أكرم القصاص - علا الشافعي

د.أيمن رفعت المحجوب

نظرية الافتقار النسبى

الجمعة، 25 مايو 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حاول أصحاب المدرسة الاشتراكية الحديثة، والتى نشأت فى فرنسا، أن يعالجوا استحالة التوفيق بين مبدأ البؤس الدائم، مطرد الزيادة، وبين الواقع العملى، من تحسن حال العمال مع تطور العالم الرأسمالي.
 
فقد أرجعوا ذلك إلى أنه ربما فعلاً قد يكون صواباً أن مستوى حياة العمال قد ارتفعت بدلاً من أن تنخفض ، إلا أن هذا لا يعدوا في الأساس كونه استثناء محلياً مؤقتاً يعود إلى القاعدة العامة القائلة بأن الرأسمالية كنظام عالمي لا بد وأن تنبع بؤساً مطرد الزيادة ، إذ أنه من المسلًم به أن ذلك البؤس هو فعلاً ما حققته في حياة مئات الملايين من البشر الذين استبعدتهم في محمياتها ومستعمراتها الاقتصادية ، والدول التابعة للبلدان الرأسمالية الكبرى حول العالم. حيث أن الأرباح الفاحشة الكبيرة الناتجة عن استغلال ثروات تلك الدول التابعة ، هي وحدها التى مكنت الدول الرأسمالية الكبرى (وحتى اليوم في دول مثل بلاد النفط في الخليج والزراعة في أفريقيا وجنوب أمريكا) من رفع مستوى حياة عمال بلادهم فقط في الغرب ، على حساب باقي عمال وفلاحين العالم من تلك البلاد المغلوبة على أمرها في درك البؤس والحرمان.
 
(انظر إلى الوضع في ليبيا واليمن والعراق وسوريا والسودان والصومال وأثيوبيا ونيكارجوا وبورتوربكو وكوبا ودول اخرى) .
 
إلا أنه يمكن الطعن والرد على الفكر الاشتراكى الحديث أيضاً ، بأنه ما من شك في أن هذا الاستعمار الاقتصادى الجديد من خلال الشركات الكبرى عابرة القارات بشكل عام قد ساعد الدول الرأسمالية المتقدمة مساعدة كبيرة ، إلا أن الأرقام لا تشير إلى أن ذلك كان العامل الوحيد ، أو الأساسى فى رفع مستوى حياة عمال تلك الرأسماليات قد تخلت الآن، طوعاً أو كرهاً ، عن الأقسام العظمى من إمبراطورياتها الاقتصادية ، إما لأصحاب البلاد الأصليين أو إلى شرق أسيا. ورغم هذا كله لم تنعكس نتائج وبيلة على مستوى حياة شعوبها وعمالها على الإطلاق ، إلا في ارتفاع طفيف موسمى فى معدلات البطالة.
 
وقد وضع لنا الجيل الثانى من مدرسة الاشتراكية الحديثة فى أواخر القرن العشرين، وبخاصة فى النمسا، حيث حاولوا مجدداً إعادة النظر فى القضية على ضوء الكيفية التى صار إليها التطور الحقيقي فى توزيع الدخل القومى، فطلعوا بمبدأ "الافتقار النسبى" وهو يتلخص فيما يلي: صحيح أن مستوى حياة العمال في الدول الرأسمالية الكبرى قد ارتفع كثيراً بدلا من أن ينخفض ، إلا أن حصتهم من مجمل الناتج المحلى الإجمالى العام فى بلادهم قد تقلصت ، فإذا لم يكن العمال أسوا حالاً اليوم بصورة مطلقة ، فهم كذلك نسبياً.
 
وهذا ما يتركنا بسؤالين هامين وهما؛ أولا: هل ارتفع مستوى أجور العمال ورواتبهم ومتمماتها من الخدمات الاجتماعية والصحية ؟ وثانياً: هل تمت إعادة النظر في توزيع الدخل القومي لمصلحة الفئات العاملة ، بما يحقق العدالة الاجتماعية؟!  
 الأمر الذي يتطلب  فرد مقال أخر للإجابة على هذه الأسئلة.   
 
• أستاذ الاقتصاد السياسي والمالية العامة –  جامعة القاهرة .









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة