آية و5 تفسيرات.. ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن

الأربعاء، 06 يونيو 2018 12:18 م
آية و5 تفسيرات.. ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن القرآن الكريم
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نواصل، اليوم، سلسلة آية و5 تفسيرات، التى بدأناها منذ أول رمضان، ونتوقف اليوم مع الجزء الواحد والعشرين عند الآية رقم 46 من سورة العنكبوت، والتى يقول فيها الله تعالى "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِى أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ".

 

تفسير بن كثير

قال قتادة وغير واحد: هذه الآية منسوخة بآية السيف، ولم يبق معهم مجادلة، وإنما هو الإسلام أو الجزية أو السيف، وقال آخرون: بل هي باقية محكمة لمن أراد الاستبصار منهم في الدين، فيجادل بالتي هي أحسن، ليكون أنجع فيه، كما قال تعالى: { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} الآية. وهذا القول اختاره ابن جرير، وقوله تعالى: { إلا الذين ظلموا منهم} أي حادوا عن وجه الحق، وعموا عن واضح المحجة، وعاندوا وكابروا، فحينئذ ينتقل من الجدال إلى الجلاد، ويقاتلون بما يمنعهم ويردعهم، قال جابر: أمرنا من خالف كتاب اللّه أن نضربه بالسيف، قال مجاهد: { إلا الذين ظلموا منهم} يعني أهل الحرب ومن امتنع منهم من أداء الجزية، وقوله تعالى: { وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم} يعني إذا أخبروا بما لا نعلم صدقه ولا كذبه فهذا لا نقدم على تكذيبه لأنه قد يكون حقا ولا تصديقه فلعله أن يكون باطلاً، ولكن نؤمن به إيماناً مجملاً

 

تفسير الجلالين

{ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى} أى: المجادلة التى {هى أحسن} كالدعاء إلى الله بآياته والتنبيه على حججه { إلا الذين ظلموا منهم } بأن حاربوا وأبوا أن يقرّوا بالجزية فجادلوهم بالسيف حتى يسلموا أو يعطوا الجزية { وقولوا } لمن قبل الإقرار بالجزية إذا أخبروكم بشيء مما في كتبهم { آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم } ولا تصدقوهم ولا تكذبوهم في ذلك { وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن مسلمون } مطيعون.

 

تفسير الطبرى

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَا تُجَادِلُوا } أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ الْيَهُود وَالنَّصَارَى , وَهُمْ { أَهْل الْكِتَاب إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن } يَقُول : إِلَّا بِالْجَمِيلِ مِنْ الْقَوْل , وَهُوَ الدُّعَاء إِلَى اللَّه بِآيَاتِهِ , وَالتَّنْبِيه عَلَى حُجَجه. وَقَوْله : { إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله ; فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : إِلَّا الَّذِينَ أَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا لَكُمْ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَة , وَنَصَبُوا دُون ذَلِكَ لَكُمْ حَرْبًا , فَإِنَّهُمْ ظَلَمَة , فَأُولَئِكَ جَادِلُوهُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21179 - حَدَّثني عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْل الْكِتَاب إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } قَالَ : مَنْ قَاتَلَ وَلَمْ يُعْطِ الْجِزْيَة.

 

تفسير القرطبى

اختلف العلماء في قوله ‏ {‏ولا تجادلوا أهل الكتاب‏} ‏فقال  مجاهد‏:‏ هي مُحكمة فيجوز مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن على معنى الدعاء لهم إلى الله عز وجل والتنبيه على حججه وآياته؛ رجاء إجابتهم إلى الإيمان لا على طريق الإغلاظ والمخاشنة وقوله على هذا‏ { ‏إلا الذين ظلموا منهم‏} ‏معناه ظلموكم وإلا فكلهم ظلمة على الإطلاق وقيل‏:‏ المعنى لا تجادلوا من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب المؤمنين كعبدالله بن سلام ومن آمن معه‏.‏ ‏ { ‏إلا بالتي هي أحسن‏} ‏أي بالموافقة فيما حدثوكم به من أخبار أوائلهم وغير ذلك وقوله على هذا التأويل‏ { ‏إلا الذين ظلموا‏} ‏يريد به من بقي على كفره منهم كمن كفر وغدر من قريظة والنضير وغيرهم والآية على هذا أيضا محكمة وقيل‏:‏ هذه الآية منسوخة بآية القتال قوله ‏ { ‏قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} ‏ قال قتادة ‏ { ‏إلا الذين ظلموا‏} ‏أي جعلوا لله ولدا وقالوا‏ { ‏يد الله مغلولة‏} ‏ و‏ { ‏إن الله فقير‏} ‏ فهؤلاء المشركون الذين نصبوا الحرب ولم يؤدوا الجزية فانتصروا منهم قال النحاس وغيره‏:‏ من قال هي منسوخة احتج بأن الآية مكية ولم يكن في ذلك الوقت قتال مفروض ولا طلب جزية ولا غير ذلك وقول مجاهد حسن لأن أحكام الله عز وجل لا يقال فيها إنها منسوخة إلا بخبر يقطع العذر أو حجة من معقول‏.‏ واختار هذا القول ابن العربى‏.‏

 

الشيخ الشعراوى

الحق - تبارك وتعالى - يُعلِّمنا كيف نجادل أهل الكتاب، وقبل أن نتكلم عن ألوان الجدل في القرآن الكريم نقول: ما معنى الجدل؟

الجدل: مأخوذ من الجَدْل، وهو فَتْل الشيء ليشتد بعد أنْ كان ليناً كما نفتل حبالنا في الريف، فالقطن أو الصوف مثلاً يكون منتفشاً يأخذ حيزاً واسعاً، فإذا أردْنا أن نأخذ منه خيطاً جمعنا بعض الشعيرات ليُقوِّي بعضها بعضاً بلفِّها حول بعضها، وبجَدْل الخيوط نصنع الحبال لتكون أقوى، وعلى قَدْر الغاية التي يُراد لها الحبل تكون قوته.

ومن الجدل أُخِذ الجدال والجدَل والمجادلة، وفي معناها: الحوار والحجاج والمناظرة، ومعناه أن يوجد فريقان لكل منها مذهب يؤيده ويدافع عنه ليفتن الآخر أي: ليلفته عن مذهبه إلى مذهبه هو.

فإذا كان المقصود هو الحق في الجدال أو الحِجَاج أو المناظرة فهذا الاسم يكفي، لكن إنْ دخل الجدال إلى مِراءٍ أو لجاجة، فليس القصد هو الحق، إنما أنْ يتغلَّب أحد الفريقين على الآخر، والجدل في هذه الحالة له أسماء متعددة، منها قوله تعالى:

{  لَّلَجُّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ.. }

[المؤمنون: 75].

فعليك إذن باللين والاستمالة برفق؛ لأن النصح ثقيل كما قال شوقي رحمه الله: فلا تجعله جبلاً، ولا ترسله جَدَلاً، وعادة ما يُظهِر الناصح أنه أفضل من المنصوح. ويقولون: الحقائق مرة، فاستعيروا لها خِفَّة البيان؛ لأنك تُخِرج خَصْمك عما أَلِف، فلا تخرجه عما ألف بما يكره، بل بما يحب.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة