- هناك نوعان من الثقة: ثـــقةٌ تُــمنَح .. وثـــقةٌ تــُـكتَـسب ... فــأمــا الثقة الممنوحة فقد تتحول في يومٍ من الأيام إلى ثقةٍ مكتسبة ... وأما العكسُ فغيرُ صحيح: إذ أن الثقة المكتَسَبَة لا تتحول أبداً إلى ثقةٍ ممنوحة ... وأهمُّ خوارزمياتِ الاثنتين يكمن في مدى تناغم معظم طرفي الثقة: المانح والممنوح، ورصيد المبادئ المتوافر لدى الطرفين قبل المنح أو الاكتساب وخلالهما وبعدهما.
- في عالم النباتات هناك نوعٌ من النباتات يسمى الطحالب؛ ونوعٌ آخر يسمى نبات الهالوك ... ينموان حول جذور النباتات ... وفي عالم الإنسان هناك ما يقابل ذلك تماماً بتمام ... فكما أن هذين النوعين من النبات يعيشان على امتصاص الغذاء الخاص بالنباتات المفيدة والمثمرة، ولا يـوصِّلان لأي عنصر في البيئة بعدهـما، بل يتمحوران دوماً حول ذاتهما ... فكذلك يوجد في عالم الإنسان أناسٌ كثيرون ... يتحوصلون حول ذواتهم ... يأخذون مساحةً كبيرة حول العناصر النافعة والمنتجة ... وظيفتهم امتصاص أسباب النمـو والنجاح من حولهم ... وعرقلة نموههم ... وتأخير نفعهم ... بل وربما إبــادتهم ... وكثيرٌ مَّــا هم.
- الرفاهيةُ في اتخــاذ القــرارات حــقٌّ قد يُقبل فقط ممن لا تضره نتائجهـا، والمخلص بــلا قـوة .. يعجــز عن الصدع بالحــق، والقوي بـــلا إخلاص ... يُخــذل.
- يستحيي كثيرٌ من الرؤساء أو المديرين من استخدام لفظ (الأمر) في التعبير عما يريدونه من موظفيهم أو مرؤسيهم ... كما يستنكف الموظفون والمرؤوسون من سماعها ... فاستوقفتني الآية القرآنية التي يخاطب الرب – جل في علاه - (المدير) يخاطب رســولــه – صلى الله عليه وسلم - (الموظف أو المرؤوس) قائلاً: "فاستقم كما أُمرتَ ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير" ... ولم يزد الرسول – صلى الله عليه وسلم - (الموظف) إلا أن قال – صلى الله عليه وسلم: "شيبتني هـــود وأخواتها"، ولما سئل - صلى الله عليه وسلم: وما شيَّبَك منها يا رسول الله؟ فأجاب: "فاستقم كما أمرت".
- مهما كان الفكر ناقداً وقوياً ... والاستقراء للواقع صحيحاً وعظيماً ... والنية الصالحة متوفرة وموجودة ... والإمكانــات ضخمة ومتاحة ... فإن سلوك الأفراد لن يطرأ عليه أي تغييرٍ يُذكر ... إلا إذا توافرت بعض الظروف والاستراتيجيات التي تجبر رئيس العمل والمرؤوسين للضَّرب على دفٍ واحدٍ، وبــإيقـاعٍ واحد .. فيُخْرِجُونَ عندئذٍ أصواتاً متناغمة يمكن سماعها ... وإلاَّ ضرب كلُّ واحدٍ على دُفِّــه الخاص ... فكان النشازُ عينَ النشاز .
- أحياناً .. يفضل أهل المبادئ اضطرارياً التمحور حول الذات .. حفاظاً على مبادئهم من الانهيار أو التحول ... وفي أحيانٍ أخــرى .. يخوضون معاركَ فاشلةٍ مع بعض الجهال فيفقدون أصلاً ذواتَهم التي يتمحورون حولها .. وعندئذٍ يختارون لأنفسهم أخف الضررين ... وفي كلٍّ شر مستطير ... ووبالٌ عظيم .. في الحالة الأولى يكسبون جزءاً لذواتهم، ويخسرهم مجتمعهم كليةً ... وفي الحالة الثانية يكسبهم مجتعهم جزئياً .. وقد يخسرون ذواتهم كلياً.
وفي الحالتين: ينعدم نفعهم ... ولا ترجى فائدتهم ... وتُكبِّرُ عليهم مجتمعاتهم أربعَ تكبيرات ... ولا مـــانع من وجـــود بعض مصمصة الشفاه ... وقليل من عبارات الأسى والحسرة ... فهذا أفضل ما يحسنه الكسالى والخاملون لبناء مجتمعاتهم وأوطانهم، ولله در الفلاح الفصيح إذ قال: الاتكال على حمارك .. خير من الاتكال على حصان جارك.
• مدرس اللغويات والترجمة بكلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة