بالنسبة لأطفال الثمانينيات والتسعينيات كان التليفزيون فى شهر رمضان يمثل وجبة شهية من المحتوى المتنوع المقدم خصيصًا لأجلهم، والذى حرص صناعه على أن يقدم لهم الضحك مع التسلية والمتعة والمعلومات العامة من خلال الفوازير والكارتون، بالإضافة إلى المعلومات الدينية من خلال قصص الأنبياء وقصص الحيوان فى القرآن جنبًا إلى جنب مع رسائل تربوية هامة تقدم لهم من خلال شخصيات يحبونها كـ"عمو فؤاد" و"بوجى وطمطم".
وحرص التليفزيون فى ذلك الوقت على بث هذه البرامج فى مواعيد مناسبة بعد عودتهم من المدارس وفى الوقت الذى تجتمع فيه الأسرة وقت الإفطار، أما الدراما والأعمال الفنية الأخرى فأيضًا تراعى وجود الأطفال بين المشاهدين وحقيقة أن التليفزيون يدخل كل بيت.
بكار
البعض يحاول أن يعالج المشكلة بما فى وسعه، ويقدم لأطفاله ما استمتع به فى طفولته من برامج كانت بالنسبة له مبهرة تشبه صندوق الدنيا، ويحاول استعادة ذكرياته مع طفله عبر إعادة مشاهدة حلقات برامج التسعينيات والثمانينيات عبر "يوتيوب" ولكنها تظل وجبة قديمة أكل عليها الدهر وشرب لأنها مقدمة لجيل غير الجيل وتتحدث عن الماضى.
البعض الآخر يلجأ لقنوات الكارتون العربية ليترك أطفاله أمام أغنياتها وقصصها، بينما يشعر فى قلبه بغصة أن هذا المحتوى ليس موجها لطفله ولا يعبر فى الكثير من الأحيان عن ثقافتنا ولا مجتمعنا.
هذا المأزق يدفعنا للتساؤل: "لماذا خلت خريطة الفضائيات الرمضانية من برامج الأطفال؟"، نقلنا هذا التساؤل إلى عدد من المتخصصين فى الإعلام وثقافة الأطفال والعاملين فى برامج الأطفال أيضًا.
يرجع الدكتور محمود حسن إسماعيل أستاذ ورئيس قسم الإعلام وثقافة الأطفال بجامعة عين شمس غياب برامج الأطفال هذا العام إلى عدة أسباب على رأسها عدم الوعى بأهمية هذه البرامج وما يمكن أن تقوم به من دور فى تربية وتنشئة الأطفال، بالإضافة إلى المنافسة الشرسة وغير المتكافئة التى تدخل فيها هذه البرامج مع وسائل الاتصال الحديثة خاصة اليوتيوب وفيسبوك، ويضيف: "لعل عزوف الأطفال عن متابعة هذه البرامج واهتمامهم بالإنترنت هو ما أعطى مبررا للقائمين على الفضائيات بعدم إنتاج برامج للأطفال".
الدكتور محمود حسن اسماعيل
تضيف: "برامج الأطفال نادرًا ما نجد من ينفق عليها ويضع لها ميزانية كبيرة لتخرج بشكل محترم، أعتقد أنه فى آخر 5 سنوات لم أشاهد برنامجًا حقيقيًا للأطفال بإعداد ومادة محترمين لعدم اهتمام المنتجين ولا الرعاة بها، وخارج مصر برامج الأطفال يكون الرعاة الإعلاميين لها شركات العصائر والسناكس والألعاب ومنتجات الأطفال وكذلك محلات ملابس الأطفال ولكن فى مصر لا يوجد هذا المفهوم.
ومن واقع عملها فى عدد من برامج الأطفال ترى علا الخطيب، المنتجة الفنية أنه بالإضافة لغياب الإنتاج تكمن صعوبة برامج الأطفال فى حاجتها لمن يفهم سيكولوجية الطفل، وتقول: "الطفل زمان كان بيتضحك عليه بأى كلام لكن دلوقتى الأطفال معاها أحدث موبايل وطريقتها وتفكيرها مش طفولى أبدًا".
طفل أمام التلفزيون
وتوضح شيماء ممدوح خضير، رئيس تحرير برنامج عيشها صح بالتليفزيون المصرى، والتى عملت لـ6 سنوات فى برامج الأطفال بين العرائس والدوبلاج والسيت كوم سبب ارتفاع تكلفة برامج الأطفال وتقول: "الكارتون والجرافيك والعرائس والماريونيت كل هذه العناصر تحتاج وقتًا طويلاً ومجهودًا كبيرًا وتكلفة عالية، فضلاً عن الديكور المخصص والكاميرات".
وترى الحل لإنعاش برامج الأطفال فى إنتاج الدولة برنامج كبير يليق بالأطفال ويتم بثه "أونلاين" بالتزامن مع بثه عبر التلفزيون ليواكب العصر ويحقق الانتشار المطلوب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة