آية و5 تفسيرات .. ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم

الأربعاء، 13 يونيو 2018 07:00 م
آية و5 تفسيرات .. ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم قرآن كريم
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نواصل، اليوم، سلسلة "آية و5 تفسيرات" التى بدأناها منذ أول رمضان، ونتوقف عند آية من الجزء الثامن والعشرين، هى الآية رقم 19 من سورة الحشر، والتى يقول فيها الله سبحانه وتعالى "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ".
 

تفسير بن كثير

عن جرير بن عبد اللّه قال: كنا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى صدر النهار قال، فجاءه قوم حفاة عراة، مجتابى النمار أو العباء، متقلدى السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، فتغّير وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، لما رأى بهم من الفاقة، قال، فدخل ثم خرج، فأمر بلالاً فأذن، وأقام الصلاة فصلّى، ثم خطب فقال: { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة} - إلى آخر الآية، وقرأ الآية التى فى الحشر - { ولتنظر نفس ما قدمت لغد} - تصدق رجل من ديناره من درهمه، من ثوبه، من صاع بر، من صاع تمرة، - حتى قال - ولو بشق تمرة. قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتهلل وجهه، كأنه مذهبة، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (من سنَّ فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شىء، ومن سنَّ فى الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) "أخرجه مسلم والإمام أحمد"، فقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه} أمر بتقواه وهو يشمل فعل ما به أمر، وترك ما عنه زجر، وقوله تعالى: { ولتنظر نفس ما قدمت لغد} أى حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم، { واتقوا اللّه} تأكيد ثان { إن اللّه خبير بما تعملون} أى اعلموا أنه عالم بجميع أعمالكم وأحوالكم لا تخفى عليه منكم خافية، ولا يغيب عنه من أموركم جليل ولا حقير، وقوله تعالى: { ولا تكونوا كالذين نسوا اللّه فأنساهم أنفسهم} أى لا تنسوا ذكر اللّه تعالى فينسيكم العمل لمصالح أنفسكم، فإن الجزاء من جنس العمل، ولهذا قال تعالى: { أولئك هم الفاسقون} أى الخارجون عن طاعة اللّه، الهالكون يوم القيامة، الخاسرون يوم معادهم، كما قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر اللّه ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون}. خطب أبو بكر الصدّيق رضى اللّه عنه فقال: أما تعلمون أنكم تغدون وتروحون لأجل معلوم، فمن استطاع أن يقضى الأجل، وهو فى عمل اللّه عزَّ وجلَّ، فليفعل، ولن تنالوا ذلك إلا باللّه عزَّ وجلَّ، إن قوماً جعلوا آجالهم لغيرهم فنهاكم اللّه عزَّ وجلَّ أن تكونوا أمثالهم { ولا تكونوا كالذين نسوا اللّه فأنساهم أنفسهم} ، أين من تعرفون من إخوانكم؟ قدموا على ما قدموا فى أيام سلفهم، وخلوا بالشقوة والسعادة، أين الجبارون الأولون الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحوائط؟ قد صاروا تحت الصخر والآبار، هذا كتاب اللّه لا تفنى عجائبه، فاستضيئوا منه ليوم ظلمة، واستضيئوا بسنائه وبيانه، إن اللّه تعالى أثنى على زكريا وأهل بيته فقال لهم: { إنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين} ، لا خير فى قول لا يراد به وجه اللّه، ولا خير فى مال لا ينفق فى سبيل اللّه، ولا خير فيمن يغلب جهله حلمه، ولا خير فيمن يخاف فى اللّه لومة لائم) ""أخرجه الحافظ الطبرانى، قال ابن كثير: إسناده جيد ورجاله كلهم ثقات"". وقوله تعالى: { لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة} أى لا يستوى هؤلاء وهؤلاء فى حكم اللّه تعالى يوم القيامة كما قال تعالى: { أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} ، وقال تعالى: { أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض أم نجعل المتقين كالفجّار} ، ولهذا قال تعالى ههنا: { أصحاب الجنة هم الفائزون} أى الناجون المسلَّمون من عذاب اللّه عزَّ وجلَّ.

 

تفسير الجلالين

{ ولا تكونوا كالذين نسوا الله } تركوا طاعته { فأنساهم أنفسهم } أن يقدموا لها خيرا { أولئك هم الفاسقون } .

 

تفسير الطبري

الْقَوْل فِى تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: { وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ نَسُوا اللَّه فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره: وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ تَرَكُوا أَدَاء حَقّ اللَّه الَّذِى أَوْجَبَهُ عَلَيْهِمْ { فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسهمْ } يَقُول: فَأَنْسَاهُمْ اللَّه حُظُوظ أَنْفُسهمْ مِنْ الْخَيْرَات. وَبِنَحْوِ الَّذِى قُلْنَا فِى ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 26274 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ: ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان { نَسُوا اللَّه فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسهمْ } قَالَ: نَسُوا حَقّ اللَّه , فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسهمْ ; قَالَ: حَظّ أَنْفُسهمْ. الْقَوْل فِى تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: { وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ نَسُوا اللَّه فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره: وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ تَرَكُوا أَدَاء حَقّ اللَّه الَّذِى أَوْجَبَهُ عَلَيْهِمْ { فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسهمْ } يَقُول: فَأَنْسَاهُمْ اللَّه حُظُوظ أَنْفُسهمْ مِنْ الْخَيْرَات. وَبِنَحْوِ الَّذِى قُلْنَا فِى ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 26274 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ: ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان { نَسُوا اللَّه فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسهمْ } قَالَ: نَسُوا حَقّ اللَّه , فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسهمْ ; قَالَ: حَظّ أَنْفُسهمْ. ' وَقَوْله: { أُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَسُوا اللَّه , هُمْ الْفَاسِقُونَ , يَعْنِى الْخَارِجِينَ مِنْ طَاعَة اللَّه إِلَى مَعْصِيَته .وَقَوْله: { أُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَسُوا اللَّه , هُمْ الْفَاسِقُونَ , يَعْنِى الْخَارِجِينَ مِنْ طَاعَة اللَّه إِلَى مَعْصِيَته .'

تفسير القرطبى

قوله تعالى { ولا تكونوا كالذين نسوا الله} أى تركوا أمره { فأنساهم أنفسهم} أن يعلموا لها خيرا؛ قال ابن حبان. وقيل: نسوا حق الله فأنساهم حق أنفسهم؛ قال سفيان. وقيل { نسوا الله} بترك شكره وتعظيمه. { فأنساهم أنفسهم} بالعذاب أن يذكر بعضهم بعضا؛ حكاه ابن عيسى. وقال سهل بن عبدالله { نسوا الله} عند الذنوب { فأنساهم أنفسهم} عند التوبة. ونسب تعالى الفعل إلى نفسه فى { أنساهم} إذ كان ذلك بسبب أمره ونهيه الذى تركوه. وقيل: معناه وجدهم تاركين أمره ونهيه؛ كقولك: أحمدت الرجل إذا وجدته محمودا. وقيل { نسوا الله} فى الرخاء { فأنساهم أنفسهم} فى الشدائد. { أولئك هم الفاسقون} قال ابن جبير: العاصون. وقال ابن زيد: الكاذبون. وأصل الفسق الخروج؛ أى الذين خرجوا عن طاعة الله.

تفسير الوسيط لـ طنطاوى

وبعد هذا الأمر المؤكد بالتقوى، جاء النهى عن التشبه بمن خلت قلوبهم من التقوى، فقال- تعالى-: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ....

أى: تمسكوا- أيها المؤمنون- بتقوى الله- تعالى- ومراقبته والبعد عن كل مالا يرضيه. واحذروا أن تكونوا كأولئك الذين تركوا التكاليف التى كلفهم الله- تعالى- بها، فتركهم- سبحانه- إلى أنفسهم، بأن جعلهم ناسين لها، فلم يسعوا إلى ما ينفعها، بل سعوا فيما يضرها ويرديها.
فالمراد بالنسيان هنا: الترك والإهمال، والكلام على حذف مضاف. أى: نسوا حقوق الله- تعالى- وما أوجب عليهم من تكاليف.
والفاء فى قوله: فَأَنْساهُمْ للسببية، أى: أن نسيانهم لما يجب عليهم نحو أنفسهم من تهذيب وتأديب.. كان سببه نسيانهم لما يجب عليهم نحو خالقهم من طاعته وخشيته.
ثم بين- سبحانه- سوء مصيرهم فقال: أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ أى: أولئك الذين تركوا ما يجب عليهم نحو خالقهم ونحو أنفسهم، هم الفاسقون عن أمره، الخارجون على شريعته ودينه، الخالدون يوم القيامة فى العذاب المهين.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة