بعد أن تلقى وزير الداخلية المصرية يوم 22 يونيو 1926، برقية عن الاعتداءات التى وقعت على المحمل المصرى فى الأراضى الحجازية يوم 20 يونيو 1926، وبدا أنها تحمل وجهة النظر المصرية على لسان «أمير الحج»، اللواء محمود عزمى باشا «راجع:ذات يوم 20 يونيو 2018»، قامت «وكالة الحجاز وسلطنة نجد وملحقاتها» بإرسال بلاغ إلى القاهرة يوم 23 يونيو «مثل هذا اليوم 1926»، وفقا لتأكيد أحمد شفيق باشا فى «حوليات مصر السياسية-الحولية الثالثة 1926،ونشرته الأهرام فى يوم«24 يونيو 1926»،ويمثل ماجاء فيه«وجهة نظر ملك الحجاز وسلطان نجد»، حسب قول الدكتور يونان لبيب رزق فى مقاله «واقعة المحمل» المنشور بجريدة الأهرام «28 يونيو 2001»، ويكشف هذا البلاغ تفاصيل الموضوع.
نص البلاغ:«جاء المحمل المصرى من جدة وخيم فى مكانه المعتاد من ضاحية مكة ثم انتقل منها يوم التروية إلى «منى» حيث بلغ آخرها بسلام،وهناك ارتفعت أصوات أبواق حرس المحمل فاستنكرها العرب من النجديين،وغيرهم الذين يعتقدون حرمة جميع المزامير ولا سيما فى هذه المشاعر العظام.فاجتمع بعض الغوغاء المجهولين منهم إلى مصدر الصوت وكثر اللغط فى ذلك وكان مع المحمل بعض الحامية النجدية فأخذوا يردون الغوغاء بالضرب والتهديد،ووصل الخبر لجلالة الملك«عبد العزيز»فأرسل فى الحال نجله سمو الأمير فيصل بقوة فذهب لمكان الحادثة،وطلب من رجال المحمل أن يقفوا فى أماكنهم وأخذ يقاوم الغوغاء،وطلب زيادة قوة من أبيه فأمده بأخيه سمو الأمير سعود مع قوة معه،وبينما جند الحكومة تدافع الغوغاء وإذا برجال المحمل يطلقون المدافع والأسلحة التى معهم بغير حساب على الأماكن التى يخيم فيها الحجاج النجديون،فقتل من الأبرياء الذين هم فى أماكنهم خمسة وعشرين بين رجل وامرأة وطفل وقتل أربعون بعيرا.ولما وصل الأمر لهذا الحد خرج جلالة الملك«عبد العزيز»بنفسه يحف به جميع أولاده وأفراد عائلته وحاشيته،وكان أهل نجد فى أشد ما يكون من الحنق ولكنه خاطبهم، وقال« أذكركم بالله فى هذا المقام ثم أذكركم بشرفكم وحجتكم وأخبركم بأن هذا المحمل لا يمكن أن يتجاوز عليه أحد وبأحد ممن معى بقية من حياة»،ولما سمع بذلك أهل نجد ورغما عما أصابهم من بلاء لم يستوجبوه،رجع عاقلهم على سفيههم حتى ارتدت جميع تلك النفوس ببضع دقائق إلى أماكنهم،وطفئت الفتنة ثم سار المحمل محفوفا بقوة من جند الحكومة ولم يصب منهم أحد بأذى وساد السكون والأمان،ولم يحصل ما يكدر بعد ذلك ».
غضبت الحكومة المصرية من نشر البلاغ،ووفقا لشفيق باشا:«كلف رئيس الوزراء»زيور باشا»تليفونيا من الإسكندرية سعادة«على جمال الدين باشا» وكيل وزارة الداخلية بأن يقصد إلى دار الوكالة،ويقابل حضرة المعتمد للاحتجاج على بعض العبارات فى البلاغ،وأن يلفت نظر سيادة المعتمد إلى أن المجاملات السياسية بين الدول وبعضها تقضى بأن سفير الدولة أو ممثلها متى أراد إصدار بلاغ عن شىء له مساس بالبلاد التى يوجد بها،فإنه يتفاوض أولا مع حكومة تلك البلاد فيما يريد نشره ويطلعها على صيغة البلاغ».
يؤكد شفيق باشا:«اعتذر سعادة المعتمد عن ذلك بأنه لم يقصد بما نشره إلحاق أى أثر فى العلاقات الودية بين الحكومتين،وأن ما نشره هو ما وصل إليه من وزارة الخارجية فى الحجاز،وما كان يريد نشره لولا أن بعض الصحف ألحت»،ويضيف شفيق:«أبدى المعتمد أسفه على الحادث الذى وقع،وذكر أنه يعد مصر شقيقة للحجاز».
فى 24 يونيو 1926،تلقت وزارة الداخلية تلغرافا بالشفرة من أمير الحج«اللواء محمود عزمى باشا»مرسل من«منى»بتاريخ 23 يونيو حسب تأكيد«شفيق باشا»،ونص:«الرسائل التى تبودلت بينى وبين جلالة الملك ابن السعود أزالت كل خلاف،وستستمر الحالة ودية بين البلدين،وسنقدم لمكة اليوم»،ويضيف:«اتفق أمير الحج مع حكومة الحجاز على السفر إلى المدينة من طريق جدة فينبع،لقصر المسافة ولتوقى تحرش العربان به فى الطريق الطويل الممتد بين مكة والمدينة الذى كان فى النية السفر منه وصرح ولاة الأمور له بذلك».
يؤكد الدكتور محمد حسين هيكل باشا فى الجزء الأول من مذكراته:«المصادمات التى وقعت فى سنة 1926،اتخذت منها الحكومة السعودية ذريعة لمنع القوة المرافقة للمحمل،فامتنعت مصر عن إرسال المحمل نفسه،فأعلن ابن السعود أن حكومته ستتولى نسج كسوة الكعبة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة