"العيد فرحة وأجمل فرحة تجمع شمل قريب وبعيد"، اعتدنا دائما على التجمعات العائلية فى الأعياد والمناسبات خصوصا شهر رمضان وبهجة العيد، ولكن المناسبات فى المستشفيات لها طعم آخر، ففى غرف مستشفى أبو الريش اليابانى أمهات تركن بيوتهن واحتفالات العيد ليتعايشوا مع أطفالهن بين جدران المستشفى الذى لا يعلمن متى ستفتح أبوابها ويعود أبناؤهم ليعيدوا الفرحة فى منازلهم.
شارك "اليوم السابع" فى معايشة يوم من حياة الأطفال المرضى بمستشفى أبو الريش اليابانى، ليرصد قصص المعاناة مع المرض التى فرضت عليهم الحرمان من أجواء رمضان و العيد بجوار ذويهم فى البيوت.
"أعز من الولد ولد الولد"
طفل
دون ملل أو كلل تحملها جدتها طوال اليوم لتخفف عنها الألم التى تشعر به نتيجة تناول الأدوية وإجراء العملية، حيث ترافق الطفلة جنات فى مستشفى أبو الريش اليابانى جدتها، وذلك لانشغال والدة الطفلة بشقيقاتها التوأم، وعن حياة المستشفى فى رمضان قالت الجدة: "سبب وجودنا فى المستشفى هو إجراء عملية زرع حالب لـ جنات، حيث إنه يعيق عملية الإخراج عندها، وقد شخصه الأطباء بأنه عيب خلقى نتيجة وجود اثنين من التوأم معها.
وأضافت الجدة: "لن تستطيع والدة جنات أن تجلس معها بسبب شقيقاتها الصغار، لذلك تركت منزلى وأبنائى للجلوس معها فى المستشفى طوال شهر رمضان، ولكن الحمد لله المستشفى موفرة للمرافقين الوجبات والرعاية طوال شهر الخير حتى لا يشعرونا بأى نقص".
وبنظرة حنين واشتياق قالت: "اشتقت جدا لبيتى وأبنائى وأنتظر قرار خروجى من المستشفى قبل العيد، فالمرض حكم علينا الجلوس فى المستشفى طوال رمضان".
العيد ماينفعش من غير لمة العيلة
طفلة
تجلس "أم مصطفى" بجوار ابنها فى المستشفى فى انتظار الخضوع لعملية تركيب شبكة فى منطقة الشرج، لتقضى تلك المدة بعيدًا عن بيتها فى محافظة بنى سويف، حيث تشعر بفقدان المأوى والسكينة على الرغم من تعويض المتواجدين فى المستشفى والمساعدة دوما فى إسعاده وإدخال البهجة على قلوبهم المتألمة.
"المستشفى مابتقصرش فى حاجة معانا سواء فى أكل أو لعب الأطفال بس برضه الواحد مالوش غير بيته"، هكذا عبرت والدة مصطفى عما تشعر به خلال فترة تواجدها داخل المستشفى.
وقالت والدة مصطفى لـ"اليوم السابع": "الألم والبكاء الذى كان يتعرض له ابنى هو سبب تواجدى كل هذه الفترة فى المستشفى، فيعتبر أول رمضان لى بعيدا عن بيتى وأسرتى، ولكن الحمد لله المتطوعون بالمستشفى يسعدونا بالحفلات وورشة الرسم وتوزيع الهدايا والألعاب على الأطفال".
وأضافت أم مصطفى: "كل ما أتمناه هو إجراء العملية فى أسرع وقت لكى يرتاح ابنى من الألم الذى يشعر به، ونعود لمنزلنا قبل العيد فمهما كان العيد ماينفعش من غير لمة العيلة والأبناء".
يونس جاى من بلاد البعيدة لمستشفى أبو الريش
ورشة الرسم
تحمل طفلها صغير الوزن رغم عمره الذى تجاوز العام، لتأتى به من محافظة الشرقية لتستكمل علاجه فى مستشفى أبو الريش اليابانى، حيث يعانى من مرض نادر منذ ولادته إثر على نموه وأدى لمشاكل صحية عديدة.
"جيت به ومهمنيش أقضى رمضان بعيد عن بيتي"، هكذا وصفت أم يونس شعورها أثناء جلوسها فى المستشفى، حيث قالت لـ"اليوم السابع" إن حالة ابنى كانت تسوء كل يوم خلال فترة مرضه بمحافظة الشرقية، وذلك ما اضطرنى للانتقال من الشرقية للقاهرة فى مستشفى أبو الريش واتضح أنه يعانى من نقص هرمون فى الجسم أدى لنقص فى النمو وتساقط الشعر والتهاب رئوى وفتق سرى.
تعتمد الأم خلال فترة إقامتها فى المستشفى على استخدام التليفون المحمول لتسلية الطفل، خصوصًا أثناء فترة الصيام حتى لا يصدر صراخا ناتجا عن ضيقته ويزعج المرضى، معبرة عن مدى فرحتها باهتمام المستشفى بتحضير وجبات الإفطار للأمهات والمرافقين للأطفال، مضيفة: "بيحاولوا يعوضونا عن بيوتنا وأهلنا".
مكالمة فيديو عند الاشتياق
طفل 2
أتت مع ابنتها التى لم تتجاوز الـ7 سنوات من محافظة دمياط إلى القاهرة أملًا فى شفائها، فتعانى ابنتها من ورم على المخ، حيث تستقر منذ بداية رمضان داخل مستشفى أبو الريش اليابانى، لتقضى بقية شهر رمضان بها بناءً على تعليمات الأطباء، ثم تحويلها لمعهد الأورام.
"أنا مش حاسة هنا بالأيام، واليوم بيمر كأنه سنة"، هكذا بدأت أم نورهان حديثها لـ"اليوم السابع"، حيث قالت: "أشعر بالوحدة الشديدة وأنا فى المستشفى بعيدا عن أهلى فى شهر رمضان واستعدادات العيد، فضلا عن ذلك هو اشتياقى الدائم لأبنائى وزوجى الذين يقضون رمضان بمفردهم فكل ما أستطيع فعله هو المحادثات التليفونية أو مكالمات الفيديو.
وأضافت أم نورهان: حتى ابنتى نورهان تشعر بالوحدة وعدم الفرحة بشهر رمضان، وذلك لأن الأطباء أجبروها على عدم الصيام نظرا لظروفها الصحية، فى بداية الأمر رفضت الطعام وفضلت الصيام مثل باقى الناس ولكن الأطباء أقنعوها.
أحمد يتغلب على الألم بالرسم
ورشة الفن
"أحمد الرسام" هو الاسم الذى أطلقه عليه أصدقاؤه بالمستشفى، حيث إنه موهوب بالرسم والتلوين، ومن أشهر الأطفال بورشة الفن بمستشفى أبو الريش اليابانى.
يبلغ احمد من العمر 13 عاما، ويعانى من صديد والتهاب فى الركبة وميكروب فى الدم، ويعيش على المضادات الحيوية والأدوية الأخرى التى وصفها الأطباء له فى المستشفى التى يجلس فيها منذ شهر وحتى الآن لن يكتب له الأطباء على خروج.
"على الرغم من الفقرات الترفيهية فى المستشفى ولكن أحمد مشتاق جدا لأصحابه ونفسه يخرج"، هكذا بدأت والدة أحمد التى ترافقه فى المستشفى حديثها لـ"اليوم السابع"، حيث قالت: "منذ بداية شهر رمضان ونحن فى المستشفى لتلقى العلاج وتشخيص حالة ابنى ولكن منتظرين رأى الأطباء فى حالته، ومن المفترض ان نقضى العيد هنا".
وأضافت أم أحمد: "ابنى من الموهوبين فى الرسم والتلوين والحمد لله المتطوعون فى المستشفى كسروا الملل الذى يشعر به من خلال ورش الفن والرسم، ولكنه ما بين الفترة والأخرى يشعر بالضيق والألم ويشتاق لأصدقائه، خصوصا أننا مقبلون على العيد، فمهما كان لن نشعر بالسعادة ونحن بين جدران المستشفيات فى أجمل أيام السنة.
العبادة فى كل مكان
"أم أحمد" واحدة من الأمهات التى تخلت عن بيتها وأسرتها وأجواء رمضان لتعيش داخل إحدى العنابر بالمستشفى، ولا تشتكى من الجلوس الطويل بها فكل ما تتمناه هو شفاء طفلها وإجراء العملية فى أسرع وقت.
"مش مشكلة إنى أحس برمضان والعيد، المهم ابنى يبقى كويس وسط اخواته" بهذه الكلمات عبرت أم أحمد عن معاناتها مع طفلها الصغير، الذى لم يتجاوز الشهرين ويعانى من انسداد فى القنوات المرارية.
وقالت أم أحمد لـ"اليوم السابع": "لا يهمنى الجلوس بالمستشفيات بين غرف الطوارئ والعمليات فى أجمل أيام السنة - شهر رمضان وعيد الفطر - ولكن كل ما أتمناه هو شفاء ابنى وإجراء العملية له، فالمستشفى توفر لنا وجبات الإفطار والسحور والمتطوعون يسعدون الأطفال بالحفلات الخيرية والفقرات الترفيهية".
وأضافت أم أحمد: "شهر رمضان يعنى العبادة، والعبادة لا تقتصر على مكان محدد، فلن أقصر يوما واحدا فى العبادة خلال شهر رمضان فى المستشفى سواء فى الصيام او الصلاة وقرأة القرآن، وإن شاء الله نخرج فى القريب العاجل ولكن بعد الاطمئنان على صحة ابنى".
الانتظار دون نهاية
تبدو صبورة فى هيئتها وبشوشة ومبهجة رغم مرافقتها لابنها "أحمد" صاحب الـ3 سنوات فى المستشفى داخل عنبر الأطفال الذين يعانون من التهاب القولون، تتحمل صراخ ابنها الذى لم يتوقف عنه لحاجته لتناول الطعام الممنوع عنه.
"ادونى معاد متأخر فى العملية وبقالى كتير فى المستشفى"، هكذا بدأت حديثها لـ"اليوم السابع"، حيث يجلس الطفل فى المستشفى منذ فترة طويلة وحتى الآن لم يتحدد موعد قريب لإجراء العملية، وهو الأمر الذى اضطرها للجلوس داخل المستشفى برفقة طفلها.
لا تشعر الأم المكلومة بأجواء رمضان والعيد بسبب إقامتها الطويلة التى تصل لشهر آخر، حتى أن يتم ابنها العملية، واصفة ما تشعر به: "مش حاسة برمضان وهفضل للعيد، وقلبى وجعنى على ابنى من قلة أكله"، وقالت لـ"اليوم السابع": "أنا مش عاوزة حاجة غير إن ابنى يعمل العملية عشان نطلع من المستشفى ونعيش حياتنا بشكل طبيعى".
بلالين وزينة لفرحة الأطفال
رسم على الوش
"بلالين وزينة وحفلات لتعويض الأمهات عن المناسبات"، ولان الدنيا لسه بخير متطوعو مستشفى أبو الريش اليابانى لمّوا الشمل وعوضوا الأمهات وأبنائهن المرضى عن الحرمان من بهجة العيد ورمضان.
قالت الدكتورة علا عبد الجليل، أحد أعضاء فريق بداية حياة المسئول عن ورشة العلاج بالفن فى مستشفى أبو الريش اليابانى، إن الدعم النفسى من أهم طرق العلاج وخصوصا عند الأطفال المرضى، وهو دورنا فهناك يوميان فى الأسبوع مخصصان لورشة فنية، وهى عبارة عن جلسات رسم وتلوين وفقرات ترفيهية.
وأضافت د. علا: يفتقد الأطفال بهجة المناسبات لذلك نعوضهم دائما ونشعرهم ببهجة الأعياد من خلال الحفلات وتزيين المستشفى، ففى رمضان نوزع الفوانيس والهدايا على الأطفال فى الغرف، كما أننا ننظم حفلات إفطار وسحور ، أما فى الأعياد فنقدم لهم الهدايا البسيطة والعديات المزينة بالبلالين".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة