الانتخابات التركية تكشف ديكتاتورية أردوغان..أتاتورك أسس الدولة المدنية الحديثة على أنقاض تخلف العثمانيين..و "رجب" يسعى لاستعادة استبداد رجل "أوروبا المريض" على حساب الحريات وحقوق الأقليات..وسجل حافل بالانقلابات

الأحد، 24 يونيو 2018 05:00 م
الانتخابات التركية تكشف ديكتاتورية أردوغان..أتاتورك أسس الدولة المدنية الحديثة على أنقاض تخلف العثمانيين..و "رجب" يسعى لاستعادة استبداد رجل "أوروبا المريض" على حساب الحريات وحقوق الأقليات..وسجل حافل بالانقلابات اتاتورك وأردوغان والانتخابات التركية
كتب محمد رضا - أ ف ب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تشهد تركيا، اليوم الأحد، انتخابات رئاسية وبرلمانية حاسمة كونها تمثل أكبر تحد للرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان، وحزبه العدالة والتنمية، منذ وصوله للسلطة قبل أكثر من عشر سنوات ونصف، وتلك الانتخابات التى قد تطيح بالديكتاتور التركى من عرش بلاده ستكون بداية لمرحلة جديدة فى تاريخ جمهورية تركيا الحديثة التى تأسست على أنقاض الدولة العثمانية لتصبح دولة مهمة استراتيجيًا تحدها اليونان غربًا وإيران شرقًا.

وينتظر قطاع عريض من الشعب التركى نتائج الانتخابات الجارية التى يضعون عليها أمل لكتابة نهاية الحكم الطاغى لأردوغان الذى يحكم حزبه البلاد منذ العام 2002، وأشرف الرئيس مذاك على أكبر تغييرات شهدتها البلاد منذ تأسيس تركيا الحديثة فى 1923، لكن فى الانتخابات الرئاسية والتشريعية الجارية، سيواجه أردوغان وحزبه أكبر اختبار عبر صناديق الاقتراع لقبضتهم المستمرة على السلطة منذ عقد ونصف.

 

 

الدولة التركية الحديثة تقوم على أنقاض السلطنة العثمانية

وفى إطار المنافسة القوية بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية، تجدر الإشارة هنا إلى التطورات التى حدثت فى تاريخ الدولة الحديثة منذ التأسيس وحتى الآن، ففى ذروة مجدها، حكمت السلطنة العثمانية أراضى تمتد من البلقان حتى السعودية الحديثة بما فى ذلك الأماكن الإسلامية المقدسة، لكن السلطنة عانت لقرون من الضعف إلى أن انتهت بالهزيمة التى لحقت بها فى الحرب العالمية الأولى التى حاربت خلالها إلى جانب الإمبراطورية الألمانية.

وبعد حرب استقلال، نجح قادة عسكريون أتراك بينهم مصطفى كمال أتاتورك، فى تأسيس دولة حديثة ممتدة من منطقة تراقيا حتى بلاد الرافدين مؤذنا بتأسيس الجمهورية التركية فى 1923، وفى عهد أردوغان، سعت تركيا إلى احياء نفوذها من الحقبة العثمانية فى الشرق الأوسط، تحديدًا فى سوريا والعراق إلى جانب البلقان وأفريقيا، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل.

مصطفى-كمال-أتاتورك-750x422
مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية الحديثة

 

تركيا يحكمها نظام قائم على الديمقراطية العلمانية الغربية

ودفع أتاتورك الذى بقى أول رئيس لتركيا حتى وفاته فى 1938، ببلاده نحو الغرب وجعل العلمانية من مبادئها الأساسية، وعرفت تركيا الديمقراطية المتمثلة بالتعددية الحزبية فى 1946، وفى عهد عصمت اينونو - الذى خلف أتاتورك - أعلنت حيادها خلال الحرب العالمية الثانية.

وفى 1952، انضمت تركيا إلى حلف شمال الأطلسى "الناتو"، إلى جانب اليونان التى كانت خصمًا رئيسيًا لها، وذلك بدعم قوى من الولايات المتحدة التى كانت تسعى إلى إبعاد أنقرة عن محور الاتحاد السوفيتى، واليوم، يتهم معارضو أردوغان، الرئيس بالاستبداد بشكل متزايد والإشراف على حملة لتكريس الإسلام فى السياسة والمجتمع فى تركيا وإبعادها عن الغرب، لكن أردوغان يصر على أنه ملتزم إبقاء تركيا جمهورية علمانية فى الحلف الأطلسى.

رجب طيب أردوغان
رجب طيب أردوغان

 

تاريخ الانقلابات فى الدولة التركية الحديثة

وبالانتقال إلى مرحلة أخرى هامة فى تاريخ الدولة التركية الحديثة، نجد أن المؤسسة العسكرية النافذة فى تركيا، أطاحت بالحكومات المتعاقبة على البلاد فى 1960 و1971 و1980، وأعقب انقلاب العام 1960 إعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس - المثل الأعلى لأردوغان –ووزيرين، وبعد وصوله إلى السلطة، قلم أردوغان أظافر الجيش فى محاولة للحد من تدخلاته فى السياسة، لكن فى يوليو 2016، نجا من محاولة انقلاب نفذها فصيل متمرد فى الجيش.

وأصر أردوغان على أن حليفه السابق الداعية الإسلامى المقيم فى الولايات المتحدة فتح الله جولن، هو من خطط لتحركات الجيش الفاشلة، لكن الأخير نفى مرارًا أى صلة له بالمحاولة، ولم ينته الأمر إلى هذا الحد، بل استغل أردوغان الفرصة، وأعلن لاحقًا حالة الطوارئ التى اعتقل بموجبها نحو 55 ألف شخص فى إطار عملية تطهير غير مسبوقة، وتعهد هو والمعارضة على حد سواء برفع حالة الطوارئ بعد الانتخابات.

الجيش التركى
تحركات الجيش التركى فى يوليو 2017

 

تركيا تستضيف ملايين اللاجئين سعيًا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبى

وبالتطرق لحقيقة أخرى فى تاريخ الجمهورية التركية الحديثة، فإن الدولة التى يبلغ عدد سكانها أكثر من 80 مليون نسمة، سعت إلى تعزيز نفوذها، وبينما عارضت نظام الرئيس بشار الأسد، بشدة خاصة فى الفترة الأولى من اندلاع الحرب الأهلية فى سوريا، عملت لاحقًا عن قرب مع حليفته الأبرز روسيا لإنهاء النزاع.

وفى محاولة منها للدخول إلى قلب القارة الأوروبية، استقبلت تركيا نحو 3.5 مليون لاجئ سورى يعيشون تحديدًا فى جنوب شرق البلاد واسطنبول، إلى جانب أعداد أقل من العراقيين والأفغان، وفى 2016، وقعت اتفاقًا للحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا بعدما عبر قرابة مليون شخص بحر إيجه عبر تركيا فى 2015، وعزز الاتفاق آمال أنقرة فى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، إلا أن العملية واجهت عراقيل عدة مذاك.

وفى هذا الإطار، منحت تركيا جوازات سفر لعشرات الآلاف من اللاجئين السوريين، لكن المعارضين يشيرون إلى أن الدولة لا تملك استراتيجية للتعامل مع تواجدهم طويل الأمد.

 

الأقليات مشكلة تاريخية تؤرق الدولة التركية

وفى ملف آخر بارز على أجندة السلطة التركية، أجبرت الأقليات فيما يعرف حاليا بتركيا الحديثة، على المغادرة فى القرن العشرين، حيث لم تبقى إلا قلة قليلة منهم اليوم، ويؤكد الأرمن أن قتل أجدادهم بأيدى قوات السلطنة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى كان حملة "إبادة جماعية"، وهو مصطلح ترفضه تركيا بشدة، فيما غادر معظم اليونانيين البلاد فى عمليات تبادل للسكان جرت عام 1923.

لكن أكبر أقلية عرقية فى تركيا مكونة من الأكراد الذين يشكلون خُمس السكان ويشكون باستمرار من حرمانهم من حقوقهم فى إطار ما يصفونها بـ"المشكلة الكردية"، ولهذا حمل حزب العمال الكردستانى، السلاح فى 1984، فى تمرد دام خلف عشرات آلاف القتلى.

وفى السنوات الأولى من عهده، قام أردوغان بخطوات غير مسبوقة لمنح الأكراد مزيدًا من الحقوق وفتح محادثات مع حزب العمال الكردستانى، لكن وقف إطلاق النار بين الطرفين إنهار فى 2015، فيما لا يزال العنف مستمرًا مع غياب فرص التوصل إلى اتفاق سلام فى أى وقت قريب.

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة