ماهر المهدى

نعم ولكن.. السياحة المعاملة

الجمعة، 01 يونيو 2018 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتدفق الناس على كل موقع سياحى لا لترى شيئا محددا، لكن لتشعر بتغير وترى وجوها بشوشة ومناظر نظيفة وحلوة، وتتسوق قليلا، وتطالع بعضا من لطيف عادات وتقاليد شعب آخر، وربما تزور موقعا أو معلما ثقافيا أو فنيا أو تاريخيا. 
 
وعندما يزور السائح موقعا ثقافيا أو فنيا أو تاريخيا أو معلما مهما من معالم البلد المضيف – مثل قصر الرئاسة فى الولايات المتحدة الأمريكية – فإنما يتوقع السائح طبعا أن يرى كل ما هو مشرق ومرتب ومهندم ونظيف وطيب الرائحة وباعث على النجاح ومبشر بالأمل مخبر بكل ما هو مدعاة للفخر والاحترام فى حياة الشعب المضيف. وفى كل الأحوال فإن السائح الذى يتطلع إلى زيارة بلد ما، لا يتوقع إلا أن يعامل معاملة طيبة - إن لم تكن مميزة لكونه ضيفا - سواء فى الطريق أو فى المحال التجارية أو موقف التاكسى أو موقف المواصلات العامة أو فى المطار ومحطات القطارات.
 
ولا يطلب السائح ولا يتوقع سوى أن يلقى معاملة طيبة - أو معاملة الرجل المعتاد كما يقولون فى القانون - عندما يتردد على منطقة شعبية أو على أحد الشواطئ أو على قسم من أقسام الشرطة، ولا يرجو السائح - أيا كان - سوى أن يعامل باحترام عندما يتعامل مع سائق سيارة أجرة، وأن تحترم خصوصيته فى تنقلاته، فلا يتطفل عليه أحد ولا يفرض عليه أحد نفسه - ليبيع منتجا أو يتعرف إلى السائح - ويجد السائح وقتا لنفس ليستمتع بالمكان الذى أنفق ماله على زيارته وجاءه حالما بوقت سعيد ليس إلا.
 
نعم، وقت سعيد.. السياحة تعنى وقتا سعيدا فى المجمل، ولا تعنى شيئا آخر. فكل مكان لا يجد فيه الإنسان سعادة لا يمكن أن يكون مكانا للسياحة، فإذا كانت المسألة مسألة ارتياح وسعادة، فلا داعى لأن نشغل أنفسنا بالسياسة، لكن علينا أن نشغل أنفسنا بأنسفنا وبتطوير أحوالنا فى كل جانب من جوانب الحياة، بحيث تصبح بلدنا مكانا جاذبا لمن يبحث عن رحلة استجمام ورحلة سعادة ورحلة ثقافية بهيجة. فحتى من يستهدفون السياحة الثقافية وسياحة المتاحف يتمنون لأنفسهم رحلة فرح وسرور. وما الثقافة وما الفن إلا مصدرين مصادر البهجة والرقى والسرور.
 
قد نهتم كثيرا بمخاطبة الخارج، من دول ومؤسسات حكومية ومعارض دولية وشركات ونتقرب اليهم ونسألهم الاهتمام بمصر كمقصد سياحى وننفق على هذه الاتصالات الكثير من المال ومن الجهد ومن الوقت دون أن نحصد الكثير، وليس ذلك بغريب. فالسياحة سلعة يبحث عنها السائح نفسه  قبل أن يبحث عنه مروج السياحة - ويفتش عنها، لأنه يفتش عن سعادته وعن راحته وعن البلد التى يمكن أن ينفق ماله على نزهة اليها ويعود منها بذكريات جميلة ونفس متطلعة الى استئناف نشاطها ومهامها المهنية والحياتية بإقبال وإصرار . ولا يهم السائح اللافتات الكبيرة والإعلانات الكثيرة والمعارض الفخمة ، ما دام المحتوى لا يقدم الى السائح ما يصبو اليه من أمنيات مشروعة مقابل ما يدفعه وينفقه من ماله الخاص.
 
آن الأولى بالنسبة إلينا كبلد سياحى يعتمد على السياحة كمصدر مهم من مصادر دخله ويأمل فى مضاعفة دخله هذا من السياحة، أن نتجه إلى الداخل باهتمامنا الأكبر والعظم والصادق، فنجمل الشوارع وننظفها فى كل مكان - وليس فى مكان دون آخر - ونقدم دورات تثقيفية لسائقى التاكسى، ولو كجزء من مصوغات الحصول على رخص التاكسى ورخص القيادة، لكى يحسن سائق التاكسى التعامل مع السائح ويتفهم أهميته بالنسبة الى مصر وأهمية الالتزام بالقيم من السلوك مع السائح.
 
علينا أن نتجه إلى الداخل باهتمامنا الأكبر وأن ننفق جهدنا ومالنا على برامج توعية للمواطن المعتاد ليعرف أن السياحة صناعة اساسها حسن المعاملة وحسن الضيافة ، وأن ننفق على تجميل شواطئنا وتنظيفها وتنظيف اسواقنا وتنظيمها أيضا . فالسوق فى كل بلد مزار، ولو كانت سوق خضار . والسائح يتوق الى التعرف الى طبع أهل البلد، ومعرفة ما يحبون وما يشتهون وما يفضلون وما يبيعون وما يشترون فى أسواقهم، ويحب أن يرى كيف يتعاملون فى بيعهم وفى شرائهم ، ولا يتوق الى شراء المستورد من بلده أو الى السياحة فى أماكن لا يتردد عليها إلا السائحون فقط.
 
إن الخوف من النقد أو من الفشل قد يدفع البعض أحيانا إلى الاستمرار فيما وجده سار من تفكير ومن ممارسات أملا فى النجاة دون النجاح الذى قد لا يأتى على هذا النحو، فالحياة تحديات كثيرة، وعلى المسئول الراغب فى النجاح أن يعبر عن نفسه وعن آرائه وأن ينفذ ما يراه صوابا ومحققا للأهداف وللطموحات، وألا يكثر من الحسابات والمواءمات التى قد تشل تفكيره وتبقيه مقيدا قعيد أفكار وأساليب قديمة ثبت فشلها ولم تأت بنجاح، لكن أتت بإنفاق كثير لم يقابله دخل . حفظ الله مصر دولة مدنية يتساوى الجميع فيها فى الحقوق والواجبات ، وحفظ رئيسها ووفقه اإلى الخير.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة