قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن الخلاف بين صفات الله هى مسألة علمية بحثية بحتة، كما أن عموم المسلمين أبرياء من هذا الجدل العلمي، مشيراً إلى أن مذهب أهل السنة هو أن نثبت لله تعالى كل صفة أثبتها لنفسه فى القرآن من صفات، أو وردت بها الأحاديث الصحيحة، وكذلك يجب أن ننفي عنه كل صفة نفاها عن نفسه أو نفاها عنه رسول الله ﷺ، من غير أن نكلف أنفسنا عناء البحث فى كيفية هذه الصفات؛ لأن البحث فى كيفياتها لا ينتهى إلا إلى المزيد من الحيرة والغموض.
وأضاف فضيلته خلال برنامج "الإمام الطيب"، أن الإيمان بالقضاء والقدر أصلٌ من أصول العقيدة في الإسلام، وهو ركنٌ من الأركان التي لا يتم إيمان المرء إلا بالإيمان به واعتقاده اعتقادًا جازمًا؛ فهو جزءٌ من العقيدة، وركنٌ من أركانها، مبيناً أن معنى القضاء هو الإرادة الإلهية الأزلية المتعلقة بالأشياء على الوضع الذي ستوجد عليه مستقبلًا، أو فيما لا يزال، أما القدر فمعناه إيجاد هذه الأشياء بالفعل على قدر معين وترتيب مخصوص في ذواتها وأحوالها.
وأوضح فضيلة الإمام الأكبر، أن الإيمان بالقضاء والقدر يثبت من طريقي النقل والعقل، فأما النقل فهو قوله ﷺ في بيان معنى «الإيمان»: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله، وتؤمن بالبعث، وتؤمن بالقدر كله»، فالإيمان بالقدر في هذا النص النبوي الواضح قرين الإيمان بالألوهية والنبوة والغيب، وأما الطريق العقلي فهو ما تقدم من ثبوت صفة العلم والإرادة والقدرة لله تعالى، حيث أن ثبوت هذه الصفات الأزلية لله سبحانه يقتضي لا محالة شمول العلم والإرادة والقدرة لكل معلوم ومراد ومقدور، لا يستثنى من ذلك شيءٌ مهما كان عظيمًا أو تافهًا.
وأشار فضيلته، إلى أن القدر سر من أسرار الله سبحانه وتعالى محجوبٌ عن العبد لا يعلمه ولا يدريه من قريب ولا من بعيد، فكيف يمكن أن يتخذ المجهول الذي لا يعرف حجةً أو تعلةً لاقتراف الذنوب والآثام، موضحاً أن هذه الذنوب والآثام إنما تقترف -حين تقترف- نتيجة اتباع الهوى والشيطان، وكل ذلك إنما يحدث عن اختيار الإنسان وقراره عن رضًا وإرادة ومشيئة لسلوك طريق الشر والانحراف عن طريق الخير، ومن هنا كان الاحتجاج بالقدر اجتراءً على الله تعالى وافتراءً عليه.
واختتم فضيلة الإمام الأكبر حديثه، بأن بعض المتسرعين في قراءة موضوع القضاء والقدر يزعمون أن الإيمان بالقدر يستلزم الإيمان بكون الإنسان مجبورًا ومرغمًا ومسلوب الإرادة فيما يأتي وفيما يدع من إرادات وأفعال، وهو زعمٌ باطلٌ وادعاءٌ كاذبٌ، لافتاً إلى أن الدليل القاطع على كذب هذا الادعاء هو ما يحسه الإنسان ويشعر به شعورًا واضحًا من أن له مشيئةً وإرادةً يختار بها هذا الشيء أو ذاك، وإحساسه بأنه إن اختار فعلًا وعزم عليه فإنه باستطاعته أن يفعله، وإن اختار تركه فباستطاعته أن يتركه، وهو ما يؤكد على أن الإنسان ليس مجبورًا ولا مرغمًا ولا مسلوب الإرادة فيما يأتي وفيما يدع من أفعاله الاختيارية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة