علا الشافعى تكتب: مصطفى شعبان يستعيد روح «الممثل» بمسلسل «أيوب».. العمل ينجو من فخ الـ«مط» والـ«التطويل» فى دراما رمضان.. ويصل إلى قلوب المشاهدين بواقعية الشخصيات وميلودراما الأحداث ويعد حصان مصطفى الرابح

الأحد، 03 يونيو 2018 12:39 م
علا الشافعى تكتب: مصطفى شعبان يستعيد روح «الممثل» بمسلسل «أيوب».. العمل ينجو من فخ الـ«مط» والـ«التطويل» فى دراما رمضان.. ويصل إلى قلوب المشاهدين بواقعية الشخصيات وميلودراما الأحداث ويعد حصان مصطفى الرابح مصطفى شعبان فى مسلسل أيوب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"أيوب رماه البين بكل العلل، سبع سنين مرضان وعنده شلل، الصبر طيب.. صبر أيوب شفاه بس الأكادة مات بفعل الملل.. وعجبي".. تلك واحدة من الرباعيات التى أبدعها الشاعر الكبير صلاح جاهين، ليصف بها وجع كل أيوب فى الدنيا وليس فقط نبى الله "أيوب" الذى صار مثالًا للإيمان والصبر والقدرة على التحمل. وانطلاقا من تلك الفكرة صاغ المؤلف محمد سيد بشير، سيناريو مسلسل "أيوب" للنجم مصطفى شعبان، ذلك السيناريو الذكى والمليء بالتفاصيل الإنسانية، لشخصيات درامية تعانى صراعات خارجية وداخلية، فلا تستطيع أن تتخذ موقفا سلبيا من شخصية مثل "سماح" مثلا طوال الأحداث، أو أيوب بطل العمل، فأنت دائما فى حالة تعاطف معه حتى عندما يقرر أن يأخذ حقه بيده، وليس أفضل من الاستشهاد بجمل يقولها المتابع والمشاهد البسيط عن مسلسل أيوب، والذى قال لى عنه سائق تاكسى "ده العمل اللى يتقال عليه مسلسل فعلا.. واقعى وقصص حقيقية بتحصل وبنسمع عنها وبيوضح الإنسانيات اللى فى الناس.. إن فيه الحلو وفيه الوحش، وفيه الأصيل وفيه قليل الأصل، وفيه اللى الظروف بتغيره، وفيه الناس ولاد الحلال اللى بيحسوا بالمظلوم".

 

مصطفى شعبان وجد ضالته في سيناريو "أيوب"، وهو ما جعله أخيرًا يتمرد على نفسه، وقرر أن يتوقف عن تقديم نموذج محدد يبدو أنه كان يراه الأمثل لتحقيق الشعبية والجماهيرية، فى أعمال مثل "دكتور أمراض نسا" 2014، و"مولانا العاشق" 2015، و"أبو البنات" 2016، وأخيرًا "اللهم إني صائم" 2017.

 

مصطفى شعبان يقدم هذا العام واحدا من أفضل أدواره، من خلال عمل يتصدر الأفضل ضمن السباق الرمضاني، وهو ميلودراما أيوب، ذلك البطل البائس والذي لا يعرف إلا سوء الحظ، وكأن هناك لعنة تحيط به.

 

شعبان ما بين أيوب وسيزيف

 

أيوب الصابر على الابتلاءات، يحمل أيضا في تكوين الشخصية الدرامية المرسومة بعناية من قبل المؤلف، بعضا من روح "سيزيف"، وإذا كان سيزيف شخصًا ماكرًا بحسب الميثولوجيا الإغريقية، حيث استطاع أن يخدع إله الموت "ثناتوس" مما أغضب كبير الألهه" زيوس"، والذي عاقبه بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه، فإذا وصل إلى القمة تدحرجت إلى الوادي فيعود إلى رفعها للقمة ويظل هكذا للأبد، فهل سيظل أيوب أيضا يحمل صخرته، أم سيستخدم دهاءه وذكاءه هو الآخر؟.

 

وإذا كان سيزيف قد بات رمزًا للعنة الأبدية، نتيجة خداعه وغشه، فما هي لعنة أيوب بطلنا المبتلى في صحته وعائلته وزوجته وعمله.. هل يدفع أيوب ثمنا لفعلة والده، أم هناك شىء ستكشف عنه الأحداث لنعرف أن أيوب يحمل جزءًا من لعنته؟.

 

 

تلك الأسئلة التي يطرحها المشاهد على نفسه، عند متابعته لأحداث مسلسل "أيوب" هي سر جاذبيته حتى الآن، خصوصا وأن إيقاع العمل يتميز بالسرعة، ويبتعد كثيرا عن آفة الدراما الرمضانية من مط وتطويل، فطوال الوقت هناك أحداث، والشخصيات تتطور وتدخل في صراعات نفسية داخلية، وصراعات خارجية.

 

 

"أيوب" هو المصري المستكين "اللي ماشي جنب الحيط، وراضي بقليله"، كان كل همه أن يلبي احتياجات شقيقته، ويستطيع التكفل بعلاج والدته.. يعمل في أكثر من وظيفة، ساع في بنك، بائع في سوق الخضار، عامل بمكتبة.. كل ما يستطيع التكسب منه ولكن بالحلال. تلك الشخصية الدرامية شديدة الثراء والتي نسجها محمد سيد بشير  بحرفية عالية، وأمسك مصطفى شعبان بكل تفاصيلها، وكأنه استعاد معها روحًا كانت بعيدة عنه - تابع ظهوره في الحلقات الأولى، وعمله على الشخصية كممثل محترف وقع في غرام "أيوب".. طريقة مشيته، وظهره المحني دائما، وعيناه المكسورة، ونبرة صوته الهادئة والتي تعكس الرضا أو جملة "لا حول ولا قوة إلا بالله" التي يرددها دائما، وضحكته القليلة، والتي تبدو ضنينة وشحيحة تماما كما الحياة في تعاملها مع أيوب، ذلك الانكسار الذي ظل ملازمًا له طوال مشاهده الأولى في السجن.

 

 

بذكاء شديد رسم مصطفى ملامح تطور شخصية "أيوب"، وكيف أنه في السجن بدأ يسترد أنفاسه واحدة بواحدة، كيف كان يتلقى الإهانات ثم بدأ يردها بذكاء ودهاء، وصولًا إلى علاقته بمدير البنك المحبوس - يجسده زكي فطين عبد الوهاب - والذي ساعده على الخروج من السجن، ومشهد مواجهته مع طليق شقيقته المحامي "الحلنجي" منصور - يجسده بمهارة دياب - وإصراره على أن يسترد حقه بالذكاء وبذراعه أيضًا، ومن أجمل المشاهد التي قدمها مصطفى وتحسب له وللكاتب والمخرج المرة الأولى التي التقى فيها سماح شقيقته بالسجن".

 

 

وإذا كان الحكم على الممثل من خلال قدرته على تقمص الشخصية الدرامية ومحاولة محاكاتها على أرض الواقع وتجسيد ملامح وصفات تلك الشخصيات وأبعادها المتباينة، إضافة إلى تمتعه بالمرونة الجسدية (البلاستيكا) كما وصفها ستانسلافسكي، والقدرة على تخيل حتى تفاصيل المكان والمحيط الذي تتحرك فيه الشخصية والتماهي معها لكي يتلقاه المشاهد بصور عفوية وواضحة، فهذا ما نجح فيه مصطفي شعبان، ولذلك وصل بـ«أيوب» إلى قلوب المشاهدين.

 

 

وبالطبع أي عمل فني متميز عبارة عن تكامل عناصره الفنية، وقدرة المخرج على إدارة نجوم العمل والفنانين المشاركين فيه، وهو ما نجح فيه المخرج أحمد صالح الذي يعود بعد غياب.

 

و"أيوب" مسلسل متميز بدءًا من الـ"تتر" غناء عبده سليم، وصولًا إلى الكتابة والإخراج والأداء المتميز لمعظم نجوم العمل آيتن عامر في دور سماح تلك الشخصية التي تشعرك بكراهيتها، ولكن مع التحولات الدرامية وتكشف جوانبها وخوفها المرضي من الظلم والفقر، نبدأ في التعاطف معها ولو قليلا،  ومحمد لطفي في دور "حسن الوحش" صاحب محل الأدوات الكهربائية، والذي دائما ما يشتهي ما لا يملكه وبعيد عن يده، ومحمد دياب، وهنا الزاهد التي تقدم  دور أسماء وهو  واحد من أفضل أدوارها والتي قد تكون ناعسة أيوب التي تحمل إليه الطمأنينة، وخالد شقيق أسماء  يجسده حسنى شتا  والقديرة سلوى عثمان، والقديرة أحلام الجريتلى في دور صابرة والدة أيوب، ومحمد على رزق، وعدد كبير من الفنانين المشاركين في العمل، أيوب بطولة مصطفي شعبان وتأليف محمد سيد بشير وإخراج أحمد صالح وإنتاج تامر مرسي.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

Kimoelabasey

برافو عليكى

بصراحة كاتبة المقال قالت كل اللى الواحد نفسة يقولو

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة