، خاصة رئاسة الأركان فى محاولة للسيطرة عليه، بعد إنهاكه فى معارك داخلية، حيث أعطى موافقة على ملاحقة الانفصاليين الأكراد، كما وأنهى مهام كل من عارض سياسته فى مجال الدفاع، ما سمح له بتغيير القيادات العسكرية الكبرى الذين نالوا ثقته وكان أبرزهم تعيينه الرجل العسكرى القريب منه نجدة أوزيل رئيسا لهيئة الأركان فى 2013".

 


 

 سيطرة الحزب على تركيا 

كما عمل أردوغان فى 2002 لسيطرة حزبه الجديد العدالة والتنمية الذى تم تشكيله من قبل النواب المنشقين من حزب الفضيلة الإسلامى الذى كان يرأسه نجم الدين أربكان والذى تم حله بقرار صدر من محكمة الدستور التركية فى 22 يونيو 2001، وكانوا يمثلون جناح المجددين فى حزب الفضيلة، وفى 12 يونيو 2011 فاز الحزب بالانتخابات التشريعية وذلك بعد حصوله على 59.4% من الأصوات، متقدمًا على حزب الشعب الجمهورى وحزب الحركة القومية، وحصل الحزب على327 مقعدًا من أصل 550 مقعد فى البرلمان، إلا أن ذلك لم يمكنه من تنفيذ مراده فى تعديل الدستور دون الرجوع للمعارضة، لأن هذا القرار يحتاج السيطرة على ثلثى مقاعد البرلمان أى 367 مقعدا.
 
وفى انتخابات 7 يونيو 2015، فاز الحزب بأغلبية غير ساحقة فى مقاعد الجمعية الوطنية الكبرى حيث حصل على 258 مقعد بنسبة 40.87% من الأصوات، وكان يجب عليه تكوين حكومة تحالفات مع أحزاب أخرى، ولكن لم يحصل اتفاق وبقيت حكومة أحمد داوود أوغلو الثانية حكومة مؤقتة حتى انتخابات نوفمبر المبكرة، وفى انتخابات 1 نوفمبر 2015، فاز الحزب بأغلبية ساحقة فى مقاعد الجمعية الوطنية الكبرى حيث حصل على 317 مقعد من جملة 550، وحاز على 49.5% من الأصوات، ولديه القدرة لتكوين حكومة وحده، وأستغل أردوغان هذه الأغلبية لتمرير تعديلاته المريبة فى الدستور.

 


 

رئيس تركى موالى

لكى يحكم سيطرته على المؤسسات التركية، كان مطلوبًا من أردوغان أن يسيطر على مؤسسة الرئاسة، فكان التفكير فى صديقه عبد الله جول، وزير الخارجية الأسبق، الذى أستخدمه أردوغان كمحلل له فى منصب الرئاسة، حيث أنتخب رئيسًا لتركيا فى 28 أغسطس 2007 وذلك فى الجولة الثالثة للتصويت وبعد حصوله على أكثر من نصف أصوات البرلمان كما نص عليه الدستور، بعد ضغوط مارسها حزب العدالة والتنمية على المعارضة لتقبل بعبد الله جول رئيسًا، وفى نفس الوقت يبقى أردوغان رئيسا للحكومة، ومن وقتها تحقق لأردوغان ما أراد، فالرئاسة فى يده والجيش تم تحييده، والبرلمان فى جعبته، ولم يتبقى سوى المعارضة التى مارس ضدها كل صنوف التنكيل.
 
اردوغان (7)

تقويض المعارضة 

فى 2016 كان الحدث الأهم الذى على إثره سيحول أردوغان النظام التركى من برلمانى إلى رئاسى، فخرج فى يوليو وتحديدًا فى 15 من ذات الشهر ليعلن حينها أنه يتعرض لمحاولة انقلاب لكن المعارضة التركى أكدت أنها مسرحية من تأليف من على رأس السلطة، نسبها إلى الداعية الإسلامى فتح الله جولن المقيم فى الولايات المتحدة لتقييد الحياة السياسية التركية والقضاء نهائيًا على أى صورة من صور جمهورية أتاتورك التى كان يتشدق بها أردوغان وأحلف أنه سيلتزم بها، ونفذت السلطات منذ ذلك حملة تطهير غير مسبوقة مع اعتقال ملايين الموظفين من قيادات الجيش والشرطة والقضاء والتعليم وإقالة آخرين. 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة