سر روح الفانلة الكرواتية.. الحكاية أكبر من كرة القدم.. قصة القائد لوكا من المخيمات لوادى الملوك.. لوفرين لاجئ هارب من الحرب.. مغامرة بيريستش لإنقاذ مزرعة دجاج والده.. والحنين يجذب راكيتيتش من سويسرا لبلده الأم

السبت، 14 يوليو 2018 03:30 م
سر روح الفانلة الكرواتية.. الحكاية أكبر من كرة القدم.. قصة القائد لوكا من المخيمات لوادى الملوك.. لوفرين لاجئ هارب من الحرب.. مغامرة بيريستش لإنقاذ مزرعة دجاج والده.. والحنين يجذب راكيتيتش من سويسرا لبلده الأم أبطال المنتخب الكرواتى
كتب محمد سالمان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يتعجب الكثيرون من أداء منتخب كرواتيا والروح القتالية العالية التى يتمتع بها وأهلته للوصول إلى نهائى كأس العالم أمام فرنسا فى مفاجأة لم يكن يتوقعها أحد على الإطلاق قبل البطولة إلا أن الأداء الكرواتى جذب الأنظار حوله لاسيما فى الأدوار النهائية بعدما استطاع التفوق على ثلاثة منتخبات بعد أشواط إضافية فى حدث لا مثيل له فى تاريخ كؤوس العالم مما دفع البعض للتساؤل حول مصدر تلك الروح العالية.

 

ما يزيد من دهشتك حول الإصرار الكرواتى للتقدم فى مونديال روسيا أنه فريق جاء من بعيد، فقد كان وصوله إلى كأس العالم ليس محسومًا بعدما عانى كثيرًا خلال مشاركته فى منافسة المجموعة التاسعة بتصفيات أوروبا بعد تلقيه هزائم من أيسلندا وتركيا ثم تعادل على أرض ووسط جماهيره مع منتخب فلندا، ليقرر وقتها الاتحاد الكرواتى تعيين المدير الفنى الحالى للفريق زلاتكو داليتش الذى قاد منتخب بلاده الصعود لنهائيات كأس العالم عبر الباب الضيق للملحق الأوروبى!.

 

زلاتكو داليتش

بعد المسيرة الدرامية للمنتخب الكراوتى والوصول إلى النهائى، خرج مدربه فى تصريحات جريئة للغاية قائلاً: "ما قدمه اللاعبون هو خيال، هو من أجل التاريخ، لم نقل الكلمة الأخيرة فى موسكو، لا ننوى التوقف الآن، سنكون أبطال العالم، نحن أمة من الناس الذين لا يستسلمون أبدا، فخورون ولديهم شخصية".

 

لوكا.. قائد بمعنى الكلمة

ما يمكن قوله أن كلمات مدرب منتخب كرواتيا لم تأت من فراغ، فالحكاية أكبر من كرة قدم بكثير، والسر وراء ما يمكن تسميته "روح الفانلة الكرواتية" يمكن إيجاده فى حكايات وقصص معاناة لاعبى المنتخب فى صغارهم وقتالهم حتى صاروا ما هم عليه الآن.

 

فى مقدمة قصص كفاح لاعبى منتخب كرواتيا، يأتى بكل تأكيد القائد لوكا مودريتش، نجم وسط ريال مدريد الإسبانى، ومنذ ربع قرن من الزمن تقريبًا عندما كان لوكا فى عمر الـ6 سنوات إذا أخبر أحد عائلته أن هذا الفتى الصغير ضعيف البنية سيصير أحد النجوم العالم لقالوا عنه بكل تأكيد أنه مجنون!.

 

طفولة لوكا كانت بائسة إلى أقصى حد فقد عايش مع أسرته ويلات الحرب، وسمع أصوات القنابل كثيرًا للغاية، ورغم تلك الأجواء الضبابية كانت كرة القدم النور الذى يشع فى حياته استمر فى ممارستها داخل مخيمات اللاجئين، وفى سن العاشرة هرب مع عائلته إلى مدينة زادار الساحلية فى محاولة لتفادى الموت تحت الأنقاض!.

 

ورغم كل ويلات الحرب التى عايشها قائد المنتخب الكرواتى فى صغره لكنه تمسك بكرة القدم، وسار فى طريقه حتى وصول إلى نادى دينامو زغرب ومنها بدأ يلفت أنظار الأندية الأوروبية ليتعاقد معه توتنهام هوتسبير، ومنه ينتقل إلى الحلم الأكبر وهو ريال مدريد الإسبانى ويقدم معه عروض مبهرة، تؤهله لقيادة منتخب كرواتيا الذى يعيش معه أفضل لحظات حياته فى الوقت الحالى خاصة أنه بات مرشحًا لنيل الكرة الذهبية هذا العام.

 

لوفرين .. اللجوء وذكريات لا تنسى !

ليس مايسترو خط الوسط الكرواتى وحده من يمتلك قصة كفاح، ففى خط الدفاع يقف ديان لوفرين شامخًا معتزًا بنفسه، وبعيدًا عن التقييم الفنى لأدائه فى الملعب سواء مع المنتخب أو ناديه ليفربول الإنجليزى فإن قصة حياته تستحق الإبراز بكل تأكيد لأن تفاصيلها ملهمة للغاية، وهذا ما أدركته إدارة الريدز لذا لم تتوانى فى صناعة فيلم وثائقى تم نشره على قناة النادى على موقع الفيديوهات القصيرة "يوتيوب" فى 10 فبراير 2017 بعنوان :"لوفرين.. حياتى كلاجئ".

 

لوفرين المولد فى البوسنة لأبوين كرواتيين، انقلبت حياته رأسا على عقب عندما بلغ عمر الـ 3 سنوات، بعدما دقت طبول الحرب الأهلية فى البوسنة والهرسك والذى وضعت أوزارها خلال الفترة من 1992 إلى 1995.

 

فى الفيلم الذى يصل مدته إلى 22 دقيقة يحكى لوفرين تفاصيل طفولته القاسية وعيشه كلاجىء فى ألمانيا، قائلاً: "لم تكن لدينا مشاكل، كل شيء سار بشكل جيد مع الجيران المسلمين والصرب" وبعد ذلك حدثت الحرب"، إلا أنه يسترجع صافرات الإنذار وكيف كان خائفًا بشدة لأنه اعتقد أن هناك قنابل أو شيء ما سيحدث لتأخذه أمه من يديه ليتوجها إلى المخبأ.

 

لوفرين أثناء الفيلم
لوفرين أثناء الفيلم

 

ويروى لوفرين، أنه بعد توقف الصافرات هاجر برفقة أمه وعمه وزوجته إلى ألمانيا وتركوا كل شيء حتى متجر الطعام الذين كانوا يمتلكوه بجوار منزلهم  مصطحبين حقيبة واحدة وانطلقوا فى رحلة استغرقت 17 ساعة إلى ألمانيا.

 

عن الرحلة قال لوفرين: "كان وقتا عصيبا لأمى لأنها كانت تبكى دوما، أنا لم أفهم ، كنت اقول لماذا يا أمى؟ كانت تقول: توقف عن ذلك، كل شيء انتهى، نحن هنا الآن"، مشيرًا إلى أنه إذا لم يكن جده متواجدا لم يكن يعرف ماذا سيفعل إنها يعتقد أن مصيره وعائلته كاد يكون التوارى تحت الثرى والسبب فى وجهة نظره أن مدينة زينيتسا التى كانت تقيم فيها عائلته من أكثر المدن التى تم قصفها خلال الحرب لأنها أكبر من المدن الصغيرة هناك، قائلا: "الناس كانوا يقتلون بوحشية.. حدثت أشياء فظيعة".

 

وتابع لوفرين حديثه: "أننى محظوظ أنا وعائلتى، كان لدينا جدى ويعمل فى ألمانيا الذى أعطانا تصريح للذهاب إلى هناك"، مضيفًا: "سمعت الكثير من القصص حينها، صديق لى فى الثانوية كان يبكى كل يوم وأفكر ما الذى يبكيه لكنه أخبرنى أن والده كان جنديا ومات.. وأحزننى كثيرا لأنه كان من الممكن أن يكون والدى مثله".

وعن تفاصيله عشقه لكرة القدم استطرد: "ألمانيا كانت بلدنا الثانى، فتحوا لنا ذراعهم، لا أدرى أى بلد أخرى كانت سترحب بلاجئين من البوسنة"، مضيفًا: "أكملت الأسرة 7 سنوات فى ميونيخ، وقعنا فى حب كرة القدم وبايرن ميونيخ".  

ومن أكثر الأشياء المؤلمة التى ذكرها لوفرين فى الفيلم أن والدته قبل كنت تسجيله كانت تقول له لا تقول لهم لكنه أصر على البوح بأسرار الماضى، قائلا: "قلت لها سأخبرهم إلا أنها بكت لأنها تذكرت تلك الأحداث المؤلمة.

 

بيرسيتش.. وإنقاذ مزرعة دجاج والده

يبدون أن قصة طفولة لوفرين مؤثرة للغاية لكنه ليس الوحيد فى صفوف المنتخب الكرواتى الذى مر بأزمات خلال مراحل حياته، فإيفان بيريسيتش جناح إنتر ميلان هو الآخر تخطى مشاكل أسرية، وكان لها الفضل فى تغيير مسيرته الاحترافية وتم تداول بعض منها فى وسائل الإعلام رغم محاولته الدائمة للتكتم عليها.

 

بيريسيتش لعب دور كبيرًا فى تأهله كرواتيا لنهائى المونديال بعدما سجل هدف التعادل أمام منتخب إنجلترا فى مباراة نصف نهائى، وكذلك صنع هدف الفوز الذى سجله ماريو ماندزوكيتش بالأشواط الإضافية.

ما يعرف عن قصة حياة بيريسيتش وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية، أنه تم تصعيده بأكاديمية الشباب بفريق هايدوك سبليت الكرواتى لكنه تركه فى عمر الـ17 عامًا ليرحل إلى فريق سوشو الفرنسى، ولا أنه لم يشأ أن يفصح عن الأسباب التى دفعته لاتخاذ تلك الخطوة، وتحدث عن "أزمة عائلية" لكن أفيد أنه فعل هذا لإنقاذ مزرعة الدجاج الخاصة بوالده. ولم يلعب فى الفريق ولكنه قال "تعلمت الكثير" هناك.

 

وبعد محطة سوشو الفرنسية انتقل للعب فى كلوب بروج البلجيكى ثم بروسيا دورتموند وفولفسبورج الألمانيين، ومنها إلى فريقه الحالى إنتر ميلان، والآن يداعب المجد عبر تمثيل منتخب كرواتيا فى نهائى كأس العالم.

 

راكيتيتش.. حكاية اختياره لكرواتيا   

ومن قصة بيريسيتش إلى حكاية إيفان راكيتيتش، نجم برشلونة الإسبانى التى تختلف تفاصيلها عن باقى حكايات لاعبى منتخب كرواتيا فقد ولد فى مدينة مولن السويسرية بعدما فر والديه من كرواتيا فى عام 1991 أثر حروب الاستقلال الكرواتية.

 

فى صغره لم يكن إيفان يعرف الكثير عن كراوتيا سوى مجموعة من الصور وبعض الجيران أصحاب الأصول الكرواتية، خصوصا أن والده لم يتحدث معه عن الحرب ولم يكن يفضل ذلك لكنه كان يبكى أثناء حديثه فى الهاتف مع أى شخص يعيش فى كرواتيا، معتقدًا أنه كان محظوظًا لأنه لم يعايش الحرب فى صغره لاسيما أن والديه كان يبدو عليهم التأثر كلما تذكر هذه المأساة.

 

بسبب نشأته فى سويسرا ولعبه فى صفوف نادى بازل، مثل إيفان المنتخبات السويسرية لمدة 5 سنوات خاصة أنه لم يزر كرواتيا إلا بعدما صار رجلاً، وبعدما بلغ سن الـ21 حدثت مفاوضات غيرت حياتى راكيتيش رأسا على عقب بعدما نجح سلافين بيليتش مدرب منتخب كرواتيا خلال الفترة من 2006 إلى 2012 بإقناعه بتمثيل منتخب بلاده الأصلية.

 

وفى مقابلة مع قناة العربية قال راكى عن اختياره اللعب لمنتخب كرواتيا: "قلبي، لأن عندما كان عمري 16 أو 17 سنة لم أفكر في اللعب لصالح كرواتيا لأنني كنت أحاول شق طريقى فى سويسرا وأنا فخور وسعيد وممتن لك الأضخاص فى سويسرا لكن عندما تسنت لى الفرص للعب لصالح كرواتيا قال لى قلبى بأننى يجب أن أذهب ولم يكن السبب عدم رغبتى اللعب لصالح المنتخب السويسرى بل رغبتى باللعب للمنتخب الكرواتى، ومع ذلك فإن جزء من قلبى وجزء منى سويسرى لكن رغبتى للعب للمنتخب الكرواتى فاقت كل شيء".









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة