كان داخل غرفته وحيدًا بعد أن تركه أصدقاؤه ورحلوا، فدخلت عليه زوجته لتتسامر معه، فقال لها "كانت لدى "غية حمام" لكن طار الحمام منها، هكذا نطق الشاعر الكبير أحمد رامى، الذى كان فى ذلك الوقت يصف إحساسه بعد أن رحل عنه العديد من أصدقائه ليقابلوا قدرهم، حيث رحل محمد القصبحى وصديقه المقرب الشاعر صالح جودت، والمخرج أحمد كامل مرسى، ثم رحلت سيدة الغناء العربى أم كلثوم التى كانت تحتل بقلبه مكانة عالية، تشهد عليها كلمات أغانيه التى كتبها لها والتى تحصى بنصف ما غنت.
ذات يوم دخل ابن أحمد رامى عليه فى غرفته، وكان ابنه عائدا حديثا من أمريكا، وجد درجة حرارة والده مرتفعة فأسرع بإبلاغ والدته ثم ذهب إلى عمله، ليعود إلى المنزل فى تمام الساعة الثانية ظهرًا ليجد والده قد فارق الحياة وطار مع أصدقائه وترك الدنيا بجسده مخلفا للفن والموسيقى والمسرح والسينما أعمالا تجعله يعيش بيننا أجيال وأجيال.
ولد الشاعر أحمد رامى في القاهرة 1892 ، فى حى السيدة زينب، وهو من أصل تركى، فجده هو حسين بك الكريتلى زينب بالقاهرة، درس فى مدرسة المعلمين، وتخرج فيها عام 1914، ثم سافر إلى باريس فى بعثة من أجل تعلم نظم الوثائق والمكتبات واللغات الشرقية، وحصل على شهادة فى المكتبات والوثائق من جامعة السوربون.
درس الشاعر الكبير أحمد رامى فى فرنسا اللغة الفارسية فى معهد اللغات الشرقية، وساعده ذلك على ترجمة "رباعيات عمر الخيام" من الفارسية للعربية، ثم عين أمينًا لمكتبة دار الكتب المصرية، كما حصل على التقنيات الحديثة فى فرنسا في تنظيم دار الكتب، ثم عمل أمين مكتبة فى عصبة الأمم، كما عين مستشارًا للإذاعة المصرية، ثم عين نائبًا لرئيس دار الكتب المصرية.
كان أحمد رامى يحب الموسيقى فكان دائم التواجد بنادى الموسيقى ليلقى شعره على الحضور، فاستطاع أن يكون صداقة مع عدد من المطربين مثل أبو العلا محمد وصالح عبد الحى وسيد درويش، والشيخ أبو العلا محمد، الذى كان سببًا فى معرفته بام كلثوم.
جاء إليه ذات يوم الشيخ أبو العلا محمد وطلب منه أن يعطيه إحدى قصائده، فاستجاب أحمد رامى فأعطى له قصيدة "الصب تفضحه عيونه"، وعندما قابل الشيخ أبو العلا محمد أم كلثوم لم يتردد فى أن يعطيها اغنية "رامى"، الذى كان فى باريس وعندما عاد أبلغه أحد أصدقائه أن هناك فتاة من الريف تغنى كلماته فذهب ليستمع إليه وجلس فى أول صف الحضور وطالبها بأن تغنى قصيدته "الصب تفضحه عيونه" لترد عليه الأنسة أم كلثوم مرحبة به "أهلا ياسى رامى".
ومن هنا بدأ التعاون بين أم كلثوم والشاعر أحمد رامى الذى أحبها كثيرًا، وكتب لها أكثر من نصف اعمالها حيث وصلت إلى 110 أغنية، منها "هجرتك، حيرت قلبى معاك، جددت حبك ليه" وغيرها وغيرها، وكان أخر ما كتبه أحمد رامى لسيدة أم كلثوم هى "يا مسهرنى" نوعًا من العتاب لنها لم تسأل عنه.
أحمد رامى ترجم "رباعيات الخيام" بعدما درس اللفغة الفاريسية، ليكون أول شاعر عربى يترجم رباعيات الخيام شعرًا عن الفارسية، وطبعت بدار المعارف، وترجم مسرحية "سميراميس"، وبعض قصائد ديوان "ظلال وضوء" لسلوى حجازي عن الفرنسية، كما شارك فى حوالى 30 فيلمًا سواء بالتأليف أو الأغانى أو السناريو مثل "الوردة البيضاء ودنانير ووداد"، كما كتب احمد رامى مسرحية "غرام الشعراء".
حصل أحمد رامى على جائزة الدولة التقديرية عان 1967، ووسام الفنون و العلوم، ووسام الكفاءة الفكرية من الطبقة الممتازة من الملك الحسن ملك المغرب - درجة الدكتوراه الفخرية فى الفنون"، ورحل عن عالمنا فى 5 يونيو 1981.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة