مكتبة كأس العالم.. ثلاثة أدباء من الأرجنتين لـ بورخيس: عشق كرة القدم ليس بغباء

الجمعة، 15 يونيو 2018 04:00 م
مكتبة كأس العالم.. ثلاثة أدباء من الأرجنتين لـ بورخيس: عشق كرة القدم ليس بغباء كتاب حكاية عامل غرف
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع انطلاق فعاليات كأس العالم فى روسيا 2018 نقدم لجمهور القراء فى كل يوم كتاب من مكتبة كأس العالم، واخترنا اليوم كتاب "حكاية عامل غرف" وهو مختارات من أدب كرة القدم الأرجنتينى، اختيار وترجمة محمد الفولى، والصادر عن دار مسعى للنشر، فى مملكة البحرين، ضمن سلسلة صافرة المعنية بثقافة الرياضة.

ويقول محمد الفولى فى مقدمة كتابه: أجاب الأديب الأرجنتينى خورخى لويس بورخيس ذات مرة على سؤال حول السبب وراء شعبية كرة القدم بقوله إنه لا يوجد ما هو أكثر انتشارا من الغباء، فحينما يتصارع أحد عشر لاعبا مع أحد عشر لاعبا على الركض وراء كرة القدم، فهذا الأمر ليس به شيء من الجمال.

لست الوحيد الذى يعارض هذا الرأى – ليس لأن عشرة لاعبين فقط هم من يركضون وراء الكرة من كل فريق بينما يبقى كل حارس فى مرماه – بل لأن هناك أعلاما أدبية عظيمة فى العالم كله، وأمريكا اللاتينية على وجه الخصوص، ربما يعارضون رؤية بورخيس، فهناك الكولومبى العظيم جابرييل جارثيا ماركيز، الذى تحدث بالحسنى عن الساحرة المستديرة فى قصته "القسم"، أو الشاعر والكاتب الأورجوائى الشهير ماريو بينديتى الذى ألف أكثر من قصة عن اللعبة، بل وأيضًا قصيدة "وقتك اليوم حقيقة" التى أهداها لأسطورة الأرجنتين دييجو أرماندو مارادونا.

لست فى حاجة للحديث أيضا عن أن أحد أبرز مؤلفت الأوروجوائ إدواردو جاليانو كان عن هذه اللعبة التى ينبذها بورخيس، وأقصد هنا كتاب "كرة القدم فى الشمس والظل".

أظن أن هناك ثلاث فئات قد تهتم بقراءة هذا الكتاب، وأولهم جمهور الكرة وهم كثرة، هؤلاء الذين يراهم بورخيس كمجموعة من الحمقى وبكل تأكيد لا أشاطره رأيه، سيجد هذا النوع من القراء عناصر الحبكة الكروية التى يتمنونها وسيعثرون فى سطور كل قصة على حماسة المدرجات وذكريات الطفولة وخيال الشباب، بينما يطلعون على أحداث كروية خيالية وحقيقية وتاريخية ليغوصوا فيها بمخيلتهم. ما سيعمق من أثر التجربة هو أن منبع هذا الإبداع هو الأرجنتين، تلك البقعة الكروية المباركة، التى يحلم كل محبى الكرة بزيارتها وحضور مباراة فى أى من ملاعبها.

يستهدف هذا العمل – بنفس قدر استهدافه للفئة الأولى – فئة أخرى وأعنى بها القراء الذين لا يهتمون بكرة القدم بل وربما يشاطرون بورخيس رأيه، لكن ربما يساهم هذا الكتاب فى تغيير طريقة نظرهم للأمور، ليس فقط لأن كل القصص المختارة صيغت بصورة مثالية وتتمتع بكل المقومات الأدبية المطلوبة، بل لأن الكرة ليست هى العنصر الأوحد فيها، بل هى مدخل يلج بالقارئ لعوالم أخرى أحيانا، وإلى أحداث تاريخية، بل ويلمس بعضها جوانب موجودة فى حياة أغلب البشر.

ستداعب هذه المختارات ذكرياته أو ستعمق وجوده فى حاضره، ربما تنتزع منه ضحكة وأحيانا دمعة، لكنها بشكل مؤكد قد تدفعه للتفكير والتمعن كأى قصة لا تدخل كرة القدم فى مكوناتها.

أنتمى أن نفسى لفئة ثالثة، تلك التى تعشق الكرة والأدب، لذا أعتقد أن محبى هذا الثنائى، الذى ربما يبدو للوهلة الأولى، متنافرًا سيستمتعون بتراقص الكلمات وكل مراوغة يقوم بها أى من الكتاب المختارين بعقول القراء، قبل أن يترك الكرة فى ملعبهم، لفهم هذه القصة أو تلك الأخرى كيفما أحبوا.

تتنفس الأرجنتين كرة القدم، هذه ليست مبالغة، فآخر الإحصائيات تقول إن هناك أكثر من نصف مليون لاعب مسجل بالاتحاد المحلى للعبة بصورة رسمية، لهذا كان من الطبيعى أن تكون صاحبة أغزر إنتاج من القصص الكروية القصيرة، وهو الأمر الذى لم يأت من فراغ، فبلد لا تخلو تقريبا قرية واحدة فيه من أكثر من ملعب، ويقدم مسابقة للدورى من ست درجات مختلفة بجانب الدوريات الإقليمية، كان ولا بد أن يكون للكرة دورها فى حياة بعض أدبائه بشكل يدفعهم للكتابة عنها.

تستند هذه المجموعة المختارة بصورة كبيرة على أعمال ثلاثة أدباء: الراحل أوسبالدو سوريانو وله سبع روايات ومثلها من المجموعات القصصية، وتحمل جائزة أدبية فى الأرجنتين اسمه، وإدواردو ساتشيرى، الفائز بجائزة "ألفاجوارا" الروائية العريقة فى عام 2016، والكاتب والرسام الساخر الراحل روبرتو فونتاناروسا الذى ألف خمس عشرة مجموعة قصصية بخلاف مشاركاته الكتابية فى مجالى السينما والتليفزيون.

وتتنوع القصص التى يقدمها هذا الثلاثى بين تجاربهم الشخصية مع الساحرة المستديرة، التى تعكس مشاهد وأفكار عن الحياة الأرجنتينية، أو قصصا خيالية صرفة منغمسة فى تجارب واقعية وحياتة ترتبط بالكرة، أو حكايات يبدو للوهلة الأولى أنها ترتبط بأرض الواقع، قبل أن تنقل القارئ بغتة إلى عالم الفانتازيا.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة